مقالات

د. حسن سلمان يكتب: مائة سنة على سقوط الخلافة العثمانية

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله الأمين أما بعد:

بتاريخ الثالث من مارس 2024 م مرت مائة سنة بالتمام والكمال على سقوط الخلافة العثمانية ومعها تم تفكيك منظومة الأمة وشعوبها ونشأت الدويلات القطرية الوظيفية التي منحتها القوى الدولية المحتلة السلطة وأدوات القهر والقمع وحرمتها السيادة وسلبت عنها الهوية الإسلامية وفرضت عليها القوانين والتشريعات العلمانية في كافة مناحي الحياة وبناء على ذلك تشكل الوعي القطري لكل دولة وتراجع مفهوم الأمة الجامع ولوازمه من الأخوة والنصرة والموالاة المحققة لمفهوم الجسد الواحد الذي ورد في الحديث النبوي (مثلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحمِهم وتعاطفِهم كمثلِ الجسدِ الواحدِ إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائرُ الجسدِ بالحمى والسهرِ) البخاري ومسلم .

 وتمر علينا هذه الذكرى والأمة الإسلامية في أشد حالاتها من الوهن والعجز لدرجة أنها لم تستطع كسر الحصار المضروب على قطاع غزة مصحوبا بالقتل والإبادة الجماعية للرجال العجزة والنساء والأطفال والمرضى على مرأى ومسمع من العالم بأسره وبتواطؤ بعض انظمتنا العربية وتقديمها فروض الطاعة والولاء للكيان الصهيوني وداعميه الدوليين ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.

إن الأحداث المأساوية الجارية في قطاع غزة رغم مأساتها تحمل طياتها بصيصا من الأمل تجعلنا نعيد النظر في تجربتنا خلال القرن الماضي كله وجدوى وجود الحكومات وجيوشها ومؤسساتها وشرعيتها وفاعليتها وتمثليها لشعوبها والبحث والعمل الجاد عن كيفية استعادة الأمة المسلمة لهويتها وفاعليتها الحضارية وبناء قدراتها في كافة المجالات بما يجعلها أمة تفارق محطة الغثائية والوهن والتبعية وفقدان البوصلة لتقوم بدورها الرسالي باعتبارها أمة الكتاب والرسول الخاتم عليه الصلاة والسلام قال تعالى:

(وَكَذَلِكَ جَعَلۡنَـٰكُمۡ أُمَّةࣰ وَسَطࣰا لِّتَكُونُوا۟ شُهَدَاۤءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَیَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَیۡكُمۡ شَهِیدࣰاۗ)

ونأمل أن تكون الأمة المسلمة على أعتاب قرن تجديدي تنفض عنها غبار الكسل العقلي والخمول العملي بالتجديد والمثابرة والعمل والجهاد والإرادة الطموحة والعزم الأكيد تحقيقا لقوله تعالى:

(وَجَـٰهِدُوا۟ فِي ٱللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِۦۚ هُوَ ٱجۡتَبَىٰكُمۡ وَمَا جَعَلَ عَلَیۡكُمۡ فِی ٱلدِّینِ مِنۡ حَرَجࣲۚ مِّلَّةَ أَبِیكُمۡ إِبۡرَ هِیمَۚ هُوَ سَمَّىٰكُمُ ٱلۡمُسۡلِمِینَ مِن قَبۡلُ وَفِی هَـٰذَا لِیَكُونَ ٱلرَّسُولُ شَهِیدًا عَلَیۡكُمۡ وَتَكُونُوا۟ شُهَدَاۤءَ عَلَى ٱلنَّاسِۚ فَأَقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُوا۟ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱعۡتَصِمُوا۟ بِٱللَّهِ هُوَ مَوۡلَىٰكُمۡۖ فَنِعۡمَ ٱلۡمَوۡلَىٰ وَنِعۡمَ ٱلنَّصِیرُ)

والله الهادي إلى سواء السبيل

د. حسن سلمان

باحث في الدراسات الشرعية والسياسية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى