الأحد يوليو 7, 2024
بحوث ودراسات

د. حسام الدين عفانة يكتب: كيفَ لا نُجَرمُ الشذوذَ الجنسي؟ (1-2)

كيفَ لا نُجَرمُ الشذوذَ الجنسي مع أنه مجرمٌ في القرآنِ الكريمِ وفي السُّنَّةِ النبويةِ؟

يقول السائل: ما قولكم في الدعوة إلى عدمِ تجريم المثليين الشاذين جنسياً وأشباههم وحمايتهم قانونياً، التي أطلقتها وزارة العدل الفلسطينية مؤخراً أمام لجنة حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة في جنيف، أفيدونا؟

1- أولاً: تتعرضُ بلادُنا فلسطين، لهجماتٍ شرسةٍ على جميع المستويات، ففي المجال السياسي ضيَّع العربُ فلسطين قديماً وحديثاً، وأحدثُ صورةٍ لذلك تطبيعُ العربان مع دولة الكيان، وهذا التطبيعُ تجاوزَ الاعترافَ السياسي إلى التطبيعِ الاقتصادي والثقافي والديني وغيرها.

ويتعرضُ الشعب الفلسطيني لهجمةٍ شرسةٍ على عقيدته ودينه وأخلاقه وقيمه وعاداته الطيبة، من خلال عددٍ كبيرٍ من الجمعيات الممولة خارجياً، التي تهدف إلى هدمِ المجتمعِ الفلسطيني مقابل التمويل من الدول المانحة! كما هو حالُ كثيرٍ من الجمعيات النسوية، التي تدعو إلى «الجندر» وتطبيق اتفاقية «سيداو»، وتزعمُ الجمعياتُ النسويةُ الدفاعَ عن حقوقِ المرأة، وترفعُ شعاراتٍ براقةٍ، كتمكينِ المرأة ومساواتها مع الرجل…إلخ!؟ وفي الحقيقةِ والواقعِ فإن هذه الجمعياتِ تدعو إلى رفضِ الأحكام الشرعية المتعلقة بالمرأة والأسرة، ولذا فهذه الجمعياتُ النسويةُ تحاربُ بكل قوةٍ قانونَ الأحوالِ الشخصية وتدعو إلى مسخهِ من خلال إدخال مفاهيم اتفاقية «سيداو» فيه، وآخرها الدعوة السيداوية إلى إلغاء الولي في النكاح! وتدعو الجمعياتُ النسويةُ إلى جعلِ المرجعيةِ في ذلك هي: [الأخذُ بالمعايير الدولية واتفاقيات حقوق الإنسان، وبشكلٍ خاص اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) الصادرة سنة 1979م. وما تنصُّ عليه من تحقيق المساواة بين المرأة والرجل، وإلغاء مظاهر الإجحاف والتمييز تجاهها].

ومعلومٌ أن اتفاقية «سيداو» تنضحُ بالأفكار الغربية التغريبية، وهي ترتكزُ على مبدأِ المساواة المطلقة والتماثل التام بين المرأة والرجل في التشريع، وفي المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وفي التعليم والعمل والحقوق القانونية، وكافة الأنشطة.

إن اتفاقية «سيداو» تهدفُ إلى هدمِ وطمسِ وإلغاءِ الأحكام الشرعية المتعلقة بالأسرة، وتفرضُ على الأسرة المسلمة نمطَ الحياة الغربي المتحرر من القيم والمبادئ الأخلاقية، وتدعو إلى المساواة المطلقة بين الرجال والنساء.

وهنالك جمعياتٌ ممولةٌ خارجياً تعملُ على نشرِ الشذوذِ الجنسي تحت مُسمَّى «المثلية الجنسية» والتعدُّديَّة الجنسيّة والجندريَّة، وتهدف هذه الجمعيات إلى إشاعة الفاحشة والمنكر، وإلى نشر الثقافة الجنسية الممسوخة لمسخ البقية الباقية من قيمنا الأخلاقية. ومعلومٌ أن المثليةَ الجنسية (Homosexuality) هي توجهٌ جنسيٌ يتسمُ بالانجذاب الشعوري، الرومنسي، والجنسي بين أشخاصٍ من نفس الجنس.

ويسمَّى الذكرُ ذو الميول المثلية «مثلياً» أو «مثلي الجنس»، أو «لوطي». بينما تسمَّى الأنثى ذات الميول الجنسية المثلية «مثلية الجنس» أو «سحاقية»، وبعبارة أخرى فإن «المثلية الجنسية» هي الشذوذ الجنسي، ويشمل اللواط بين الذكور، والسِّحَاقُ بين الإناث.

أما اللواط فهو إيلاجُ ذكرٍ في دبر ذكرٍ أو دبر أنثى، واشتهر على أنه إتيانُ الذكرِ الذكرَ.

وأما السِّحَاقُ فهو أن تفعلَ المرأةُ بالمرأةِ مثل صورة ما يفعلُ بها الرّجلُ. والشذوذ الجنسي يعني اللواط والسِّحَاقَ عند الذكور وعند الإناث.

ولا شكَّ أن الشذوذَ الجنسي انتكاسٌ للفطرة الانسانية، وانحرافٌ خطيرٌ عن سنن الله عز وجل، قال تعالى: {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} سورة الذاريات الآية 49.

والمراد بالآية أن الله تعالى خلق من جميع الكائنات زوجين، أي: صنفين متقابلين، ومن ضمن ذلك خلق الذكر والأنثى،

قال القرطبي في تفسير الآية:

[أَيْ صِنْفَيْنِ وَنَوْعَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ. قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: أَيْ ذَكَرًا وَأُنْثَى، وَحُلْوًا وَحَامِضًا وَنَحْوَ ذَلِكَ. وقال مُجَاهِدٌ: يَعْنِي الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى، وَالسَّمَاءَ وَالْأَرْضَ، وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ، وَاللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، وَالنُّورَ وَالظَّلَامَ، وَالسَّهْلَ وَالْجَبَلَ، وَالْجِنَّ وَالْإِنْسَ، وَالْخَيْرَ وَالشَّرَّ، وَالْبُكْرَةَ وَالْعَشِيَّ، وَكَالْأَشْيَاءِ الْمُخْتَلِفَةِ الألوان مِنَ الطُّعُومِ وَالْأَرَايِيحِ وَالْأَصْوَاتِ]

تفسير القرطبي 17/53.

وقد نعى اللهُ عزَّ وجلَّ على قوم لوطٍ عليه الصلاة والسلام انحرافَ فطرتهم وسقوطهم في مستنقعِ الشذوذِ الجنسي، فقال تعالى:

{وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ}

سورة الأعراف الآية 81.

وقال تعالى:

{كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ}

سورة الشعراء الآيات 160-166.

وقال تعالى:

{وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}

سورة العنكبوت الآيتان 28-29.

وقال تعالى:

{وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنذَرِينَ}

سورة النمل الآيات 54-58.

وعن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنَّ أخوَفَ ما أخافُ على أمَّتي عملَ قومِ لوطٍ) رواه الترمذي وابن ماجه، وصححه العلامة الألباني في “صحيح الجامع”.

وعن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لعن اللهُ مَن ذبح لغيرِ اللهِ، لعن اللهُ مَن غَيَّرَ تُخُومَ الأرضِ، لعن اللهُ من كَمَّهَ الأعمَى عن السَّبيلِ -أي أضلهُ عنه أو دلَّهُ على غير مقصده-، لعن اللهُ مَن سَبَّ والدَيه، لعن اللهُ مَن تولَّى غيرَ مَواليه، لعن اللهُ مَن وقع على بهيمةٍ، لعن اللهُ من عمِلَ عملَ قومِ لوطٍ، لعن اللهُ من عمِلَ عملَ قومِ لوطٍ، لعن اللهُ مَن عملَ عملَ قومِ لُوطٍ) رواه أحمد والطبراني في المعجم الأوسط، وصححه العلامة الألباني في «صحيح الجامع»، ففي هذا الحديث نجدُ أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قد لعنَ من عملَ عملَ قومِ لوطٍ ثلاثاً، ولم يلعن أحداً من أهل الكبائر ثلاثاً إلا من فعلَ هذا الأمر.

وعن واثلة رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (السِّحَاقُ زِنَا النِّسَاءِ بَيْنَهُنَّ) رواه الطبراني وأبو يعلى، وقال الهيثمي رجاله ثقات، وحسنهُ السيوطي.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والحاكم، وقال صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي، ووافقهما العلامة الألباني في إرواء الغليل.

وقد اتفق علماءُ الإسلامِ المتقدمين على تحريمِ اللواطِ والسِّحَاقِ -الشذوذ الجنسي- واتفقوا على أنه جريمةٌ منكرةٌ يُعاقبُ الشرعُ الشريفُ عليها، واعتبروا الشذوذَ الجنسي من الكبائر، وهو محرمٌ في جميع الشرائع، وقد عدَّ ابنُ حجرٍ الهيتمي الشذوذَ الجنسي من الكبائر، فاعتبر اللِّوَاط وَإِتْيَان الْبَهِيمَةِ، وَالْمَرْأَةِ فِي دُبُرِهَا ومُسَاحَقَة النِّسَاءِ، وَهُوَ أَنْ تَفْعَلَ الْمَرْأَةُ بِالْمَرْأَةِ مِثْلَ صُورَةِ مَا يَفْعَلُ بِهَا الرَّجُلُ من كبائر الذنوب. الزواجر عن اقتراف الكبائر 2/228-235.

وقد اتفق العلماءُ على تحريمِ الشذوذِ الجنسي بأشكالهِ المختلفة من اللواطِ والسِّحَاقِ عند الذكور وعند الإناث.

ووقع خلافٌ بين العلماء في عقوبةِ اللواطِ، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: [ذهب جمهورُ الفقهاء إلى أنَّ عقوبةَ اللائطِ هي عقوبةُ الزّاني، فيرجمُ المحصنُ ويجلدُ غيره ويُغرَّبُ، لأنّه زناً بدليل قوله تعالى: {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً}، وقال تعالى: {أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ}، وعن أبي موسى رضي الله عنه أنَّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أتى الرَّجلُ الرَّجلَ فَهما زانيانِ) هذا في الجملة، ولجمهور الفقهاء ولمخالفيهم في هذا الحكم تفصيل: فذهب أبو حنيفة إلى أنّه لا يجبُ الحدُّ لوطءِ امرأةٍ أجنبيّةٍ في غير قبلها، ولا باللّواطة بل يعزّر. وقال أبو يوسف ومحمّد: اللّواطُ كالزّنا فيحدُّ جلداً إن لم يكن أُحصن ورجماً إن أُحصن. ومَنْ تكرّر اللّواطُ منه يُقتل على المفتى به عند الحنفيّة…وذهب المالكيّة إلى أنّ مَنْ فعلَ فِعلَ قومِ لوطٍ رُجم الفاعلُ والمفعولُ به، سواء كانا محصنين أو غير محصنين، وإنّما يشترطُ التّكليفُ فيهما، ولا يشترطُ الإسلام ولا الحرّيةُ…والمذهبُ عند الشّافعيّة أنّه يجبُ باللّواطِ حدُّ الزّنا، وفي قولٍ يقتلُ الفاعلُ محصناً كان أو غيره، لحديث ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما: «مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ»…وذهب الحنابلةُ إلى أنّ حدَّ اللّواط الفاعل والمفعول به كزانٍ، لحديث ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما السّابق] الموسوعة الفقهية الكويتية 35/340.

وقال العلامةُ ابن القيم: [وَلَمَّا كَانَتْ مَفْسَدَةُ اللِّوَاطِ مِنْ أَعْظَمِ الْمَفَاسِدِ؛ كَانَتْ عُقُوبَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مِنْ أَعْظَمِ الْعُقُوبَاتِ] الجواب الكافي 1/159.

وأما السِّحَاقُ فليس فيه حدٌ، ولكن عقوبتهُ تعزيريةٌ، فقد اتفق الفقهاءُ على أنه لا حدَّ في السِّحَاقِ، لأنه ليس زناً، وإنما يجبُ فيه التعزيرُ، لأنه معصيةٌ.

ومستندُ الفقهاء في عقوبة اللواط حديثُ ابن عباس رضي الله عنهما السابق، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(منْ وجدتموه يعملُ عملَ قومِ لوطٍ فاقتُلوا الفاعلَ والمفعولَ به).

ومستندُ الفقهاء في عقوبة السِّحَاقِ حديثُ أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لاَ يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ وَلاَ الْمَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ، وَلاَ يُفْضِي الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، وَلاَ تُفْضِي الْمَرْأَةُ إِلَى الْمَرْأَةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ) رواه مسلم.

[فلقدْ سَدَّتِ الشَّريعةُ كلَّ الذَّرائِعِ المؤدِّيةِ إلى الوُقوعِ في الحرام؛ لأجْلِ ذلك جاء الأمرُ بغَضِّ البَصَرِ والنهيِ عن النظرِ إلى العَوْراتِ؛ لأنَّ ذلك قد يؤدِّي إلى ارتكابِ الفَواحِشِ، وفي هذا الحديثِ نَهى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أن يَنظُرَ الرجلُ إلى عَوْرةِ الرجلِ أو تَنظُرَ المرأةُ إلى عَوْرة المرأةِ، وأن يُفضِيَ الرجلُ إلى الرجلِ في الثوبِ الواحدِ، وأن تُفضِيَ المرأةُ إلى المرأةِ في الثوبِ الواحدِ، أي: لا يَخلُو أحدُهما إلى الآخَرِ في ثوبٍ واحدٍ متجرِّدَيْنِ؛ لأنَّ ذلك قد يُؤدِّي إلى مُباشَرَةِ أحدِهما الآخَرَ ولَمْسِ كلٍّ منهما عَوْرةَ صاحبِه، ولَمْسُها منهيٌّ عنه كالنَّظرِ إليها، بل هو أشدُّ في النهيِ، وقد يؤدي ذلك إلى مفاسد أكبر]. التفاصيل اضغط هنا

وفي العصر الحاضر اتفق العلماءُ المعاصرون على حرمةِ الشذوذ الجنسي -اللواط والسِّحَاق- فهم يرون أن أيَّ علاقةٍ جنسيةٍ مع نفسِ الجنسِ تعتبرُ جريمةً تخضعُ للعقاب، ويُنظر لها على أنها خطيئةٌ من الكبائر. على الرغم من عدم وجودِ عقوبةٍ محددةٍ جرى الاتفاق عليها، إلا أن ذلك عادةً ما يتمُّ تركه لتقدره السلطات المحلية حسب الشريعة الإسلامية.

قال مفتي السعودية الحالي: [إن جريمةَ الشذوذ الجنسي من أبشع الجرائم وأقبحها عند الله تعالى، فأصحابُ هذه الجرائم ممقوتون عند الله تعالى، موصوفون بالخزي والعار في الدنيا والآخرة] 

وقال شيخ الأزهر د. أحمد الطيب عن الشذوذ الجنسي: [إنه غزوٌ ثقافيٌ غربيٌ يستهدفُ تقنين الشذوذ والتحول الجنسي في المجتمعات الإسلامية.]

وجاء في بيانٍ لرابطة العالم الإسلامي: [إن رابطة العالم الإسلامي –من منطلق اهتمامها بشؤون العالم الإسلامي، وحرصها على متابعة قضايا المسلمين- تتابع هذا الموضوع الأخلاقي الخطير بقلق واهتمام بالغين، وتدعو الدول الإسلامية –حكومات وشعوباً- إلى أخذ الحيطة والحذر من تداعياته وخلفياته وسوء مقاصده، والآثار السلبية الناجمة عن انتشاره، فما يحدّث اليوم ما هو إلا مؤامرة لجرِّ مجتمعاتنا الإسلامية إلى الانحلال الأخلاقي، والانهيار الاجتماعي الذي أصاب المجتمعات الغربية، والذي يراد جرُّ العالم الإسلامي إليه؛ ولقد عبَّر عن ذلك البروفيسور الأمريكي (ويلكنز) بقوله: (إن المجتمع الغربي قد دخل دوّامة الموت، ويريد أن يجرَّ العالمَ وراءه). وبناءً عليه، وقياماً بالواجب الشرعي في البيان والنصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدفاع عن العقيدة والدّين والقيم كما أمرنا الله به في قوله تعالى:

{وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}

آل عمران: ١٠٤.

وحفاظاً على المجتمعات الإسلامية من الانحلال الأخلاقي، والانهيار القيمي، ومن خلال متابعة ما يردُ حول هذه الظاهرة؛ والعوامل المؤثرة في انتشارها في العالم؛ والآثار الناجمة عنها، وبعد الاطلاع على الدراسات الإحصائية العالمية الواردة حولها؛ فإن الرابطة تقف إزاء هذه الظاهرة الأخلاقية المنحرفة وقفةَ تمحيصٍ وتفنيدِ، وذلك من خلال الصفحات التالية: الشذوذ الجنسي في الديانات الكتابية وغير الكتابية: هذا الفعلُ الشنيعُ لم يقتصر تجريمه وتحريمه على الدين الاسلامي فحسب، بل هو محرّمٌ في الأديان السماوية جميعها، بما فيها الديانات التقليدية] 

2- ثانياً: تزعمُ الأممُ المتحدةُ ومجلسُ حقوقِ الإنسان التابع لها، وكذا الدولُ الغربية ومنظماتها ذات العلاقة، أن الفلسطينيين الشاذين جنسياً من المثليين والمثليات، أو ثنائيي الجنس، أو المتحولين جنسياً، أو متعددي الهويات الجنسية، يتعرضون لجرائم تشملُ العنفَ والتهديدَ بالعنف، ويزعمون أنهم يعيشون مع الخوف من العنف والتمييز بما في ذلك من أفراد العائلة. بالإضافة إلى العنف المستهدف، فإنهم معرضون لخطر جرائم الشرف، لأنهم لا يتوافقون مع المعايير التقليدية المتعلقة بالنوع الاجتماعي والجنسانية. وبسبب هذه الجرائم المزعومة تطالبُ الأممُ المتحدة ومجلسُ حقوق الإنسان التابع لها، وكذا الدولُ الغربية ومنظماتها ذات العلاقة، بتوفير حماية للفلسطينيين الشاذين جنسياً، وتطالبُ بتغيير قوانين العقوبات، كقانون العقوبات لعام 1960م، المطبق في الضفة الغربية، وقانون العقوبات لعام 1936م، المطبق في قطاع غزة، وإلغاء ما فيهما من عقوبات للشاذين جنسياً !! ويزعمون أنه لا توجدُ قوانين محددة لحماية المتحوّلين جنسياً ومثليي الجنس والمثليين ومزدوجي الميول الجنسية من جرائم الكراهية أو العنف القائم من حيث الجنس أو التمييز. ولا توجدُ أيةُ حمايةٍ قانونيةٍ أو اعترافٍ قانوني بالأشخاص المتحولين جنسياً. ويطالبون بتعزيز المساواة لصالح المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية وحاملي صفات الجنسين، أي الشاذين جنسياً.

ورد في تقرير المكتب الأمريكي للشؤون الفلسطينية بتاريخ 23/5/2023م تحت عنوان  «تقرير حقوق الإنسان في الضفة الغربية وقطاع غزة لعام 2022م» ما يلي: [أعمال العنف والتجريم والانتهاكات الأخرى استناداً إلى الميول الجنسية والهوية الجنسانية أو التعبير الجنساني، أو الخصائص الجنسية، حيث تمَّ الإبلاغُ عن حالات العنف أو التجريم أو الإساءةِ، على أساس الميول الجنسية والهوية الجنسية في الضفة الغربية، كما أفاد مكتب مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ومنظمات غير حكومية]

Please follow and like us:
د. حسام الدين عفانة
فقيه ومفتي وكاتب فلسطيني، وأستاذ الفقه والأصول في جامعة القدس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة جريدة الأمة على يوتيوب