*لا سبيل أمام الصومال إلا اللجوء لمحكمة العدل الدولية لوقف التحركات العدائية لأديس أبابا
*إثيوبيا تستغل تراجع الدور المصري والحرب في السودان وأزمات الصومال للتحول لشرطي المنطقة
*الإمارات تشكل أكبر داعم للمساعي الإثيوبية للإضرار بوحدة الصومال والأمن القومي العربي
*بدون بلورة موقف عربي موحد يصعب لجم الطموحات الإثيوبية للوصول للبحر الأحمر
*واشنطن لن تعارض الطموحات الإثيوبية وتتعامل مع أديس أبابا كطفل مدلل
*الوصول للبحر الأحمر عبر ميناء بربرة حلقة في مسلسلة الإطماع الإثيوبية في الصومال
*اثيوبيا والامارات دولتان وظيفتان وتحولتا للذراع القوية لتنفيذ الأجندة الاميركو صهيونية
*مصر لن تدخل في مواجهة مع أثيوبيا من اجل الصومال والعرب عاجزون عن مواجهات طموحات ابي أحمد
رجح الدكتور حسن سلمان الخبير المتخصص في الشئون الإفريقية أن تتسبب محاولات أثيوبيا في الوصول للبحر الأحمر دون موافقة دول الجوار واستمرار عدوانها علي وحدة وأمن الصومال بدعم مشبوه من دولة الإمارات العربية المتحدة في إشعال حرب في القرن الإفريقي .
ولفت في حوار له مع “جريدة الأمة الإليكترونية” إلي أن اثيوبيا تسعي من خلاله هذه الخطوة لخلخلة الاستقرار الهش في المنطقة والمساس بالأمن القومى لدول الجوار وفي مقدمتها الصومال وجيبوتي وإريتريا ومحاولة فرض الأمر الواقع والتهام جزء من ارض الصومال كما سبق وفعلت في مفاوضات سد النهضة مع مصر والسودان .
واستبعد قدرة الدول العربية علي بلورة موقف موحد تجاه التحركات الإثيوبية في ظل الدور الذي تلعبه دولة الإمارات في دعم إثيوبيا وعدم قدرة القاهرة لأسباب اقتصادية علي التصدي للنفوذ الإماراتي رغم اضراره بأمن مصر القومي وهو أمر قد يتغير حال تبنت السعودية الموقف الرسمي وتبنت نهجا رافضا للتحركات الإثيوبية في ظل اهتمام االرياض اللافت بالبحر الأحمر خلال الفترة الأخيرة.
ولفت إلي حزمة من الأهداف يريد ابي أحمد تحقيقها من وراء السطو علي ميناء بربرة منها إظهار نفسه كزعيم قادر علي تحقيق طموحات الأثيوبيين التاريخية، كما فعل في ملف سد النهضة ،وكذلك العمل علي تفتيت وحدة الصومال والتحول لذراع لواشنطن وتل أبيب في المنطقة وتصدير أزماته الداخلية بالقفز إلي الخارج.
قضايا عديدة نناقشها مع الدكتور حسن سلمان الخبير في الشئون الإفريقية نعرضها بالتفصيل في السطور التالية .
*ما تقييمك لاتفاق إثيوبيا مع أرض الصومال للحصول علي منفذ علي البحر الأحمر وما خطورة هذا علي الأمن القومي للصومال ومصر ودول العالم العربي .
**من الثابت تاريخيا ان إثيوبيا وطوال تاريخها كانت دولة حبيسة وهو ما يفسر سعيها الدءوب للوصول للبحر الأحمر ،حيث أن علاقة إثيوبيا بالبحر الاحمر ظلت منقطعة ، حتي بعد انضمام إريتريا لها ،ومنذ القرن الثاني عشر كانت هناك امارات إسلامية خلال تلك الفترة ولم تكن تابعة ابدا للمركزية الإثيوبية ، وظلت إثيوبيا دولة حبيسة طوال الفترة الاستعمارية وكذلك في عهد الأتراك وكذلك خلال وجود المصريين في عهد الخديو إسماعيل ،لاسيما أن الدولة العثمانية سلمت المناطق الساحلية للدولة المصرية الخديوية وبعد المصريين تسلم الإيطاليون المناطق الساحلية ثم بسطت بريطانيا سيطرتها.
*هذه الخليفة التاريخية المهمة مأتأثيرها علي ما يجري حاليا من مساع إثيوبية للوصول للبحر الأحمر ؟
**خلال هذه الفترات ظلت إثيوبيا دولة حبيسة لم تفارق هذا الوصف ابدا لذا سعت منذ الخمسينات وخلال عهد الأمبراطورهيلاسلاسي كي تكون إريتريا جزءا من الكيان المركزي ،خصوصا بعد تصفية المستعمرات الإيطالية مراهنة علي دعم حلفائها الكبار وفي مقدمتهم بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية لتكون إريتريا جزءا من الفيدرالية الإثيوبية ومنفذ ا لها علي البحر الأحمر .
ورغم ذلك لم تغادر إثيوبيا أو مايطلق عليه أراضي الهضبة الإثيوبية وصف الدولة الحبيسة ولم تكن لها أي علاقة بالبحر الاحمر، الذي ظل بحيرة عربية اسلامية، ولم يكن إثيوبيا أي علاقة أو نفوذ في هذه المنطقة الاستراتيجية.
*هل إثيوبيا هي الدول الإفريقية الوحيدة التي يمكن أن نطلق عليها دولة حبيسة ؟
**لا إثيوبيا ليست الدولة الإفريقية الوحيدة التي يطلق عليها دولة حبيسة ، بل أن هناك الكثير من الدول في الوسط والعمق الافريقي ينطبق عليها نفس الوصف ، ولم تكن هناك أدني مشكلة من جانب هذه الدول ،ولكن ظلت المشكلة ان الدولة الإثيوبية الإمبراطورية كانت تتعامل دائما بنظرة توسعية، وتقف حدودها عن اقدم آخر جندي إثيوبي وصلت إليها .
لذا كانت تتعامل بهذه النظرة مع دول الجوار عبر الهجمات والاستهداف، لتوسيع الرقعة الإمبراطورية ،وبذل كل الجهود للوصول السواحل البحرية لذا نجدها وفي سياق استهدافها لأمن وسيادة الصومال تواصلت مع إقليم أرض الصومال غير المعترف به دوليا دون بحث الأمر مع الحكومة المعترف بها دوليا في مقديشو.
*كثيرا من المراقبين ربطوا بين الأمر وبين أطماع إثيوبيا التاريخية في الصومال ؟
**دائما ما تبنت إثيوبيا سياسات مشبوهة تستهدف أمن وسيادة الصومال، وهي سياسة تخدم أهداف أديس أبابا في خلخلة المنطقة وخلق إشكالات قد تودي لاشتعال الحرب ،مستغلة ضعف الدولة المركزية في الصومال وهو ما يمثل خطرا علي الأمن القومي الصومالي من خلال فرض سياسة الأمر الواقع لتكريس هيمنتها علي دول الجوار.
بل وتكرار ما جري مع كل من مصر والسودان فيما يتعلق بمفاوضات سد النهضة وعدم مراعاة مصالح البلدين ،واستمرار هذا النهج التوسعي الذي يحاول الرهان علي منطق القوة مستغلة عدم رغبة الدولة المصرية في التحرك الجاد لحماية مصالحها وكذلك استغلال الحرب في السودان وضعف الدولة المركزية في الصومال لتحقيق مصالح يحاول ابي احمد تسويقها كحلم تاريخي للاثيوبيين في الوصول للبحر الأحمر وإضعاف دول الجوار وفي مقدمتهم الصومال.
أهداف إثيوبيا الجيوسترتيجية
*طبقا لوجهة نظرك ما أهداف إثيوبيا الجيوسترتيجية من وراء إبرام الاتفاق لاسيما أن ابي احمد قد أوضح في تصريحات سابقة ان عدم حصول إثيوبيا علي منفذ بالبحر يهدد ب اشعال صراعات
**لاديس ابابا عدد من الأهداف من وراء مساعيها الوصول للبحر الأحمر اولها أنها تريد الخروج من دائرة ما تسمي بالدولة الحبيسة بشكل يكلفها فاتورة باهظة في نقل صادراتها ووارداتها عبر استخدام موانئ دول الجوار.
ففي فترة من الفترات كانت تستخدم الموانئ السودانية وكذلك الكينية والجيبوتية والصومالية لذا فهي تريد تقليل تكلفة هذه الفاتورة التي تحمل تداعيات سلبية علي الأوضاع الاقتصادية داخلها ، فضلا عن العمل تكرار سيناريو تسويق مشروع سد النهضة، باعتباره خيارا استراتيجيا والزعم بأن النهضة الإثيوبية لن تتحقق مادامت لا تستطيع الوصول الي سواحل البحر الأحمر.
وكان يمكن تحقيق هذا الهدف عبر اتفاق مع الدولة الإرتيرية أوالجيبوتية ولكنها لا تريد تأمين احتياجاتها عبر هذا النوع من الاتفاقات القانونية الملزمة لكافة الأطراف ولكن عبر محاولة فرض الأمر الواقع عبر الوصول لاتفاقية مجحفة مع إقليم أرض الصومال غير المعترف به دوليا، وهي ليست دولة ذات سيادة بشكل سيجعل موقف اثيوبيا اقوي في مواجهتها ،إذ فضلت أديس أبابا العمل علي أضعاف الدولة الصومالية وهو ما يعد تاريخيا هدفا استراتيجيا إثيوبيا منذ عقود طويلة.
وهناك أهداف اخري غير معلنة في اعتقادي يستطبنها رئيس الوزراء الأثيوبي ابي احمد لخدمة صراعه الداخلي مع مجموعة من القوميات والمكونات الإثيوبية، وهذه الصراعات بلا شك تضعف موقفه ،وتجعله غير مهمين علي الأوضاع الداخلية، فهو أحيانا يصطنع هذا النوع من الأزمات للتغطية علي مشاكله الداخلية
إثيوبيا والنهج العدائي ضد الجيران
*وفي هذه الأجواء لماذا تتبني إثيوبيا هذا النهج العدائي مع دول الجوار ؟
**إثيوبيا تتبني هذا النهج ،كونها تقوم بأدوار وظيفية مناطة بها من قبل الولايات المتحدة او من خلال علاقاتها مع الكيان الصهيوني، حيث غدت أديس أبابا الذراع القوية للكيان الصهيوني في المنطقة لتنفيذ الأجندات الصهيونية والغربية بشكل عام وهو دوره تشاطره فيه دولة الإمارات العربية المتحدة التي تبدي حرصا شديدا علي السيطرة علي جميع الموانئ في المنطقة .
وان تكون تحت تأثير الإمارات ونفوذها حتي لا يحدث أي تأثير مستقبلي على شراكة موانئ دبي باعتبار أن هذا الأمر يبدو محوريا لأمن دولة الإمارات الاقتصادي متجاهلة ومخاطر هذا التحرك علي الصومال والمنطقة والأمن القومي العربي.
*في هذا السياق لماذا تتبني الإمارات هذا النهج السلبي تجاه الصومال؟
**يجب أن نضع في الاعتبار الخلافات الشديدة بين الحكومة الصومالية ودولة الإمارات العربية المتحدة حيث تم طرد السفير الإماراتي من مقديشو ثم ذهبت الإمارات لجيبوتي ولاقت نفس المصير وكذلك نفس الحال في اريتريا وتم إخراج شركة موانئ دبي علي وقع الحرب التي اشتعلت في السابق بين اديس ابابا واسمرة.
ولكن الإمارات ومهما حاولت من جانبها السيطرة علي موانئ المنطقة وتوسيع نفوذها وهو نفوذ علي كل حال ليس مباشرا بل هو في إطار الدور الوظيفي الذي تؤديه الإمارات وكلنا يعرف أدوار الدول الصغيرة التي تمتلك أموالا وقدرات مالية كبيرة .
ولكن هذه الدول الغنية مع ذلك لا تمتلك نفوذا حقيقا وهنا يجب أن نضع في الاعتبار الدور التخريبي الذي تقوم به دولة الإمارات في السودان والصومال والشرق الإفريقي بشكل عام فضلا عن دعمها المفتوح لأبي احمد في كل الملفات مستغلة للأسف حالة الضعف الشديدة التي يعاني منها رؤساء وقادة العديد من الدول الإفريقية والتي تمكنت أبو ظبي من استغلال أوضاعهم عبر عمليات البيع والشراء لتأمين نفوذها الذي تجاوز هؤلاء القادة الي الاتحاد الإفريقي بهدف العبث بأمن استقرار دول المنطقة.
*كيف تري مستقبل هذا الاتفاق في ظل المعارضة العربية الشديدة للاتفاق وكذلك الإريترية الكينية؟
**هذا الاتفاق غير مقبول كليا من قبل الحكومة الصومالية ولا توجد أي من دول الجوار ترحب بالتحرك الأثيوبي ولا السودان ولا جيبوتي ولا إريتريا بل قد لا يكون الاتفاق مقبولا من الاتحاد الافريقي نفسه ولا من قبل أطراف دولية فاعلة
لكني لا ارجح في هذا السياق أن تمارس الولايات المتحدة ضغوطا حقيقية علي أثيوبيا رغم نظرتها السلبية لهذه التحركات لاسيما أنها تتعامل مع أديس أبابا باعتبارها دولة مدللة في المنطقة وانطلاقا من كونها حليفا مهما وتعمل علي مساعدته وتقويته وإضعاف دول الجوار الأثيوبي وقد يكون ذلك لأسباب حضارية نظرا لكون منطقة القرن الافريقي دول ذات أغلبية مسلمة.
ومن هنا لدي شكوك عديدة في إمكانية ان تمارس الولايات المتحدة ضغوطا جادة علي إثيوبيا لمنعها من هذا التحرك الذي يعرض استقرار المنطقة الهش للخطر بحسب وجهة النظر الأمريكية
*وماذا عن الخطوات التي يمكن ان تتخذها الصومال ضد الاتفاق ؟.
ومع هذا اعتقد ان الحكومة الصومالية ستعمل علي مواجهة التحرك الأثيوبي بشكل قانوني كون إمكانات الدولة الصومالية لا تسمح لها بخوض مواجهة عسكرية مع إثيوبيا بشكل يجعل نقل الأمر للمحاكم الدولية أمر ضروريا وهي مواجهة ستربحها الصومال .
ومن هنا لا يمكنني حاليا تحديد مدي التمسك الأثيوبي بالوصول للبحر الأحمر لاسيما أن هذا التحرك لن يكون مقبولا جملة وتفصيلا من اغلب دول المنطقة.
*لماذا تبدو هناك صعوبة في الوصول لموقف عربي موحد ضد التحركات الإثيوبية ؟
**نحن نلاحظ في هذا السياق أن المواقف العربية متباينة ،فمصر والسعودية والسودان ربما تكون رافضة للتحرك الأثيوبي في ظل الاهتمام السعودي بالبحر الأحمر، ولكننا في المقابل نري الموقف الإماراتي المتناقض مع مواقف أغلب الدول العربية .
و يشكل هذا الموقف الإماراتي ضربة قوية لمساعي بلورة موقف عربي موحد تجاه التحركات الإثيوبية التي تشكل خطورة علي الأمن القومي العربي والإسلامي، بحكم ما تستند إليه من دعم قوي من قبل الإمارات ،لاسيما أن الإمارات للأسف تحولت لذراع حقيرة للمشروع الصهيوني الغربي في المنطقة بشكل كبير.
*أبدت مصر معارضة كبيرة للاتفاق إقليم أرض الصومال وأكدت دعمها لوحدة أراضي الصومال فهل تملك القاهرة أوراقا لإفشال هذا الاتفاق وعرقلة وصول إثيوبيا للبحر الأحمر؟
**مصر للأسف لا تبدو قادرة في ظل وضعها الحالي علي التأثير في الموقف الأثيوبي نظرا لأن الدور المصري في إفريقيا قد شهد نوعا من التراجع في القارة الأفريقية خلال العقود الأربعة الماضية .
وقد تسبب هذا التراجع في إشكالات كبيرة للقاهرة التي كانت لعقود طويلة صاحبة النفوذ الأكبر في القارة السمراء سواء من خلال دعمها لحركات التحرر الوطني ومن خلال جهودها الدبلوماسية ومن خلال القوة الناعمة للأزهر الشريف.
ولكن هذا الدور تلاشي و بقي في حده الأدنى وهو ما ظهر بشكل واضح فيما في قضية مفاوضات سد النهضة وحقوق مصر في مياه النيل، لدرجة ان كثيرا من الدول الإفريقية لم تدعم موقف مصر فيما يتعلق بالسد الأثيوبي.
*هل يكرس هذا عجزا مصريا عن مواجهة التحركات الإثيوبية ؟
** القاهرة لو أردت أن تكون قوة فاعلة ومؤثرة فهي تملك ذلك وقادرة علي القيام به فلديها الكثير من الإمكانات التي تؤهلها لذلك.
ولكن من يتابع الموقف المصري يجده ليس قويا بل صار يزاحم من قبل بعض الدول الإفريقية بشكل أضعف حضور القاهرة في شئون القارة وهو ما ظهر بشكل واضح من الحرب في السودان التي تكتوي مصر بنارها وستظل تشكل خطرا علي القاهرة ما لم يتم احتواء هذه الحرب واستمرت شظاياها تؤثر علي مصر لاسيما أن سقوط الدولة في السودان او تفكيكها يضر جدا وسيطالها يوما ما؟
*الكثير من المراقبين تحدثوا عن كارثة استراتيجية ستواجه مصر حال استمرار هذا الضعف؟
**بالفعل لاسيما أن الدور المصرى الضعيف والهزيل يقابل بحضور إماراتي قوى لا تستطيع القاهرة لأسباب اقتصادية محضة مواجهته وهو إشكال قائم حاليا بالأزمة في الصومال حيث تقف الإمارات داعمة للموقف الأثيوبي في أزمة الموانئ الصومالية أو مفاوضات سد النهضة .
ومن هنا فمصر لن تجد أمامها الا محاولة بناء تحالفات مع جيبوتي والصومال اريتريا في محاولة لتحجيم الدور الأثيوبي، ولكن لا يبدو أن الكروت والأوراق المصرية قوية أو قادرة علي تحقيق اختراقات في هذه الملفات.
ولو كانت الحكومة المصرية تملك أوراقا مهمة في هذا السياق لكانت قد استخدمتها فيما يتعلق بسد النهضة وليس في الموانئ الصومالية لذا اعتقد ان الدور المصري في كل الملفين سيكون ضعيفا وقليل التأثير.
*تمر علاقات مصر إثيوبيا بمخاض عسير في ظل رفض إثيوبيا الوصول لاتفاق ملزم فيما يخص سد النهضة فهل يمكن أن يقود هذا الخلاف لمواجهة بين البلدين أم أن الأمر سيمر مرور الكرام كما جري في مفاوضات سد النهضة ؟
**اعتقد ان هناك مساومة غير معلنة بين النظام المصري والحكومة الإثيوبية حيث اشتري نظام السيسي شرعيته واندماجه في الحالة الإفريقية بعد انقلاب ٢٠١٣ مقابل تنازلات لأديس ابابا في ملفات عديدة وفي مقدمتها ملف سد النهضة.
ومن ثم فلا اعتقد ان الحكومة المصرية ستصعد ضد اثيوبيا في ملف ميناء بربرة الصومالي وسيقتصر الأمر فقط علي الساحة الإعلامية لاسيما أن القاهرة لا تملك شيئا ذا قيمة تواجه به النفوذ الأثيوبي في ظل نجاح اديس ابابا في تجاوز الاعتراضات المصرية فيما يتعلق بسد النهضة انطلاقا من قناعتها ان مصر لا تملك الكثير لعرقلتها.
لذا فلا أتوقع أن يتصاعد التوتر بين البلدين او يصل لمرحلة الحرب ولو كانت القاهرة تنوي ذلك لكان قد جرى قبل بناء السد وليس عبر تصعيد إعلامي و كروت محروقة لن تقدم لن تؤخر.
*كيف تري مستقبل العلاقات العربية الإفريقية في ضوء دعوي جنوب افريقيا امام العدل الدولية وأضرار اثيوبيا بالأمن القومي العربي في ضوء مساسها بالأمن القومي الإفريقي؟
**ما تقوم به جنوب افريقيا وإثيوبيا مساران مختلفان تماما فالتحرك الجنوب إفريقي داخل محكمة العدل الدولية مرحب به من قبل الشعوب العربية والإسلامية من جهة الاقدام علي إقامة دعوي تتهم الكيان الصهيوني بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في غزة ودعم القطاع انسانيا وهو ما حقق لجنوب افريقيا أرضية شعبية ملحوظة.
اما علي الصعيد الرسمي ، فلا اعتقد أن هذا التحرك حظي بارتياح خصوصا من الدول العربية الحليفة للكيان الصهيوني ،
وفيما يتعلق بالتحرك الأثيوبي ومواقفها فليس هناك اتفاق بين الدول العربية حول أضرار اثيوبيا بالأمن القومي العربي فلا يوجد ما يمكن نسميه موقفا عربيا موحدا تجاه التحركات الإثيوبية ،الا اذا طرحت هذه القضية من دولة وازنة داخل الجامعة العربية ،فربما تستطيع في هذه الحالة بلورة هذا الموقف الموحد ،والداعم للصومال ،وربما يؤثر هذا الموقف في التحرك الأثيوبي العدواني ضد الصومال ويدفع إثيوبيا للتراجع