د. أنور الخضري يكتب: بين إيران وإسرائيل
دولة إسرائيل تأسست على فكرة تيودور هرتزل، الذي أراد بعث اليهود من مرقدهم وشتاتهم وويلات العذاب التي لحقت بهم ليشكل لهم وطنا ودولة، فتمكن من تغيير بوصلة تفكير وأقنعهم بضرورة السعي لإيجاد وطن ودولة. فلما تشكلت قوة مجتمعية يهودية تساند الفكرة، ووضعت خطة لذلك، اتجه الجهد لكسب القوى الغربية ونيل إسنادها. وبالفعل وجد الغرب في الفكرة حلا لكراهيته لليهود ومبادرة في توظيف جموحهم ضد المسلمين. وخلال ٥٠ عاما تأسس الكيان المحتل في ١٩٤٨م.
….
إيران تأسست على فكرة روح الله الخميني الذي رأى ضرورة إخراج الشيعة من عقيدة الانتظار إلى نظرية أكثر واقعية وعقلانية فأعاد إنتاج فكرة الولي الفقيه وصارع لأجلها، وتمكن من إقناع دول غربية لإسناده، وبالفعل وجد إسنادا وقاد ثورة شعبية تأسست دولته على إثرها.
….
إسرائيل وإيران مختلفان:
١- إسرائيل دولة يهودية وتتكون من شعب متاغير تجمعه فكرة القومية الإسرائيلية (شعب الله المختار) والدين اليهودي والأيديولوجيا الصهيونية البعثية، إذ هي تنشد قيام كيان أعظم ليهود بوجود هيكلهم.
وإيران دولة شيعية ترتبط بطوائف شيعية متغايرة تجمعها فكرة الطائفة الشيعية ولديها عقيدة تمهيد للإمام المنتظر والذي سيمتد سلطانه إلى عموم المنطقة.
وهذا سيولد صداما بينهما إذ هما يتنازعان ذات الجغرافيا بنظرة عقدية.
….
٢- شعب إسرائيل لا ينتمي للجغرافيا والتاريخ والمجتمع والديانة واللغة والثقافة، إلا في تاريخ قديم. وشعب إيران يتقاسم مع محيطه الجغرافيا والتاريخ والمجتمع والديانة واللغة والثقافة، وهو يرى نفسه أصيلا في المنطقة، فلا ينبغي للدخيل أن ينازعه نفوذه في المنطقة.
…..
٣- دولة إسرائيل صغيرة المساحة ضئيلة الموارد وتعيش قلقا داخليا وجوديا، أما إيران فدولة كبيرة المساحة وافرة الموارد ومهما جرى داخلها من قلاقل فهي في حدود الحقوق لا الوجود.
ومن ثم فإيران أكثر وزنا من إسرائيل، خصوصا وأن لها محيطا شيعيا يتعاطف معها.
…..
٤- القضاء على النظام الإيراني في الوعي الاستراتيجي الإيراني الحاكم تهديد مطلق سوف تستنفر لأجله كل القدرات والطاقات، وهو أمر ستنافح القوى الشيعية في المنطقة دون حصوله باعتباره سندها السياسي والعسكري والاستراتيجي.
في حين أن إسرائيل تشهد انقساما رسميا على مستوى الدولة، وانقساما مجتمعيا على مستوى الشعب، وكثير من مواطني الكيان المحتل لديهم جنسيات أخرى ومن ثم فهم يفرون عند وجود منعطفات حادة.
…..
٥- إسرائيل تمتلك أسلحة نووية وإيران تسعى لامتلاكه وإذا لزم الأمر ورأى المعسكر الشرقي إسنادها قد تعلن عن امتلاكها سلاحا نوويا في لحظة ما كيما تمتلك قوة ردع ضد إسرائيل والغرب من وراءها.
……
عموما الجغرافيا العربية ستكون ساحة حرب للطرفين، وما لم تملك شعوب المنطقة مشروعا للنهوض والبعث ستكون حبوبا تطحن بين حجري الرحى.