الأثنين مايو 13, 2024
مقالات

د. جمال أبو حسان يكتب: صور من التزكية الخفيّة للنفس

من المعلوم أنه ينبغي على المسلم هضم حقوق نفسه خصوصا المتعلقة بالدين، وعليه أن يحكم نفسه بالتواضع المستمر حتى لا يلحق نفسه أي من أوزار الكبر والتعالي، ولذلك جاء في كتاب الله تعالى: {هو أعلم بكم إذ أنشاكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى}

كما ورد في الحديث الصحيح: «لا تزكوا أنفسكم الله أعلم بأهل البر منكم».

وكثيرا من هذه التزكيات التي يصنعها بعض الناس لأنفسهم تدخل تحت الباب الذي كشفه الحديث النبوي الشريف في قوله عليه الصلاة السلام: «المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور».

ولكن من صور التزكية الخفيّة التي يتعملها كثير من الناس صور تدل على التواضع وخفض الجناح أحيانا لاستدرار عواطف الناس في محل الاستدرار، لكسب مودة نسبة كثيرة من الناس أيضا!!، ومنها صور كثيرة تدل على الثقة الزائدة بالنفس وأنها تختلف عن نفوس كثيرين ويجب على المستمعين مراعاة أحوال هذه النفس الزاكية!!

فمن ذلك ما تسمعه من كثير من الناس عندما يلتقون فيعرف بعضهم بنفسه بقوله: العبد الضعيف الراجي رحمة ربه أخوكم فلان الفلاني!

ومن ذلك قول بعضهم عند اللقاء والمراسلة: أخوكم الفقير فلان بن فلان.

ومن ذلك قول بعضهم عند اللقاء والمراسلة: أخوكم الحافظ لكتاب الله والمفسر فلان بن فلان.

ومن ذلك قول بعضهم عند اللقاء والمراسلة: أخوكم المتربي على حلقات العلماء فلان بن فلان.

ومن ذلك قول بعضهم عند اللقاء والمراسلة: أخوكم الذي هجر الدنيا وأهلها فلان الفلاني.

ومن ذلك قول بعضهم عند اللقاء والمراسلة: أخوكم الذي خبر أحوال الدنيا فلان بن فلان.

ومن ذلك قول بعضهم عند اللقاء والمراسلة: أخوكم الجامع لمقولة اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة فلان بن فلان.

ومن ذلك قول بعضهم عند اللقاء والمراسلة: أخوكم الداعية إلى الله تعالى فلان بن فلان.

ومن ذلك قول بعضهم عند اللقاء والمراسلة: أخوكم من لا ينظر إلى ما في أيدي الناس فلان بن فلان.

ومن ذلك قول بعضهم عند اللقاء والمراسلة: أخوكم القارئ لكتاب الله والمتقن لأحكامه فلان.

ومثل هذه الأقاويل الكثيرة التي تدور بين الناس، والتي يحسبها القائلون من صور التواضع، والغفلة عن استحكام النفوس، وهي في حقيقتها عكس ما يريده القائل، فينبغي التخلص من مثل هذه الأقاويل التي تجعل حظوظ النفس في ازدياد عند أصحابها، وينبغي على الانسان العاقل أن يتجنب في الدنيا كل ما يقود الى ارتفاع الحظوظ في النفس الإنسانية لأن في هذا النجاة عند الله، والتنافس في هذه الحياة ينبغي أن يكون بالعمل الصالح الذي يرضي الله ورسوله دون إعلان ولا ضجيج.

وقديما كان معلمونا من المتصوفة الصادقون يقولون: الجنة عروس ومهرها النفوس، وقد صدقوا فيما قالوا، فإن الذي يسعى إلى نفخ نفسه في الدنيا -عياذا بالله- سواء أكان هذا باسم التواضع أم غيره، سيأتي يوم القيامة خالي الوفاض، وتلك مصيبة ما بعدها مصيبة، جنّبنا الله وإياكم مثل هذه المصائب.

اللهم هل بلغت؟ اللهم فاشهد

Please follow and like us:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة جريدة الأمة على يوتيوب