الأحد يوليو 7, 2024
بحوث ودراسات

د. حسام الدين عفانة يكتب: كيفَ لا نُجَرمُ الشذوذَ الجنسي؟ (2-2)

كيفَ لا نُجَرمُ الشذوذَ الجنسي مع أنه مجرمٌ في القرآنِ الكريمِ وفي السُّنَّةِ النبويةِ؟

[تسعى الأممُ المتحدة إلى إقرارِ وتثبيتِ عددٍ من الحقوق للشواذ جنسيًا وضمانها لهم، ومن أهمها:

(1) الحق في الحياة والحرية والأمن: حيث نصَّ تقريرُ مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، المعنون: (القوانين والممارسات التمييزية وأعمال العنف الموجهة ضد الأفراد على أساس ميلهم الجنسي أو هويتهم الجنسانية لسنة (2011م) على: [تنصُّ المادةُ (3) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه: “لكل فردٍ الحقُّ في الحياة والحرية وسلامة شخصه]. ورغم عمومية صياغة تلك المادة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، إلا أنه تمَّ ليُّ النَّصِّ وتوظيفهِ لصالح حماية الشواذ جنسيًا، فعبارة «كل فرد» تعني أن الجميع بدون استثناء يستحق «الحياة والحرية وسلامة شخصه»، وبالتالي يصبح للشواذ نفس تلك الحقوق.

(2) الحقُّ في الخصوصية: فقد نصَّ التقريرُ السابقُ على: «الحق في الخصوصية حقٌّ مكرسٌ في المادة 12 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة 17 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، اللتين تنصان على أنه لا يجوزُ تعريضُ أحدٍ على نحو تعسفيٍ أو غير قانوني، لتدخلٍ في خصوصياته أو شئون أسرته أو بيته أو مراسلاته».

ويتضح هنا أيضاً الاستفادة من كلمة «أحد» للتعميم وإدماج الشواذ ضمن الأفراد الذي لا يجوز «التدخل في خصوصياتهم»!

(3) الحصول على كافة الحقوق التي يحصل عليه الأسوياء: بدعوى القضاء على التمييز، حيث ورد في التقرير السابق: “أكدت هيئاتُ معاهدات حقوق الإنسان في تعليقاتها العامة، وملاحظاتها الختامية، وآرائها بشأن البلاغات، أن الدولَ ملزمةٌ بحماية الجميع من التمييز على أساس الميل الجنسي sexual orientation والهوية الجندرية gender identity لا يحدُّ من حقه في التمتع بمجموعة حقوق الإنسان كاملة”.

(4) حمايةُ الحقِّ في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع للشواذ جنسيًا: حيث يعتبر التقريرُ السابق (القوانين والممارسات التمييزية وأعمال العنف الموجهة ضد الأفراد على أساس ميلهم الجنسي أو هويتهم الجنسانية لسنة 2011م) أن: “حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي حقوقٌ مكرسةٌ في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (المادتان 19،20) والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (المواد 19،21،22)، وتنصُّ المادةُ 19 من الإعلان العالمي على أنه: “لكل شخصٍ الحقُّ في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحقَّ حرية اعتناق الآراء دون أي تدخلٍ، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها”. وتنصُّ المادةُ 20 على أن “لكل شخصٍ الحقُّ في حرية الاشتراك في الجمعيات والجماعات السلمية”.

(5) حقُّ اللجوء السياسي للشواذ جنسياً: فوفقاً للتقرير السابق: “ترى مفوضيةُ الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، أن الأفراد الذين يخافون الاضطهاد بسبب ميلهم الجنسي أو هويتهم الجنسانية، يمكن اعتبارُ أنهم ينتمون إلى “فئة اجتماعية معينة” وينبغي للدول الأطراف في الاتفاقية أن تكفل عدم إعادة هؤلاء الأفراد إلى دولةٍ تكون فيها حياتهم أو حريتهم مهددةً بالخطر، وأن تعترف بهم كلاجئين يعاملون وفقاً لأحكام الاتفاقية، إذا كان الأفرادُ المعنيون يستوفون معايير مركز اللاجئ”.

(6) إلغاءُ القوانين التي تُعاقبُ الشواذ جنسياً، وعلى رأسها عقوبةُ الإعدام: حيث نصَّ ذاتُ التقرير على: «المادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية»، التي تنصُّ على أنه «لا يجوز في البلدان التي لم تلغ عقوبة الإعدام، أن يُحكم بهذه العقوبة إلا جزاء على أشد الجرائم خطورة».

وأكدت لجنةُ حقوق الإنسان واللجنةُ المعنية بحقوق الإنسان، أن تطبيقَ عقوبة الإعدام على الأفعال غير العنيفة، بما فيها العلاقات الجنسية القائمة على التراضي بين أشخاص بالغين، يشكل انتهاكًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان.

ولم تدخر الأممُ المتحدةُ جهدًا في دعم الشذوذ الجنسي ومناصرة الشواذ جنسياً، على كافة المستويات، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:

أ- دعم وكلائها من المنظمات غير الحكومية التي تصدرت للمطالبة بحقوق الشواذ جنسياً: وذلك بدعمهم بخبرائها في مجال «حقوق الإنسان»، وبعض موظفيها السابقين للمشاركة في إصدار مواثيق يتمُّ فيها وضعُ مطالب الشواذ جنسياً، ومن أمثلة ذلك المشاركة بخبراء أمميين وبموظفين سابقين بالأمم المتحدة، من بينهم مفوض سام سابق لحقوق الإنسان، ومقرر خاص في الأمم المتحدة، وأعضاء في هيئات خاصة بمعاهدات دولية، مع عددٍ من المنظمات غير الحكومية المطالبة بحقوق للشواذ جنسياً، في إصدار «مبادئ يوجياكارتا YogyakartaPrinciples» نوفمبر 2006م، ثم اعتبار تلك المبادئ من المراجع التي يُستندُ إليها في الوثائق الأممية.

ب- تأسيسُ «مجموعة الأمم المتحدة الأساسية للمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية» سنة 2008م.

ت- تبني القيادات العليا للأمم المتحدة كافةَ مطالب الشواذ جنسياً، فطالما استنكر «بان كي مون» الأمين العام السابق للأمم المتحدة، اشتمال قوانين الدول الإسلامية على عقوبةٍ خاصةٍ بجريمة الشذوذ الجنسي، وكان يقول مستنكرًا: «الآن يعتبرُ الشذوذ جريمة في أكثر من سبعين دولة. وهذا التجريمُ غير صحيحٍ»!

ث- انعقاد أول اجتماع وزاري في الأمم المتحدة حول حقوق الشواذ جنسياً، بعنوان «دور الأمم المتحدة في إنهاء العنف والتمييز ضد الأفراد الـLGBT (السِّحَاقيات واللوطيين ومتعددي الممارسات والمتحولين)» سنة 2013م.

ج- إطلاق مكتب حقوق الإنسان بالأمم المتحدة حملة “أحرار ومتساوونFree and Equal” سنة 2013م، بقصد إحداث تغييرات في القوانين والتعليم العام للقضاء على “فوبيا الشذوذ الجنسي”. وهدفها قلبُ الموازين، حتى يصبح كلُّ مَنْ يستنكرُ الشذوذ الجنسي شخصاً غير طبيعيٍ ومصاباً بـ «الفوبيا»، ومن ثمَّ يقعُ تحت طائلة القانون، كما تستهدفُ تلك الحملة إدماج حقوق الشواذ جنسياً في مناهج التعليم العام، لتهيئة الأطفال والشباب منذ الصغر على قبول الشذوذ الجنسي.

ح- عقد مؤتمر (حقوق الإنسان: التوجه الجنسي والهوية الجندرية) بأوسلو سنة 2013م. وقد شارك فيه “بان كي مون”، وقال في كلمته: “وعدي للسِّحاقِيات واللوطيين ومتعددي الممارسات والمتحولين الأعضاء في الأسرة البشرية هو: أنا معكم. أعدُكم كأمين عام للأمم المتحدة، أن أشجبَ الهجومَ عليكم، وسأواصلُ الضغطَ على القادة من أجلكم. أنا ملتزمٌ بقيادة حملةٍ عالميةٍ بالشراكة مع مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان. أنا أعتمد على الآخرين في تنفيذ هذا، معاً نستطيعُ أن نجعل العالم أكثر أماناً، أكثرَ حريةً، وأكثرَ مساواةً للجميع”. خ- إصدارُ 12 هيئة من هيئات الأمم المتحدة بياناً مجمعاً حول (القضاء على العنف والتمييز ضد المثليات ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري النوع الاجتماعي وثنائيي الجنس) سنة 2015م. وغير ذلك كثير.

ومن خلال ما سبق يظهرُ لنا أن النظام الرأسمالي هو مَنْ يقفُ خلفَ نشرِ الشُّذوذ الجنسيِ في العالم المعاصر، مع أنَّ عقلاءَ البشر من مسلمين وغيرهم يستنكرون الشُّذوذَ الجنسي، [والغربُ لم يجد معرةً في تشريع فاحشة اللواط، ولا عجبَ في ذلك، فالماديةُ والوثنيةُ التثليثية والإباحيةُ يلزمُ منها بالضرورة تشريعُ فاحشة اللواط، إذ لا مانعَ عندهم يمنعُ من ذلك، فتشريعُها عندهم هو تحصيلُ حاصلٍ، وهو زيادةٌ في الانحراف، وتعتبرُ معظمُ منظماتِ حقوق الإنسان في الغرب “المثليةَ الجنسية” طبيعيةً جداً وغير مرضيةٍ، ولا غرابةَ في هذا، إذ الشيءُ من معدنه لا يُستغرب، ولكن الإشكالَ فيمن قَبِل تشريعَهم من المسلمين، فلا شك أنَّه على خطرٍ عظيمٍ، لأنَّ قبولَ التشريعِ والتحليلِ والتحريمِ من غيرِ الله تعالى، هو كفرٌ أكبرُ، وهو غيرُ الممارسةِ العمليةِ استجابةً للهوى وإشباعاً للذَّةِ، فإنَّ هذا فسوقٌ لا يُكفر به صاحبهُ، لأنَّ جرمَهُ إنَّما كان في الممارسةِ دون قبولِ أحكامِ غيرِ الله تعالى، فالطاعةُ هنا هي طاعةٌ في معصيةٍ مجردةٍ بخلاف الأول، فإنَّ جرمَه تعلق بمناطِ قبولِ الأحكامِ من غيرِ الله تعالى، وهي الطاعةُ في التشريع والتحليل والتحريم، وهو معنى اتخاذُ غيرِ الله حَكَماً. قال تعالى:{أَفَغَيرَ اللَّهِ أَبتَغي حَكَمًا وَهُوَ الَّذي أَنزَلَ إِلَيكُمُ الكِتابَ مُفَصَّلًا وَالَّذينَ آتَيناهُمُ الكِتابَ يَعلَمونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِن رَبِّكَ بِالحَقِّ فَلا تَكونَنَّ مِنَ المُمتَرينَ} سورة الأنعام الآية 114.]

ولا شكَّ أنَّ النظامَ الرأسمالي قد اتخذ المنظماتِ الدوليةِ مطيةً لتمريرِ وتشريعِ الشُّذوذِ الجنسي، ففي سنة 1976م اعتمدت هيئةُ الأمم المتحدة، “المؤسسة الدولية للمثليين والمثليات والمزدوجين والمتحولين جنسياً والانترسكس” التي تعرف باختصار إيلغا (ILGA) وهي منظمةٌ دوليةٌ صارت تجمعُ أكثر من 750 مجموعة من “إل جي بي تي” وثنائي الجنس من جميع أنحاء العالم.

والمقصود من «إل جي بي تي» هو «مجتمع الميم» ويشار به إلى مجتمع مثلي الجنس، وهو تجمع للمثليات والمثليين، مزدوجي الميل الجنسي، والمتحولين جنسياً أي الشاذين جنسياً.

وكان من نتائج تحركاتِ هيئة الأمم المتحدة أن وقَّعَ ستةٌ وستون بلداً في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سنة 2008م، بياناً يتعلقُ برفعِ العقوبة عن الشَّاذِّين جنسياً “المثلية”

وهنالك عددٌ من الدول في العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، وبعض الدول الغربية كالنرويج وهولندا وبلجيكا وإسبانيا وكندا، قامت بإضفاءِ الشرعية على الشُّذوذِ الجنسي بما في ذلك تشريع «زواج المثليين» تحت مسمَّى الحرية الشخصية، وجرى تسويقُ الشُّذوذِ الجنسي والدفاع عنه علانيةً، حيث زعمت الحضارةُ الغربية أنَّ من حقوق الانسان أن يختار ميوله الجنسية، ولو كانت شاذةً.

وبداية من سنة 2001م شرَعت هولندا في اعتماد زواج المثليين، بل سنَّت قوانينَ جديدةٍ حول هذا الزواج وجعلته متوازناً في الحقوق والواجبات مع الزواج العادي، بالإضافة إلى اعتماد شراكةٍ مع المثليين بدأتها هولندا، وحركتها بلجيكا واعترفت بها معظم دول الاتحاد الأوروبي، وفي سنة 2011م وقَّعَت أكثرُ من 96 دولة على زواج المثليين والرعاية الكاملة للمزدوجين والمتحولين جنسياً تحت مسمَّى «حقوق المثليين».

وفي سنة 2015م قضت المحكمةُ الأميركيةُ العليا بالسماح بزواج المثليين في عموم الولايات المتحدة، بعد أن كان السماحُ مقتصراً على 36 ولاية فقط من أصل 50 ولاية، وبهذا التحقت الولاياتُ المتحدةُ بالدول التي تسمحُ بالزواج المثلي، كالدنمارك وهولندا وبلجيكا وجنوب أفريقيا والبرازيل وغيرها.

ومن وسائلِ ترويجِ الشُّذوذ الجنسي عالمياً الأفلام والمسلسلات الأمريكية التي لا تخلو من مشاهد الشُّذوذ الجنسي.

ولا يخفي دورُ بعضِ مؤسسات الإعلام العربي التي تقومُ بدورٍ كبيرٍ في الترويج للشُّذوذِ الجنسي ودفعِ الناس إلى تقبلهِ، مصورةً حالاتِ الشُّذوذِ الخاصةِ التي تنتقيها من المجتمع على أنها حالاتٌ عامة، وعلى أنها أمور طبيعية، لا تتعدى كونها حباً كأي حبٍ بين الجنسين.

يقول الدكتور محمد عمارة: [وفق هذه المواثيق التي فرضتها هذه الحركاتُ الأنثويةُ المتطرفةُ على العالم، أصبح من حقِّ المراهقين والمراهقات ممارسةُ الشذوذ الجنسي، والإتيان بالرفقاء والرفيقات إلى المخادع، تحت سمع وبصر الوالدين. ومَنْ يعترضُ يمكن محاكمتهُ قانونيًّا في البلاد التي صدَّقت على اتفاقية CEDAW!! فنحن أمام دينٍ جديدٍ لقوم لوطٍ الجدد!. وكما يقول البروفسير الأمريكي «ويلكنز»: إن المجتمع الغربي قد دخل دوامة الموت، ويريد أن يجر العالم وراءه!..

وكأنما شعارهم يقول: {أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} النمل:56].

3- ثالثاً: إن رفعَ المسؤولية عن الشواذِ جنسياً، وإظهارهم بثوبِ الضحيةِ التي جنى عليها المجتمعُ، وتقديمَ الحمايةِ لهم وعدمَ تجريمهم، كما في الدعوةِ التي أطلقتها وزارةُ العدلِ الفلسطينية، أمامَ لجنة حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة لعدم تجريم الشذوذ الجنسي من المثليين وأشباههم، إنما هو رضوخٌ للإملاءاتِ الغربية، ورضوخٌ للثقافةِ الغربيةِ الفاسدةِ، وما هو إلا وسيلةٌ لنشرِ الفاحشةِ والمنكراتِ في المجتمع الفلسطيني. إن نشرَ ثقافة الشاذين جنسياً في المجتمع الفلسطيني المسلم، يُسهم بلا شكٍ في نشرِ الفاحشةِ بين المسلمين، قال الله تعالى:

{إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ ءَامَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} سورة النور الآية 19.

وإن نشرَ ثقافةِ الشاذين جنسياً، وجعلها محميةً بحكمِ القوانين، يهدفُ إلى هدمِ وطمسِ وإلغاءِ الأحكامِ الشرعيةِ المتعلقةِ بالأسرةِ، ويفرضُ على الأسرةِ المسلمةِ نمطَ الحياةِ الغربيةِ، المتحررِ من القيم والمبادئ الأخلاقية، ويدعو لمسخِ البقيةِ الباقيةِ من قيمنا الأخلاقية.

وينبغي أن يُعلم أنه يوجدُ في فلسطين جمعياتٌ مشبوهةٌ وممولةٌ من الدول المانحة، تعملُ على نشرِ الشذوذِ الجنسي تحت مُسمَّى «المثلية الجنسية والتعدُّديَّة الجنسيّة والجندريَّة»، وتهدفُ هذه الجمعيات إلى إشاعةِ الفاحشةِ والمنكرِ. ومن هذه الجمعيات جمعيةٌ تسمِّي نفسَها «القوس للتعدّديّة الجنسيّة والجندريّة في المجتمع الفلسطيني»!

وبناءً على ما سبق فإنني أؤكد على أنه لا يجوزُ شرعاً للجهاتِ الرسميةِ الرضوخُ للإملاءاتِ الغربيةِ، ولا الرضوخُ للثقافةِ الغربيةِ الفاسدةِ في حمايةِ الشاذين جنسياً، من خلال إقرارِ القوانين التي تجيزُ الشذوذَ الجنسي وتحميهِ، ولماذا تُعطون الدنيَّةَ من دينكم؟ هل كل ذلك مقابل التمويل الأجنبي؟

ويجب أن تعلموا أن أيَّ اتفاقيةٍ مهما كانت، عالمية أو غير عالمية، تتعارضُ مع عقيدتنا، وتخالفُ شريعتنا الإسلامية، فهي مرفوضةٌ رفضاً تاماً،” فالإسلام يعلو ولا يُعلى عليه”. وهذه القاعدة لها مستندٌ قرآني كريم، ونصٌّ نبويٌ شريفٌ، وقاعدةٌ شرعيةٌ ماضيةٌ، وحقيقةٌ فطريةٌ، وبرهانٌ عقليٌ ساطعٌ.

واعلموا أيها المسؤولون في وزارة العدل أن الاعتراف بالشذوذ الجنسي، وفتح الباب لإدراج حقوق الشواذ من زواج المثليين وتكوين أسر غير نمطية

كما تروجُ له الأممُ المتحدة ضمن دعاوى حقوق الإنسان الزائفةِ. إنما هو تدميرٌ لنظام الأسرة في دين الإسلام؟! وينبغي أن أذكركم بأن المادة (4) من القانون الأساسي الفلسطيني، قد نصَّت على أن الإسلامَ هو الدِّينُ الرسمي في فلسطين، وأن مبادئَ الشريعةِ الإسلامية مصدرٌ رئيسيٌ للتشريع! فهل ما تقومون به متوافقٌ مع ذلك؟؟

ويا أيها المسؤولون في وزارة العدل، اعتبروا بما جرى في الغرب، فقد تعرضت الأسرةُ في العالم الغربي لتفكيكٍ عميقٍ وواسعٍ، انعكست آثارهُ في العقودِ الأخيرة، ففي العام 2018م كشف مكتبُ الإحصاء الأوروبي أن (155) مليون أسرة من بين (220) مليون أسرة في الاتحاد الأوروبي ليس لديها أطفال، أما الأطفالُ الذين يولدون خارج إطارِ الزواجِ فزدات نسبتُهم عن 47% من الأطفال المولودين، وفي فرنسا فإن 60% من الولادات تأتي من خارج إطار الزواج.

وعلى وزارة العدل الفلسطينية أن تعلمَ أن الشعبَ الفلسطيني الصامد في بيت المقدس وأكنافه، يرفضُ الشذوذَ الجنسي جملةً وتفصيلاً، وأستغربُ من هؤلاء الذين يريدون تشريعَ الشذوذَ الجنسي، وتوفيرَ الحماية للشَّاذين جنسياً، هل تقبلون لأولادكم وبناتكم أن يكونوا شاذين جنسياً، أي لواطيين وسحاقيين!؟ هل تقبلون لأولادكم وبناتكم، أن يتحولوا إلى مثليي الجنس، فيعاشرُ الذكرُ الذكرَ والأنثى الأنثى؟!

يا أهلنا الصامدين في بيت المقدس وأكنافه اعلموا أن كلاً من اللواط والسِّحَاقِ يعنيان في مصطلحنا اليوم الشذوذ الجنسي عند الذكور وعند الإناث. واحذروا من الذين يلعبون في حقائق الأمور، فيستبدلون الشذوذَ الجنسي بأسماء مائعة كقولهم:” المثلية الجنسية أو ثنائيي الجنس، أو المتحولين جنسياً، أو متعددي الهويات الجنسية” فهذا تلاعبٌ بالألفاظ لا يُغير شيئاً من حقيقةِ الشذوذِ الجنسي – اللواط والسِّحَاق-. فلا بدَّ من التشديد على استخدام مصطلح (الشذوذ الجنسي) عند الحديثِ عن هذا الفعل المنكر، ورفضِ استبدالهِ بمصطلحاتٍ أخرى كالمثلية الجنسية، الذي يُعتبر مجردَ توصيفٍ لما يسمَّى بالميلِ الجنسي للفرد، دون أن يحتوي على أيِّ حكمٍ أخلاقيٍ بتحريمهِ وتجريمهِ ورفضهِ.

وختاماً فإنني أدعو العلماءَ والدعاةَ في فلسطين أن يأخذوا دورَهم في محاربةِ الشذوذ الجنسي– اللواط والسِّحَاقِ- وكلَّ ما يتعارضُ مع ديننا الحنيف، وأن ينشروا التوعيةَ الشرعية بين الناس، وخاصةً بين الشباب والشابات، وتحذيرهم من هذه الأفكار المشبوهة، وأن لا تغرُّهم شعاراتُ حقوقِ الانسانِ الزائفةِ، ولا بدَّ من تعريف شبابنا بخطورةِ الشذوذِ الجنسي، وأثره في هدمِ الأسرةِ، ونشرِ الأمراضِ الجنسيةِ كمرض الإيدز وغيره، ولا بدَّ من وقوفِ جميع الجهات، من حكومةٍ ومدارسَ وجامعاتٍ ومساجد وأهل الخير، سداً منيعاً في وجه هذا الشذوذِ المدمرِ لكل القيم والأخلاق.

قال الله تعالى:

{وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}

سورة ابراهيم الآية 22.

والله الهادي إلى سواء السبيل

Please follow and like us:
د. حسام الدين عفانة
فقيه ومفتي وكاتب فلسطيني، وأستاذ الفقه والأصول في جامعة القدس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة جريدة الأمة على يوتيوب