الأحد أكتوبر 6, 2024
مقالات

د. حاكم المطيري يكتب: الإسلاميون والخطاب المبدل!

مشاركة:

ما الفرق بين الخطاب الشرعي المؤول، الذي يدخل فيه الاجتهادات الصائبة والتأويلات الشاذة وبين الخطاب السياسي المؤول؟ وهل اجتهادات الراشدين داخلة في المنزل؟

– الخطاب السياسي المنزل هو أحكام الشارع في باب الإمامة ورئاسة الأمة وسياسة شئونها، كما أقامها النبي في الدولة النبوية وما وافقه من سنن الخلفاء الراشدين التي أجمعوا عليها، أو لم يختلفوا فيها مما سنه بعضهم، كما قال تعالى عنهم  ﴿ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين﴾ وهم الذين وعدهم الله بالاستخلاف في الأرض كما قال تعالى  ﴿وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض﴾ والذين وصفهم الله بالرشد في قوله  ﴿أولئك هم الراشدون﴾ وهم الذين كانوا على سبيل النبي وعلى هدى وبصيرة كما قال الله عنهم ﴿قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني﴾  والمراد الخلفاء الراشدون وسننهم الراشدة كما بينه النبي بقوله (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين) وقوله (اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر).

‏وأما ما اختلفوا فيه فإنه يرد إلى الكتاب والسنة، فإن لم يكن فيهما حكم فصل، فالرد يكون إلى سنن أبي بكر وعمر، كما في سننهما في إقصاء الأقارب، فقد اجتهد عثمان وعلي في تولية أقاربهما الولايات حين رأيا النبيﷺ قد ولى الأكفاء من قومه، وأن لهما أن يفعلا فعله، ولم يتنبها لم تنبه له أبو بكر وعمر من الفرق في هذه القضية بين مقام النبوة المعصوم، ومقام الخليفة بعده المتهوم، ولهذا حذرهما عمر وهو على فراش الموت من تولية بني أمية وبني هاشم لنظره وفقهه الدقيق وإدراكه حساسية الجمع بين الخلافة والولايات الأخرى في أسرة وعشيرة واحدة!

‏وأما الخطاب المؤول فهو اجتهاد من جاء بعد الراشدين من الخلفاء أو الفقهاء في باب الإمامة وسياسة الامة مما خالف الخطاب المنزل من وجه بتأويل خطأ، مع محافظته على أصول الخطاب المنزل.

‏كالعهد للأبناء قياسا على عهد أبي بكر لعمر! مع ما بين القضيتين من اختلاف مما يعد قياسا مع الفارق بل فاسد الاعتبار، لتعليل أبي بكر في عهده لعمر بأنه لم يول ذا قرابة! واشتراطه الرضا بمن يختاره لهم! وتوفر شروط العدالة والكفاءة في عمر بل كان هو الأكفأ على الإطلاق!

‏وكتجويز إمامة المتغلب وإيجاب السمع والطاعة مع قول عمر بمحضر الصحابة كما في صحيح البخاري: (إني قائم فمحذر الناس هؤلاء الذين يريدون أن يغصبوهم أمرهم، من بايع رجلا دون شوى المسلمين فلا بيعة له ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا)، فما كان اغتصابا في الخطاب المنزل يجب دفع من فعله وقتاله وعدم صحة بيعته؛ صار في الخطاب المؤول ولي أمر تجب طاعته ويحرم نقض بيعته! التي لم ير عمر انعقادها أصلا فضلا عن صحتها!

‏ومن استبان له الخطاب المنزل في أصوله وفروعه لم يشكل عليه معرفة الخطاب المؤول، فضلا عن المبدل الذي تخلى حتى عن أصول الخطاب المنزل كوجوب إقامة الخلافة، ووحدة الأمة، ودار الإسلام، ووجوب الحكم بما أنزل الله، والقيام بالجهاد في سبيل الله!

‏وما تدعو إليه الحركة الإسلامية اليوم هو نفسه الخطاب السياسي المبدل الذي فرضته الحملة الصليبية ورعته في الدولة الوظيفية!

Please follow and like us:
د. حاكم المطيري
الأمين العام لمؤتمر الأمة ورئيس حزب الأمة، أستاذ التفسير والحديث - جامعة الكويت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *