مقالات

د. إبراهيم التركاوي يكتب: [لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ.. بَلْ هُوَ خَيْرٌ]

جرت عادة الكريم جلَّ جلاله مع عباده أن تأتيهم هداياه غالبا عن طريق المكاره،

{وَعَسَى أَنْ ‌تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}

[البقرة: 216].

قد تشتد المحنة بالأنبياء ومَن تبعهم من المؤمنين، ويظن الناس أنهم قد أُحيط بهم، فإذا هي آلام المخاض التي تسفر عن مولود جديد، وبعث مديد..

* ترى، لولا محنة نبي الله «يوسف» بتآمر إخوته عليه ما كانت القمة في حياته، وما مكَّن الله له في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء.

المحنة القاسية طريق العز والتمكين

ما أعجب تصاريف القدر! إن المحنة القاسية كانت الطريق إلى العز والتمكين،

{وكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} [يوسف:21].

* ولو لم يخْرَج الرسول ﷺ من مكة إلى المدينة ما كانت دولة الإسلام، ولا حضارة الإسلام، ولا عمَّ النور مشارق الأرض ومغاربها!

{وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال:30].

* ولو لم يخْرَج عصبة بدر كارهين ما كان يوم الفرقان، ولا استقرت معالم التوحيد في الأرض،

{كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ * يجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ} [الأنفال:5-6].

وإذا تجاوزنا ما سلف من القرون الأولى إلى يومنا نجد السّنَّةَ مطَّرِدة..

فلولا ما حدث ويحدث من بغي الباغين، واعتداء المعتدين؛ ما تنبَّه غافل، ولا استيقظ نائم، ولا تعرَّى عالَم على الظلم والكيل بمكيالين قائم!!

وصدق الله العظيم إذ يقول في كتابه الكريم:

{وَعَسَى أَنْ ‌تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة:216].

د. إبراهيم التركاوي

28 نوفمبر2024م

د. إبراهيم التركاوي

كاتب وباحث وكاتب في الفكر الإسلامي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى