مقالات

د. حاكم المطيري يكتب: ‏﴿إن الحكم إلا لله﴾

إطلاق القول بأن الحكم بغير ما أنزل الله ليس كفرا مخرجا من الملة، وأنه كبيرة فقط، وأنه كفر أصغر مطلقا قول باطل بالنص والإجماع، وليس هذا بقول أحد من أهل العلم! بل حقيقة الإيمان والإسلام والتوحيد هو الالتزام بحكم الله، والحكم بما أنزل الله، واتباع الأمر والنهي الإلهي‏ ‏﴿إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه﴾ ‏﴿وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم﴾ ‌‏﴿ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون﴾ فهذا هو الحكم القرآني الكلي القطعي وهوالغاية من إرسال الرسل وإنزال الكتب ‏ ‏﴿وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله﴾ أما من حيث التفصيل فله صور هي:

١- عدم الالتزام به اعتقادا وعملا أو عدم قبوله؛ كفر أكبر يخرج من الإسلام بالنص والإجماع، وهذا الذي قاتل عليه أبو بكر أهل الردة الذين لم يروا الالتزام بالزكاة مع إسلامهم.

٢- ترك الحكم بما أنزل الله والعدول إلى الحكم بغيره اعتقادا بعدم وجوبه أو جواز الحكم بغيره أو أفضلية حكم غيره؛ كفر أكبر وتحاكم للطاغوت ‏﴿يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به﴾.

٣- ترك الحكم بالكلية أو بالقضية الجزئية إباءً أو إعراضا أو استخفافا أو استحلالا؛ كفر أكبر كذلك، وهو كفر إبليس‏ ‏﴿إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين﴾.

٤- عدم الحكم بالجزئية بلا استحلال، بل لضعف وازع الإيمان وقوة الرغبة؛ فهذا فسق ومعصية وكفر أصغر، وهو الذي قصده ابن عباس والإمام أحمد بقولهم: (كفر دون كفر) ردا على الخوارج الذين يكفرون أهل الإسلام بالمعاصي والكبائر، وليس على من ترك الحكم بما أنزل الله بالكلية أو بالجزئية استحلالا أو إباءً أو استكبارًا.

٥- العجز عن الحكم بما أنزل الله مع الإيمان والالتزام العام عذرٌ من الأعذار التي تمنع الإثم والذم ‏﴿فاتقوا الله ما استطعتم﴾ ‏ ‏﴿إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان﴾ وهذا حال النجاشي عند ابن تيمية؛ لعجزه عن الحكم بشريعة الإسلام وإخفاء إيمانه وإسلامه عن قومه مع كونه ملكا للحبشة.

فإطلاق هذا الحكم مع بطلانه إنما يعزز ترك الحكم بما أنزل الله كلية كما هو الواقع السياسي في العالم العربي والإسلامي اليوم، الذي تفرضه الحملة الصليبية والنظام الدولي الطاغوتي، والواجب على أهل العلم التصدي له وبيان حقيقة الإسلام والإيمان والتوحيد لله بالطاعة والعبادة والحكم، وليس إشغال الأمة بقولٍ لا يوجد اليوم من يقول به، وهو كفر تارك الكبيرة الذي اشتغل السلف بالرد عليهم!

د. حاكم المطيري

الأمين العام لمؤتمر الأمة ورئيس حزب الأمة، أستاذ التفسير والحديث - جامعة الكويت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى