د. جمال أبو حسان يكتب: الشهادة في سبيل الله شرف وليس انكسارا
قد ذكر الله تعالى في كتابه العزيز عن الشهادة ما لم يذكره عن غيرها، ووصف أهلها بأوصاف تعد من الأماني عند كثير من المخلصين الذين لم يدركوا الشهادة أو تدركهم، فقد قال الله تعالى مبينا ذلك:
1- {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون}
2- {ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء عند ربهم يرزقون}
3- {والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم} على قراءة في هذه الآية بجواز بالبدء بهم.
4- {ويتخذ منكم شهداء} هذا صفوة الاختيار من الله تعالى في عباده.
وجاء في بعض الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أن الشهيد يشفع في سبعين من أهل بيته» وحسب الشهيد من الفضل أنه «يغفر له كل ذنب إلا الدَّين» كما جاء في صحاح الأحاديث، ولذا فإن حزن المؤمنين على ما يفقدون من الشهداء، هومن باب التجاذب مع الفطرة التي تتأثر لفقد من تحب، ولكن في حالة الشهيد يفرحون فرحا عظيما لأنهم صاروا متيقنين بوعد الله تعالى للشهداء، وبذلك يطمئنون على مصيرهم، وهذه الأمة ولّادة، فإذا ما اصطفي الله فردا منها أو مجموعة ليكونوا شهداء، خلفهم من وطّن نفسه على نيل ما ناله من تقدمهم، فكانوا في تنافس لنيل هذا الشرف، والشهيد بدمه يحيي في الأمة صنوفا من العزة والأنفة والكرامة، ما لا يستطيع غيره أن يفعل فعله إلا أن يكون مجاهدا مثله.
وقد قدمت الأمة الإسلامية المباركة مئات الآلاف من الشهداء دون أن تنحني أو تنكسر، وهذا شأن هذه الأمة العظيمة، وقد كان على رأس هؤلاء الشهداء بعض الأنبياء، وكثير من أصحاب الأنبياء، وقد ذكر الله تعالى من أحوالهم قائلا سبحانه:” وكأين من نبي قُتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين”- على قراءة قُتِل، والقراءة المشهورة عندنا هي قاتل-.
فحفظ التاريخ أسماء وأخبار الشهداء الذين عُرفت أسماؤهم في الدنيا، والذين لم تَعرف الأمة أسماءهم حسبهم أن الله يعرفهم، وفي المقابل مات كثير من الناس المناوئين للمجاهدين وقد ملأوا دنياهم ضجيجا أثناء الحياة، ولكن ماذا حصل لهم بعد أن ماتوا؟ منهم من اندثرت أخباره فلا يعلم عنها شيء فصار نسيا منسيّا، ومنهم من خلده التاريخ ملعونا على ألسنة الناس وفي كتبهم ومحفوظاتهم، وتلك هي طبيعة هذه الدنيا، فمن رفع ذكر الله فيها رفع الله ذكره فيها وفي سمواته، ومن نازع أمر الله تعالى فيها قصمه الله وجعله أمثولة اللعن والشتيمة، ومن كان مع الله كان الله معه.
والمقاومة الباسلة على أرض فلسطين، قد قدمت من الشهداء الذين مضوا إلى ربهم مقبلين غير مدبرين، على اختلاف صنوفهم في الحياة، فمن القائد العسكري، ومن القائد السياسي، ومن الطبيب، ومن المهندس، ومن أستاذ الجامعة، إلى أستاذ المدرسة، إلى الطلاب، إلى عامة الناس، وما زالت تقدم الشهيد تلو الشهيد فما وهنت هذه المقاومة، وما ضعفت وما استكانت، على الرغم من أن الدنيا كلها خذلتهم، وابتدأ الخذلان من العرب المسلمين الأقربين وامتد إلى العالم كله، ولكن الله تعالى لن يخذلهم، ولن يدعهم نهبا لأعدائهم ولكن عليهم أن يصبروا على الرغم من الأذى والمصاب، فقد بين الله ذلك في الكتاب الذي تغافل المسلمون عن العمل بأحكامه فقال:” إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون” هذا هو شأن المجاهدين في سبيل الله، ودفاعا عن أرضهم وأعراضهم، والخيبة كل الخيبة لمن خذلهم، وتشفي في الدنيا بمقتلهم، وما علم الجاهل المسكين أن الله اصطفاهم وخذله!!
فاللهم يا كريم ارحم شهداءهم، وتولّ أمرهم، وأحسن خلاصهم، وانصرهم على عدوك وعدوهم، ويا ربنا يا الله اشدد وطأتك على اليهود والأمريكان ومن والاهم، واجعلهم عبرة للناس أجمعين يا قوي يا عزيز يا قهار يا الله وأرنا فيهم آية قرانك الكريم:” وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد” وأرنا فيهم خبر نبيك صلى الله عليه وسلم:” إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته” وانت يا ربنا القوي القادر على كل شيء.
اللهم هل بلغت؟ اللهم فاشهد
تلك نفثة مصدور على صفحة تملؤها السطور