د. حسين علي غالب يكتب: التغيير ولغة القوة
أعلن مستشارو الرئيس الأمريكي السابق «جورج بوش الأبن» عند احتلال العراق مع الجيوش المتحالفة معه وعلى رأسها بريطانيا طبعا، «أن المنطقة بالكامل سوف تتغير» ونعم لقد تم احتلال العراق وسقط النظام الحاكم فيه سقوط مدوي مؤلم.
لكنهم ندموا ندما شديدا لأنهم واجهوا مقاومة عنيفة لم يكن يتخيلها بأي شكل من الأشكال، وتغيرت المواقف والاستراتيجيات بعد فترة قصيرة و أنسحب الجيش الأمريكي والبريطاني ومن لف لفهم وأبقوا بعض قواعد عسكرية وحتى هذه القواعد تتعرض لضربات بين فترة وأخرى.
في علم السياسة كل شيء قابل للتغيير، و لكي نكون صادقين مع أنفسنا والآخرين بات العالم “معدوم الأخلاق والإنسانية”.
«متلون» كالحرباء من أجل مصلحته أولا وأخيرا، ويتغير أن كانت هناك فائدة له أو بعد أن يتلقى ضربات في الصميم تجعله يهرب من المسؤولية.
«حركة طالبان» التي اعتبرتها دول كثيرة عدوا مخيفا والممول الأول للإرهاب والحاضنة لـ«تنظيم القاعدة» وكان من يزور افغانستان يزج به في السجن لسنوات خوفا من أن يكون «إرهابيا».
ثم نكتشف بعد عدة عقود «عجاف» أن أمريكا ومعها عدة دول تجري حوارات معها وبشكل مباشر وعلني، وتريد ترك كل شيء في أفغانستان على «طبق من فضة».
لأنه بكل بساطة «حركة طالبان» لم تترك السلاح ولم تتنازل عن أي مبدأ من مبادئها، ووجدتها دول كثيرا خصما لا يمكن إضعافه أو تغييره ولا يمكن الاستهانة به.
فقبلت أمريكا ومن معها والذين صدعوا رؤوسنا بـ«الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان» بالأمر الواقع رغما عنها وهربت من «أرض المعركة»، ولم يقتصر الأمر على هذا بل كل العقلاء اعترفوا بـ«الهزيمة» وكل كلامهم ودعاءاتهم تراجعوا عنها.
لهذا أنا لست ممن يضحك عليهم بكلمات مطاطية «لا قيمة لها» ممن يقوله البعض للتهرب من المسؤولية والمواجهة، فكل من يريد أن يحصل على شيء في وقتنا الحاضر عليه أن يكون قوي وصلب.
حتى يثبت مكانه في هذا العالم المصاب بـ«التوحش» والذي بات لا يعترف بأي لغة إلا لغة واحدة وهي «لغة القوة».