د. حسام الدَّين عفانة يكتب: عداوة فرنسا للإسلام
هنالك حربٌ منظمةٌ تُشنُّ على دينِ الإسلامِ ورموزهِ في عددٍ من الدولِ الأوروبيةِ، وعلى رأسها فرنسا، ثم السويد وهولندا والنرويج والدنمارك، وهذه الحربُ القذرةُ تمثلت في مظاهرَ كثيرةٍ، كنشرِ الرسومِ المسيئةِ للنبي محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وحرقِ نسخٍ من المصاحف، ومطالبة المسلمين بحذفِ سورٍ من القرآنِ الكريمِ، ومنعِ المسلماتِ من ارتداءِ الجلبابِ، وأخيراً منعُهنَّ من ارتداءِ العَباءةِ.
وتعتبرُ دولةُ فرنسا اليومَ واحدةً من أكثرِ الدولِ معاداةً للإسلامِ والمسلمين! ولا شكَّ أن عداءَ فرنسا للإسلامِ حديثاً، مرتبطٌ بماضيها الاستعماري. ولا يمكنُ فهمُ موقفِ فرنسا المعادي للإسلامِ اليوم، دون فهمِ ماضيها الإجرامي في حقِّ المسلمين، فحملةُ نابليون على مصر والشام، والجرائمَ التي ارتكبها الفرنسيون في حقِّ المسلمين، تأتي بعد الحملات الصليبية التي انطلقت من فرنسا، وعاثت دماراً وخراباً في المشرقِ الإسلامي. ولما اقتحمَ الصليبيون مدينةَ القدسِ أوغلوا ذبحاً وقتلاً في المسلمين، وارتكبوا مجزرةً جماعيةً استمرت عدةَ أيامٍ، وكانت حصيلتُها نحو مئة ألف مقدسي؟! وحولوا المسجدَ الأقصى المبارك إلى اصطبلٍ لخيولهم!
وتاريخُ فرنسا الإجرامي على وجه الخصوص في حقِّ المسلمين وغيرهم، ممَّن خضعت بلادُهم للاحتلال الفرنسي على مدى عقودٍ، يُغذي الحقدَ على الإسلامِ والمسلمين حالياً.
إن الوجه الحقيقي للإجرام الفرنسي في حقِّ المسلمين وغيرهم، سَجّلَهُ التاريخُ في صفحاتٍ سوداءَ قاتمةٍ، والشواهدُ على ذلك كثيرةٌ، أذكرُ بعضها بإيجاز:
مجزرةُ يافا التي ارتكبها نابليون أثناء زحفه إلى عكا، حيث قتلَ ستة آلاف من أسرى المسلمين. والمجازرُ التي ارتكبها الجيشُ الفرنسي في مصر أثناء حملة نابليون.
وسجلُ جرائم فرنسا بحقِّ الشعبِ الجزائري تحت الحكم الفرنسي بين سنتي 1830-1962م حافلٌ بأقذرِ الجرائم التي عرفتها البشريةُ، فقد قُتل خلال تلك الفترة أكثرُ من مليون ونصف المليون جزائري!
وأرسلت فرنسا جماجمَ قادةِ الثوار بعدما أعدمتهم، إلى متحفِ الإنسانِ في العاصمة باريس عامي 1880 و1881م. ومنذ فترةٍ قريبةٍ استرجعت حكومةُ الجزائر جماجمَ عددٍ منهم؟!
ولا ننسى سلسلةَ التجاربَ النووية التي أجرتها فرنسا في الصحراء الجزائرية بين عامي 1960-1966م. واتخذت فرنسا المجرمةُ عدداً من المواطنين الجزائريين نموذجاً لتجربةِ تأثير القنابل النووية على الانسان! وغير ذلك من جرائم فرنسا بحقِّ المسلمين.
وفي العصرِ الحاضرِ تولت فرنسا الزعامةَ في محاربةِ الإسلامِ ورموزهِ، ومن المعلوم أن فرنسا تضمُّ أكبرَ أقليةٍ مسلمةٍ في أوروبا، حيث بلغ عددُ المسلمين حوالي ستةَ ملايين نسمة.
ومن محاربةِ فرنسا للإسلامِ ورموزهِ، الدَّعوةُ الفرنسيةُ إلى تجميدِ وحذفِ وإبطالِ سورٍ من القرآن الكريم، أو بعض الآيات التي تدعو بزعمهم إلى «قتلِ ومعاقبةِ اليهود والمسيحيين والملحدين».
فقد نشرت صحيفةُ «لو باريزيان» الفرنسية بتاريخ 22/4/2018م بياناً مأفوناً بعنوان: «ضد معاداة السامية الجديدة» موقعاً من الرئيس الفرنسي السابق «ساركوزي» و300 شخصيةٍ عامةٍ، حيث طالبوا بحذفِ وإبطالِ سورٍ من القرآن الكريم، وحثَّ الموقِّعون على البيان، سلطاتِ المسلمين في فرنسا على إبطالِ سورِ القرآنِ التي تدعو إلى «قتلِ ومعاقبةِ اليهود والمسيحيين والملحدين» كما زعموا!
وتأتي هذه الدعوةُ الآثمةُ في سياقِ صُنعِ إسلامٍ على مقاسِ فرنسا، حسب رغبة الرئيس الفرنسي «ماكرون» في وضعِ أُسسِ تنظيمِ الإسلامِ في فرنسا.
وكذلك فإن الرئيس الفرنسي «ماكرون» يشنُّ هجمةً قذرةً على دين الإسلام، وعلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمتمثلة بنشر الرسوم الكاريكاتورية التي تسيءُ لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن محاربةِ فرنسا للإسلامِ ورموزهِ، الهجومُ المتجددُ والمحاربةُ للجلباب الشرعي، فقد أقدمت السلطاتُ الفرنسيةُ عام 2004م على حظرِ الحجابِ في المدارس والكليات والمدارس والثانويات العامة. كما أصدرت السلطاتُ الفرنسيةُ حظراً على ارتداءِ النقابِ في الأماكن العامة عام 2010م.
ونشرت وزارةُ التربية الفرنسية حديثاً تقريراً خاصاً عن تزايد انتهاكِ العلمانيةِ في المدارس. وجاء فيه: «انتهاكُ العلمانية زاد بنسبة 150 بالمئة في السنوات الأخيرة، حيث يرتدي الطلابُ والطالباتُ ملابسَ تشبه العباءةَ والسترةَ». ورأت الوزارةُ أن ذلك يتعارضُ مع قانون العلمانية الذي صدر عام 2004م ويحظرُ الرموزَ الدينية في المدارس.
وقد صوت البرلمان الفرنسي مؤخراً، على تعديلاتٍ جديدةٍ ضمن ما يسمى «قانون مكافحة الانفصالية» تم بموجبها إضافةُ بندٍ إلى مشروعِ القانونِ يقضي بمنعِ ارتداءِ الحجابِ لمن هن أقل من 18 سنة في الأماكن العامة، ومنعِ ارتداءِ الحجابِ لمرافقاتِ التلاميذِ خلالَ الرحلاتِ المدرسية.
وها هي فرنسا اليوم تحظرُ ارتداءَ العباءةِ الإسلامية في المدارس بعد أن حظرت الحجابَ، فقد أعلن وزيرُ التربية الفرنسي حظرَ ارتداءِ العباءاتِ الإسلاميةِ التي ترتديها بعضُ الطالباتِ المسلماتِ في المدارس، واعتبر أن العباءةَ تنتهكُ القوانين العلمانية الصارمة بفرنسا في مجال التعليم.
ووصف وزيرُ التربية الفرنسي العباءةَ بأنها «لفتةٌ دينيةٌ تهدف إلى اختبارِ مقاومةِ الجمهوريةِ تُجاه الحرمِ العلماني الذي يجب أن تُشكلَهُ المدرسةُ»، معتبراً أن العلمانيةَ وفقاً لتصورهِ من المفترضِ أن تعني «تحررَ الذاتِ من خلالِ المدرسةِ». ورأى وزيرُ التربية الفرنسي أنه «من الخطأِ التَّعرفُ على ديانةِ الطلابِ من خلالِ النظرِ إليهم عند الدخول إلى الفصول الدراسية» وفقاً لزعمه.
وقد ساندت الأحزابُ اليمينةُ المتطرفةُ قرارَ المنعِ، فقد قال رئيس حزب «الجمهوريون»: «الطائفيةُ عبارةٌ عن جُذامٍ يهددُ الجمهورية، ولقد طالبنا عدة مرات في السابق بمنعِ ارتداءِ العباءةِ في مدارسنا. أُحيي قرارَ وزيرِ التربية الذي أنصفنا».
وقد زعم «ساركوزي» لما كان وزيراً للداخلية الفرنسية: [أن البرقعَ أو النقابَ الذي يُغطي المرأة من رأسها إلى أخمصِ قدميها، يُشكلُ علامةَ استعبادٍ للمرأةِ، وأن ارتداءَه غيرُ مرحبٍ به في فرنسا. وأكد أن البرقعَ ليس رمزاً دينياً، وإنما رمزُ استعبادٍ للمرأةِ، وأُريدُ أن أؤكد علناً أن البرقع غيرُ مرحبٍ به في أراضي الجمهورية الفرنسية. ولا يمكن أن نقبلَ في بلادنا نساءً سجيناتٍ خلف سياجٍ، ومعزولاتٍ عن أيِّ حياةٍ اجتماعيةٍ، ومحروماتٍ من الكرامةِ. هذه ليست الرؤيةُ التي تتبناها الجمهوريةُ الفرنسيةُ بالنسبة لكرامةِ المرأةِ!؟].
إن فرنسا تزعمُ أنها تدافعُ عن قيمِ العلمانيةِ الجمهوريةِ، في حين أنها على الأغلبِ تدافعُ عن جنوحها المتزايد نحو اليمين المتطرف، متخذةً من المسلمين على أراضيها هاجِسَها الأكبر.
إن الحملةَ الفرنسيةَ على الحجابِ والعباءةِ تتناقضُ مع شعاراتِ الحريةِ والمساواة التي ترفعُها فرنسا! وتتناقضُ مع القرارِ الذي أصدرهُ مجلسُ حقوقِ الإنسان التابع للأمم المتحدة في 28 أيار 2008م، وانتقد خلاله القانونَ الفرنسي الذي يقضي بحظرِ ارتداءِ الزي الديني في المدارس بما فيه الحجاب الإسلامي.
ويحقُّ لنا أن نتساءل لماذا هذه الهجمةُ على الجلبابِ والعباءةِ؟ مع أنه يوجدُ في فرنسا، بل في كلِّ العالم الغربي راهباتٌ يغطين رؤوسهن، ويلبسن ما يُشبه الجلباب! وكذلك فإن فرنسا لا تمنعُ وضعَ القلنسوةِ اليهودية على الرأس، ولا تمنعُ وضعَ الصليب الكبير على الصدر! وهذه رموزٌ واضحةٌ تدلُّ على ديانةِ واضعها!
إن حملةَ فرنسا والدول الأوربية الأخرى على الإسلامِ ورموزهِ، تأتي ضمن ما يسمَّى (الإسلام فوبيا) أي ظاهرةُ التخويفِ من الإسلامِ، ومن أهمِ أسبابِ انتشارها في العالم الغربي، الجهـلُ الواضحٌ بدينِ الإســلام، حيث إن من أهم مصادرِ الثقافةِ الغربيةِ عن الإسلامِ والمسلمين، المعلوماتُ المشوهةُ والمزورةُ والمضللةُ عن الإسلامِ وأهلهِ، التي قدَّمها غلاةُ المستشرقين المتعصبين على مرِّ العصورِ والأيامِ.
ومن أسباب انتشار (الإسلام فوبيا) عالمياً وخاصةً في أوروبا وأمريكا، اللوبي اليهودي وأدواته الفاعلة، كالسينما العالمية ووسائل الإعلام، وبالذات القنوات الفضائية، فقد أعطت للناس في الغربِ صورةً مشوهةً عن الإسلام والمسلمين، بل كانت الصورةُ مغلوطةً وعدائيةً ومسيئةً للإسلام والمسلمين. وكل ذلك من أجلِ الدفاعِ عن دولةِ يهود، وتصويرها على أنها واحةُ الديمقراطية والثقافة الغربية، في وسط صحراءِ العداءِ للغربِ وتهديدِ أمنه كما زعموا!
وهنالك مع الأسف جهاتٌ عديدةٌ في العالم العربي، تساوقت مع ظاهرة (الإسلام فوبيا) كالعلمانيين والليبراليّين واليساريّين، وكالطغاة وأعوانهم، فهؤلاء يُغذُّون ظاهرة (الإسلام فوبيا) في مواقفهم وكتبهم وأقوالهم، كتحذيرهم من المسلمين في أوروبا، وتخويفِ الأوروبيين من المساجد. ولم يكتفوا بذلك، بل نقلوا ظاهرة (الإسلام فوبيا) إلى بلادِ المسلمين تحتَ حُجةِ محاربةِ ما يسمونهُ «حركات الإسلام السياسي» فحاربوا المساجد وضيقوا على الدعاة ودروس العلم الشرعي وحلقات تحفيظ القرآن الكريم وغيرها.
والواجبُ الشرعي على علماءِ الأمةِ المسلمةِ، أن يردُّوا على أكذوبةِ حريةِ التعبير عن الرأي والسماحِ بهذه الأعمال المعادية للإسلام، التي تستهدفُ المسلمين ورموزهم، وخاصةً إهانُة كتابنا المقدس -القرآن الكريم- تحت ستارِ حريةِ التعبيرِ الكاذبة، فالقوانينُ الغربيةُ تعتبر حرقَ المصحف ضمن حرية الرأي.
إن الموقف الغربي من حرقِ المصحفِ بحجةِ حريةِ التعبير، فيه ازدواجُ المعايير الغربية، ويحقُّ لنا أن نتساءلَ أيضاً لماذا تختفي حريةُ الرأي تلك؟ ولا يسمحُ بها حين يتعلق الأمرُ بالمساس باليهودية أو بالدولة الصهيونية اللقيطة، وليدة الجرائم الأوروبية النازية والفاشية ضد يهود أوروبا بالذات.
ولماذا تختفي حريةُ الرأي تلك؟ ولا يسمحُ بها حين يتعلقُ الأمرُ بحرقِ علم إسرائيل أو علم المثليين!
ولماذا تختفي حريةُ الرأي تلك، ولا يُسمحُ بها حين يتعلقُ الأمرُ بإنكار «الهولوكوست»؟ حيث تُجَرِّمُ الدولُ الأوروبية منكرَها! هل حريةُ التعبير مسموحٌ بها للتطاول على الدين الاسلامي ورموزه وكتابه المقدس على وجه الخصوص؟!
وكيف باتت حريةُ التعبير في أوروبا محصورةً في حرق المصحف الكريم، والتطاول على الإسلام ورموزه! ولماذا تكون حريةُ التعبير مكفولةً عند الإساءة إلى معتقدات مليار ونصف المليار من المسلمين حول العالم!؟ ألا يشكل ذلك استفزازاً لمشاعر كل المسلمين في العالم، وعدواناً سافراً على عقيدتهم ورموزهم وكتابهم المقدس؟ إنها ازدواجية المعايير في سلوك الدول الغربية، وتعني “الكيلُ بمكيالين في التعاملِ مع القضايا المتشابهة”. وسياسةُ ازدواجية المعايير، أو المعايير المزدوجة أو الكيل بمكيالين هي مفهومٌ سياسيٌ غربيٌ صِيغ بهيئته الحديثة عام 1912م.
إن سياسةَ ازدواجيةِ المعاييرِ المتبعةِ في الدولِ الغربية، هي علامةُ الخُبثِ والتزويرِ والحقدِ على الإسلامِ والمسلمين. وسياسةُ ازدواجيةِ المعاييرِ لدى الدول الغربية ليست جديدةً، فهذه الدولُ تتعاملُ بها منذ عهدٍ بعيد، ومن ذلك التعاملُ مع قضية الشعب الفلسطيني منذ النكبة وحتى الآن. ومن ذلك أيضاً ازدواجيةُ معاييرِ الدولِ الغربية بالسياسات التمييزية التي مارستها ضد اللاجئين المسلمين وغيرهم من ذوي البشرة السوداء، ومقارنتها مع تعاملها مع اللاجئين الأوكرانيين، حيث ظهرت بشكلٍ واضحٍ المعاملةُ التفضيليةُ للاجئين الأوكرانيين مقابلَ السياساتِ التمييزيةِ تجاه اللاجئين المسلمين وغيرهم من ذوي البشرة السوداء! إن سياسةَ ازدواجيةِ المعايير لدى الدول الغربية والمجتمعات الغربية، استعملت كثيراً ضدَّ المسلمين على وجه الخصوص، ومما يؤكدُ استعمالَ الغربِ ازدواجيةَ المعايير أنه لا يُجرم معاداةَ الإسلام في مجتمعاتهم!
إن ازدواجيةَ المعايير في الدول الغربية في تعاملها مع قضايا الإسلام والمسلمين، تكشفُ أُكذوبةَ المصطلحاتِ الزائفةِ التي تروجها الثقافةُ الغربيةُ مثل: «حرية التعبير» «حرية الرأي» و«حرية الاعتقاد» و«حرية الانتقاد» «وحقوق الإنسان»، وغيرها من المفردات والمصطلحات التي طالما تغنَّى بها الغربُ وتباهى بتطبيقها، ورددها على مسامعنا كثيراً لدرجةِ التشدُّقِ، وطالبَ الآخرين بتطبيقها، وحاول تسويقها عند المسلمين. وليس هذا فحسب، بل تجاوز الأمرُ في بعض الأحيان إلى الضغوطِ السياسية والاقتصادية على الدول الإسلامية لتطبيقِ وتنفيذِ منظومةِ القيمِ الغربية، بدعوى كونِ العالم قد أصبح قريةً صغيرةً (العولمة)، وبالتالي فإن منظومةَ القيمِ المستمدة من التجربة الغربية تعدُّ المنظومة الوحيدة المتفردة والتي تضمنُ للإنسانية بقاءها كما زعموا!
إن هذه المصطلحاتِ والمفرداتِ الرنَّانةِ قد أبهرت المعجبين بالتجربة الغربية باعتبارها طوقَ النجاة، وصدَّقَها كثيرٌ من المتلهفين للحرية المفقودة في ظل أنظمة الاستبداد في عالمنا الإسلامي، وقد أعمى بريقُها الغربي المضبوعين بالثقافة الغربية، الذين أخذوا الأمور بسطحيةٍ، دون أن يدققوا في خفاياها، ولم يقرأوا ما بين سطورها، وما عرفوا أنها تحملُ بين طياتها سمومًا فتاكةً تضربُ بعرض الحائط كلَّ القيمِ والمبادئِ الإسلامية، وخفيَ على هؤلاء المضبوعين أن ترويجَ هذه المصطلحاتِ والمفردات الرنَّانةِ، المقصودُ به تحقيقُ أهدافِ الغرب الاستعمارية السياسية والاقتصادية والثقافية، فما يدعيه الغربُ من «حرية التعبير» و«حرية الرأي» و«حرية الاعتقاد» و«حرية الانتقاد» «وحقوق الإنسان»، ماهي إلا أكاذيبُ وعناوينُ خادعةٌ، أنبأ عنها ازدواجيةُ المعايير الغربية في التعاملِ مع الإسلامِ والمسلمين. والبراهينُ على كذبِ هذه المصطلحات أكثرُ من أن تذكر، ويكفي أن نذكرَ أكذوبة حقوقِ الانسانِ وكيفية تعامل الغرب معها في عالمنا الإسلامي.
انظر https://www.azhar.eg
وختاماً فإن الصراعَ بين الحقِّ والباطلِ مستمرٌ أبدَ الدهر، وإن عداوةَ الكفارِ لدينِ الإسلامِ عداوةٌ دائمةٌ، قال تعالى: {إِنَّ الكَافِرِينَ كَانُوا لَكُم عَدُوًّا مٌّبِينًا} سورة النساء الآية 101.
وقال تعالى: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ} سورة البقرة الآية 120، وإنَّ هؤلاءِ الكفار يَودون للمسلمين الكفرَ بعد الإيمانِ، قال تعالى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِّن أَهلِ الكِتَابِ لَو يَرُدٌّونَكُم مِّن بَعدِ إِيمَانِكُم كُفَّاراً حَسَدًا مِّن عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الحَقُّ} سورة البقرة الآية 109، وقال تعالى: {وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُم حَتَّىَ يَرُدٌّوكُم عَن دِينِكُم إِنِ استَطَاعُوا وَمَن يَرتَدِد مِنكُم عَن دِينِهِ فَيَمُت وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَت أَعمَالُهُم فِي الدٌّنيَا وَالآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصحَابُ النَّارِ هُم فِيهَا خَالِدُونَ} سورة البقرة الآية 217.
وعلى الرُّغْمِ من هذه الهجماتِ الشرسةِ على الإسلامِ ورموزهِ، فما زالَ والحمدُ لله لهذا الدِّينِ علماؤُهُ وفقهاؤُهُ الذين يذودون عن حِماه، فيُبطلون الدعاوى الزائفة، ويردُّون على هجمات الكفرةِ والملحدينَ والعلمانيين والمضبوعين بالثقافة الغربية، ويردُّون على أصحاب الأهواء من مشايخ السلاطين، ومَنْ لَفَّ لَفَّهم، مصداقاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم:(يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ، يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ، وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ) رواه البيهقي وابن أبي حاتم وابن عساكر وغيرهم، وصححه الإمام أحمد والحافظ ابن عبد البر والعلامة الألباني.
والله الهادي إلى سواء السبيل