د. حاكم المطيري يكتب: القاديانية العربية و«تكريز» الحملة الصليبية
أصبحت الحركة الإسلامية ونخبها السياسية منذ دمجها في النظام العربي الوظيفي -وتعميدها من الحملة الصليبية- توأما فكريا وسياسيا للقاديانية الهندية -وبحضانة ورعاية بريطانية حيث تتخذ الحركتان من لندن مقرا لهما- وتتوافق الحركتان الهندية والعربية -كما الغولونية التركية- في التماهي مع مشروع الحملة الصليبية في العالم الإسلامي حيث تريان بأن مهمتهما تعزيز العلاقة بالمحتل الغربي -ورفض الدعوة إلى مقاومته- والتعاون معه لإقامة الديمقراطية كما حدث في غزو أمريكا وبريطانيا لاحتلال أفغانستان ٢٠٠١م والعراق ٢٠٠٣م!
وتبشر القاديانية العربية بمنظومة فكرية وسياسية علمانية تتوافق تماما مع رؤى القاديانية الهندية سياسيا، وتحقق أهداف المحتل الغربي؛ وهي السبب لرعايتها غربيا حتى تكاد مساجد أوربا وأمريكا ومراكزها الإسلامية تكون حكرا على القاديانية العربية التي استطاعت تشكيل وعي إسلامي عام وفق الشروط الأوربية الأمريكية يتمثل في:
١-الإيمان بالديمقراطية الغربية والدعوة إليها أشد من الإيمان بالشريعة الإسلامية بل ترى الديمقراطية هي النموذج الذي يعبر عن الإسلام سياسيا، وليس نظام الخلافة الذي عرفه المسلمون منذ عهد الخليفة الراشد أبي بكر الصديق حتى سقوطه في هذا العصر! ولهذا ترفض القاديانية العربية رفضا قاطعا الدعوة إلى الخلافة تماما كما ترفضها الحملة الصليبية وتبشر بالديمقراطية بديلا عنها كما تبشر بها الحملة الصليبية!
٢- وتؤمن القاديانية العربية بمشروعية الدول القومية والوطنية التي أسستها الحملة الصليبية وفق النموذج الغربي وترى أنه لا يجب على المسلمين أن يكونوا أمة واحدة سياسيا كما كانوا عليه منذ ظهور الإسلام حتى سقوط الخلافة العثمانية، وأنهم فقط أمة واحدة بالمفهوم الديني لا السياسي!
٣- كما تؤمن القاديانية العربية بأنه لا وجود اليوم لدار الإسلام ولا لدار الكفر، فهذا مفهوم تاريخي لم يعد له وجود في عالم اليوم حيث تأسست على أنقاضه الدول الوطنية والأمم المتحدة والشرعية الدولية، وهو الذي ترسخه الحملة الصليبية لتكريس نفوذ (الحكومة العالمية) التي تدير العالم من نيويورك!
فليس للإسلام ولا للمسلمين كأمة دار تخصهم، لهم عليها ولاية سياسية شرعية توجب عليهم جميعا الدفاع عنها فرض عين!
٤- ولا ترى وجوب الجهاد لتحرير أي أرض إسلامية إلا حين تصدر القرارات الدولية التي تعترف بمشروعيته كما صدر بحق الشعب الفلسطيني في أرض ١٩٦٧م، فالمقاومة للمحتل فيها مشروعة بحسب قرارات الشرعية الدولية دون أرض ١٩٤٨م، ووفق المفهوم الوطني الفلسطيني لا المفهوم الإسلامي! ويكاد مفهوم المقاومة لديها يكون محصورا ضد المحتل الصهيوني لا المحتل الأوربي الغربي الذي أسس دويلة إسرائيل، وما زال يحميها ويرعاها!
٥- ولغياب مفهوم دار الإسلام صارت الهجرة إلى دار الكفر والعيش فيها هدفا لأتباع هذه الحركات القاديانية كما لا يمثل تهجير الملايين من المسلمين من أرضهم -كما يجري في الشام والعراق واليمن وجزيرة العرب وفق مخطط الحملة الصليبية لتفريغها من شعوبها وفرض التغيير الديمغرافي فيها- مشكلة كبيرة لدى الجماعات العربية القاديانية، فالهجرة في نظرها تتم في القرية العالمية الواحدة حيث لا فرق بين دار إسلام ودار كفر، فالأهم أن يعيش أتباعها في ظل الديمقراطية، وليس بالضرورة في ظل الإسلام!
٦- وترفض القاديانية العربية توصيف الوجود الغربي وقواعده العسكرية في العالم العربي على أنه احتلال أجنبي وحملة صليبية محتلة! بل لا وجود لهذه الحملة الصليبية في نظرها فضلا عن وجوب مقاومتها! فوجود قواعدها العسكرية في كل بلد إسلامي لا يفقده استقلاله وسيادته بل يعد في نظر القاديانية العربية وجود قانوني تحمي به الدول الوطنية أمنها واستقلالها كما تنص عليه المعاهدات، فالعالم قرية واحدة تخضع لنظام عالمي، والمهم لدى هذه الجماعات إقامة الحرية والديمقراطية والعيش في أي بلد يوفرها ولو لدى المحتل الغربي نفسه الذي لا يظلم عنده أحد! وإن قتل وهجر الملايين من المسلمين من أوطانهم!
٧- ترفض القاديانية العربية إطلاق وصف العدو الكافر على المحتل الغربي وترى بأن العلاقة به علاقة شراكة حضارية؛ ولهذا لا تجد حرجا من الانحياز إليه والقتال تحت رايته كما جرى في أفغانستان والعراق من أجل إقامة الديمقراطية لشعوبه!
٨- تعتبر القاديانية حماية مصالح المحتل الغربي في العالم العربي من مهامها وقد عبر عن ذلك يوسف ندا في مذكراته وحديثه عن انقلاب ١٩٥٢م في مصر وقيامهم بحماية سفارة المحتل البريطاني حيث قال: (وصلنا إخطار مسبق بوقوع انقلاب وشيك وأمرنا بحماية السفارات الأجنبية والبنوك والمباني الحكومي.. وكلفوني بالمساعدة في حراسة القنصلية البريطانية في الإسكندرية) وما تزال هذه النخب الوظيفية تقوم بهذا الدور الموكل إليها منذ ٧٠ سنة وحتى اليوم!