ذهب نتنياهو لضرب إيران لتحقيق هدف إستراتيجي له، ألا وهو القضاء على التهديد النووي والصواريخ البالستية، وقد شن خلال 12 يوما هجوما كاسحا على إيران، عبر عملاء الداخل والقوة الجوية الضاربة لإسرائيل. وقد تمكن نتنياهو من استجلاب العون الأمريكي وتسليط الولايات المتحدة على البرنامج النووي بضرب ثلاث مفاعلات نووية تحتضن البرنامج النووي الإيراني عبر صواريخ نوعية قادرة على اختراق التحصينات والأماكن العميقة والتي تتجاوز ٦٠ مترا تحت الأرض.
كانت الهجمات الإسرائيلية حقيقة برعاية بريطانية أمريكية، وإن كانت بمبادرة من نتنياهو، وقد ظلت الدولتان تلوحان بالتهديد ضد أي ضربات انتقامية إيرانية تستهدف قدرات الكيان، لهذا وبرغم القصف الصاروخي الإيراني إلا أن الآثار التدميرية لم تصل إلى مستوى العظم، نعم تدمرت مبان ومنازل ومرافق عدة لكنها لم تبلغ مستوى التأثير الإستراتيجي، على عكس الضربات الإسرائيلية الموجعة التي طالت قيادات إيرانية عسكرية وعلماء نوويين وشخصيات عليا، وبنى إستراتيجية.
هذا التفاوت ليس لأن الأمر مسرحية، ولكن لأن إيران في مواجهة مع الكيان المحتل ومن ورائه القوى الغربية ودول في المنطقة، في حين أنها فيما يبدو مكشوفة الظهر، إذ أن روسيا غير قادرة على إمدادها والصين لا ترغب الدخول في حرب خاسرة أساسا، فإيران لم تكن الراهن الرابح، خلافا لباكستان، فضلا عن أن إيران لم تكن جادة في المواجهة حد التهديد الوجودي للغرب في المنطقة لأنها قلقة من مستقبلها في المنطقة إذا فقدت التخادم الذي أتاح لها اجتياح 4 عواصم عربية.
لهذا ظلت قنوات الاتصال قائمة مع الغرب رغم وجود الضربات المتبادلة، فضلا عن أن إيران حصرت مواجهاتها مع إسرائيل في إشارة ضمنية إلى أن الصراع صراع نفوذ لا وجود، وصراع تنافس لا عداء مطلق.
وفي حين كنا نأمل أن تكون إيران صادقة في نصرتها لغزة، وفي استهدافها الكيان المحتل بإصابته في مقتل، إلا أن النتائج الآن تقول إن إيران كانت مرتعشة اليدين، مكشوفة الظهر، محدودة الأهداف، قصيرة النظر، كثيرة العداوات في الداخل والمحيط، متخلفة القدرات حد أنها ذهبت لبناء قدرات نووية وصاروخية لم تتمكن من حمايتهما، ولم تحسن توظيفهما!
انتهى المدد الإيراني وتبقى غزة وحدها صامدة، تتقن الكر والفر وتضرب العدو وتقطف رؤوس جنوده، وتثبت أن الصدق أبلغ من الدجل وأنه ما حك جلدك مثل ظفرك. وأن فئة مؤمنة قليلة قادرة على أن تغلب فئة كثيرة مجرمة، رغم التخاذل والخيانة.
ما يقلق بحق أن ضرب إيران وتراجعها سيغري الكيان المحتل بمزيد عدوان على غزة دون رادع من أي طرف إقليمي أو دولي، سوى الله، والله على كل شيء قدير.