د. إدريس أوهنا يكتب: تألم ولا تيأس

ما يجري بأرض فلسطين مؤلم ومؤلم جدا، ومن لا يتألم لآلامهم ويتوجع لأوجاعهم، فليراجع إيمانه وانتماءه واهتمامه.
لكن فرق بين أن تهتم بهم وتشاركهم آلامهم، وتقدم ما تستطيعه نصرة لهم من إسناد مالي، ودعاء، ومقاطعة، ورفض للتطبيع، وتوعية وتثقيف، وخروج للتظاهر والتنديد،
وكل ما يدخل تحت علمك وقدرتك، وبين الشعور باليأس والقنوط، والوقوع في الإحباط والاكتئاب، والعجز والاستسلام، وضعف اليقين، وإساءة الظن بالله رب العالمين.
قد يكون امتحاني وامتحانك هنا بعيدا عن أرض الرباط وساحة العراك أعظم من ابتلاء من يواجه قصف العدو بصدر عار إلا من الإيمان والثبات فيموت شهيدا؛
إذ الثبات والجهاد بالمتاح والمقدور عليه هنا، والمداومة على ذلك، من غير يأس ولا شك ولا استعجال للنتائج، ولا تحقير للأسباب مهما بدت صغيرة..
يتطلب عزما لا يلين، وصبرا من حديد، وإيمانا ويقينا لا يهتز. ولا يقوى على ذلك إلا الأثبات الأقوياء.
فلا تكن ممن يعبدون الله على حرف، أو يعملون لله بشرط، أويقنطون من روح الله، ويتشككون في نصره ومعيته.
إن لله في خلقه شؤونا، وفي مجريات تاريخ البشر سننا وأسرارا وحكما، علمها من علمها وجهلها من جهلها، وكل يوم هو في شأن سبحانه وتعالى.
أد ما عليك أنت، ولن تؤخذ بجريرة غيرك، إنما يرثك الله ما قلت أنت وما فعلت أنت، وستأتيه يوم القيامة فردا.
الوعد بالنصر
وعد الله بنصر المؤمنين، فكن مؤمنا حقا.. وتوعد الله بإهلاك الظالمين وإن سرى عليهم قانون الاستدراج بعد حين، فلا تكن ظالما..
وأمر بإعداد القوة لحماية الحق ورد العدوان، فشارك بما تستطيع في ذاك الإعداد، وهلم جرا.
واعلم أن الله تعالى لم يهلك فرعون عندما شق لموسى عليه السلام البحر، وإنما أهلك فرعون عندما خلق موسى عليه السلام،
وأنه لم يحرر القدس من يد الصليبيين عندما دخلها صلاح الدين فاتحا، بل عندما ولد صلاح الدين…
ولعل إرهاصات أطلت اليوم من غزة والشام، وأحيت الميت في ربوع الأمة قاطبة، هي مقدمات وممهدات لنصر قادم وفتح آت بمشيئة الله، وقل ذلك تحقيقا لا تعليقا.
أعَسُرَ على الله تعالى عندما أراد خلق السماوات والأرض أن يخلقهما بكلمة كن فيكون، عوض أن ينص على خلقهما في ستة أيام؟
قطعا لا، لكنه يعلمنا قيمة الوقت، وقيمة الإنجاز في الوقت، وأن لكل أجل كتابا، فلا تستعجلون.
اللهم نسألك الثبات على الإيمان الذي يتبعه العمل، ولا يساوره شك ولا يأس.