مقالات

د. حاتم عبد العظيم يكتب: الإيمان وصناعة الأمل

الإيمان والأمل قرينان لا يفترقان،

والأمل والعمل كذلك قرينان لا يفترقان

يقول ربنا: {وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلا}

الإيمان يصنع الأمل، والأمل يدفع للعمل والعمل الصالح يقوي الإيمان ويزيد الأمل.. متوالية الخير والبشرى ونموذج الإنسان الرسالي الذي يربيه الوحي فهو مؤمن عامل ممتلئ يقينا!

من اختار طريق الله لا يفارقه الأمل، ولا تنغصه عاديات الزمن، ولا يعرف القنوط ولا القعود!

ومن وجه وجهه لله وتوكل عليه، ملأ الله قلبه باليقين فيما عنده، وما عند الله خير وأبقى! لذلك كان نداء أيوب البديع: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} فأي ضر أمام رحمتك! وأي يأس مع الإيمان بك! إن تذكر رحمة الله كفيل بغسل الآلام ومداواة الأحزان!

في منطق الإيمان نعتصر الأحزان والآلام فنستخرج منها الأمل واليقين!

بهذا المنطق كان يعقوب الذي ابيضت عيناه من الحزن هو الذي يواسي بنيه ويبث فيهم الثقة وحسن الرجاء: {وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}

وبهذا المنطق عالج القرآن جراحات أحد وآلامها: {إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ ۖ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ ۗ } كيف لا تدمع أعيننا فرحا ونحن نقرؤها؟!

إي والله يا رب نرجو منك خيرا كثيرا لا حدود له!

نرجو منك ما لا يرجون وما لا يعرفون وما لا يفهمون!

ونداوي ألمنا في سبيلك بأملنا في رحمتك!

في القرآن ينابيع أمل كثيرة تعالج الخوف والقلق والإحباط واليأس وضعف الثقة.. منها سورة الشرح …  أجد فيها دائما راحة هائلة، وسكينة عجيبة ومؤانسة بديعة:

فثمة شرح للصدر، ووضع للوزر الذي ينوء به الظهر، ورفع للذكر، ووعد باليسر بعد العسر، ودعوة للعمل الموصول الشغوف النابع من صدق الإيمان وحسن الظن بالله ﴿فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ﴾

 

أتعب نفسك في سبيل الله وسيزيدك التعب رغبة وشغفا وثق أن سعيك إليه لن يخيب

وهو معنى مطرد في الذكر الحكيم فعندما تقرأ قوله تعالى {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ } الله نفسه حسبه!

لم يقل فحسبه رحمة الله ولا معونة الله كلا بل الله تعالى حسبه فآنسك الله بذاته ومن ثم بجميع صفاته فماذا بقي في الدنيا من كدر!

فدعك من الخلق وتدابيرهم فهم تحت طائلة القدرة {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا}

د. حاتم عبد العظيم

أستاذ الفقه الإسلامي وأصوله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى