مقالات

د. حلمي الفقي يكتب: متى نصر الله؟

هل الصف المسلم يستحق النصر الان بكل ما يحمل من سلبيات؟

نعم وبلا أدنى شك

كيف ذلك؟

أولا: لا يوجد لدى أي مخلوق مقياس يقيس به استحقاق الصف المسلم للنصر، ولكن من دراسة تجارب الصراع بين الحق والباطل على مر التاريخ يظهر جليا وواضحا أن الصف المسلم انتصر في جولات كثيرة في صراعه مع الباطل وكان في مستوى إيماني أقل بكثير جدا من المستوى الإيماني الذي وصل إليه الصف المسلم في وقتنا الحاضر.

ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر حين نصر الله عز وجل بنى إسرائيل والعصبة المؤمنة في ذلك الوقت كانوا على مستوى إيماني أقل بكثير جدا من المستوى الإيماني الذى عليه الصف المسلم في وقتنا الحاضر يؤكد هذا القول ويثبته قوله تعالى في سورة الأعراف

{وَجاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (138) إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (139) قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ(140)} 

فبعد أن نجى الله عز وجل موسى وبنى إسرائيل من فرعون وجيشه أتوا على قوم يعبدون الأصنام فطلبوا من موسى أن يصنع لهم أصناما يعبدوها من دون الله وذلك عقب نجاتهم من الغرق وفور انتصارهم المعجز مباشرة.

واليقين الذي لا شك فيه أن الصف المسلم اليوم على مستوى إيماني أعلى وأحسن من مستوى قوم يطلبون صناعة أصنام ليعبدوها، ومع ذلك نصرهم الله عز وجل على طاغية من أعتى الطغاة في التاريخ وفى جولة من أهم جولات الصراع بين الحق والباطل عبر التاريخ.

فنحن بإذن الله على مسافة قريبة جدا من نصر الله كما قال الله في كتابه {ألا إن نصر الله قريب}

والأمثلة من هذا الضرب كثيرة جدا في جولات الصراع بين الحق والباطل واكتفى بهذا المثل كي لا أطيل ففيه كفاية لأولى الألباب.

ونصر الله يأتي فجأة كما قال تعالى {فاستجبنا} بفاء الفجأة وقد وردت كلمة فاستجبنا في سورة الأنبياء وحدها أربع مرات، فالنصر قريب جدا ويأتي فجأة كما هي طبيعة المعركة الممتدة بين الحق والباطل عبر التاريخ.

والعقلاء يجعلون هذا الكلام وأشباهه حماسة دافعة للعمل وعزيمة تبعث على التغيير لا دعوة للكسل والعجز والتسويف.

فأبشروا بنصر من الله قريب جد {ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله}

– {إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ ۚ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ}

– {نَصْرٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ ۗ وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ}

نثق في وعد الله ثقة عمياء

ثقتنا في الله لا حدود لها

د. حلمي الفقي

أستاذ الفقه والسياسة الشرعية المشارك بجامعة الأزهر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights