ذكر لنا التاريخ الكثير من مجانين المطامع والأهواء، والباحثين عن المجد الزائف لأنفسهم على حساب غيرهم، ولو كان ثمن ذلك: هلاك الحرث والنسل بالقتل والهدم والتدمير!
وما دروْا هؤلاء أنَّ الذين تقودهم مطامعهم وأهواؤهم، فإنَّما تقودهم إلى مصارعهم وهلاكهم!
لقد كان (أبو جهل) يستطيع العودة بقومه دون أن يُمرِّغهم في هزيمة بدرٍ الكبرى، وما كان لهذه المعركة من معنى -كما عبَّر الشيخ الغزالي رحمه الله- بعد أن نجت القافلة التي هُرعوا لاستنقاذها، ولكنَّ ميل أبي جهل للزعامة والغرور جعله يقول: والله لا نرجع حتى نرِدَ بدرًا، فنقيم ثلاثًا، ننحر الجزور، ونطعم الطعام، ونسقى الخمر، وتعزف علينا القيان، وتسمع بنا العرب، وبسيرنا وجمعنا، فلا يزالون يهابوننا أبدًا!
فكان هذا الغرور هو الذي قاده وقومه إلى الهلاك!
لقد تسببت أطماع (هتلر) التوسعية في وقوع أكثر الصراعات العسكرية الدموية (الحرب العالمية الثانية)، والتي قُدّر إجمالي عدد ضحاياها بأكثر من 60 مليون قتيل، مثّلوا في ذلك الوقت أكثر من 2.5% من إجمالي تعداد السكان العالمي.
وما كان هذا المجنون النازي يدري أنَّ أطماعه التوسعية، هي التي ستقوده إلى هلاكه ومصرعه، وقد قادته، وقُتل منتحرًا بعد أن أطلق النار على نفسه خشية الوقوع في الأسر مع تقدم القوات السوفييتية.
ولمَّا كان أكثر الناس عن عِبَر التاريخ غافلين؛ طالعنا رئيس وزراء الكيان الفاشي بتصريحاته المثيرة حول رؤيته الكبرى لكيانه وأطماعه التوسعية، معتبرًا ذلك (مهمة روحية وتاريخية)!!
وما درى هذا الفاشي المأزوم، أنَّه بهذه التصريحات المثيرة -التي أثارت موجة غضب عالية- يعمل ضد نفسه وضد صالح كيانه الفاشي، وأنه بأفعاله الإجرامية، وأطماعه الجنونية التوسعية التي لا تقف عند حد؛ وتدفعه إلى المزيد من الطغيان؛ يُحدِث رد فعل دائم يتزايد باستمرار، وها هي العديد من المدن والعواصم العالمية، تشهد تظاهرات حاشدة تندد بالإبادة الجماعية واستمرار العدوان على قطاع غزة.
إنَّ القدر الذي جرَّ أبا جهل وهتلر النازي وغيرهما من مجانين المطامع والأهواء، إلى مصارعهم وهلاكهم، سيجرُّ هذا المأزوم الفاشي إلى زواله وزوال كيانه؛ فلم تكن إسرائيل، ومعها مؤيدوها في الولايات المتحدة -كما عبّر أحد المحللين- في حالة عزلة كما هي عليه اليوم، ولم ترَ في تاريخها هذا المستوى من التفتّت الداخلي، وضعف المناعة.. إنَّها مرحلة انهيار الأسطورة وتبخُّر الأوهام!!
{وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} [يوسف:21].
❏ د. إبراهيم التركاوي
14 أغسطس 2025م