د. خليل العناني يكتب: القرار المفخخ
صدر بالأمس قرار مجلس الامن رقم 2735 الذي يدعو إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة. وقد وافق على القرار 14 دولة في حين امتنعت روسيا عن التصويت مما سمح بتمرير القرار.
القرار يدعو للنقاط التالية:
– وقف فوري وتام وشامل لإطلاق النار
– انسحاب اسرائيلي من قطاع غزة
– عودة النازحين إلى جميع مناطق غزة بما فيها الشمال
– إعادة الإعمار
– ادخال المساعدات
– رفض احداث اي تغيير ديموغرافي او تقليص لمساحة غزة.
– دعم رؤية حل الدولتين
ظاهريا يبدو القرار جيد ويحقق مطالب الفلسطينيين واهمها وقف الحرب الهمجية العبثية الدموية على قطاع غزة ولكن القرار خادع ومفخخ للأسباب التالية:
1- القرار مبنى بشكل شبه كامل على المقترح الإسرائيلي الذي أعلنه بايدن يوم 31 مايو مع بعض التعديلات الطفيفة.
2- وقف إطلاق النار الفوري والدائم والشامل هو فقط خلال المرحلة الأولى للتفاوض والتي تمتد إلى ستة اسابيع وليس وقف نهائي وتام ومطلق.
3- القرار يتحدث عن وقف الأعمال العدائية بشكل دائم في المرحلة الثانية وليس وقف دائم لإطلاق النار والفارق بينهما كبير، حيث يعني إمكانية استئناف القتال بعد المرحلة الأولى في حال لم يتفق الطرفان.
4- القرار يتحدث عن الانسحاب من المناطق المأهولة سكانيا وليس عن انسحاب كامل من قطاع غزة.
5- وقف الأعمال العدائية والانسحاب من قطاع غزة مرهون باستمرار التفاوض بين الطرفين وعلى نجاحهما في الاتفاق على تثبيت القرار.
بكلمات اخرى فإنه بإمكانية أيا من الطرفين استئناف القتال بعد المرحلة الأولى تحت اية ذريعة، وهذا ما يريده نتانياهو الذي يرفض وقف دائم لإطلاق النار لأسباب شخصية وسياسية باتت معروفة للجميع.
ولعل تفسير هذا التناقض والتفخيخ في مضمون القرار هو انه حاول الجمع بين رغبات متناقضة. رغبة ادارة بايدن في وقف الحرب من أجل تحسين وضعها الانتخابي داخليا أمام ترامب. رغبة الكيان في التنصل من القرار بأي وقت (بافتراض التزامها به أصلا) ورغبة حماس في وقف إطلاق النار وانسحاب الكيان من القطاع.
دعك من صمت القرار عن محاسبة الكيان على الاف الشهداء والجرحى، ولا عن انهاء الحصار المضروب على القطاع منذ 17 عام ولا عن تشغيل كافة المعابر دون قيد او شرط، وكلها مسائل حيوية وأساسية لإنقاذ أهل قطاع غزة من هذا الواقع المأساوي الذي لا يتحمله بشر.
وبالطبع فلا توجد اية ضمانات لالتزام الكيان بتنفيذ القرار الذي سوف تتجاهله كما تجاهلت من قبل عشرات القرارات المماثلة منذ عام 1948 وحتى 25 مارس الماضي حين صدر القرار 2728 الذي دعا لوقف فوري لإطلاق النار ولم يلتزم به الكيان وارتكبت بعده مئات المجازر بحق شعب أعزل وبدعم وشراكة أميركية كاملة فيها.
قد يعتقد البعض ان القرار يعطي بصيص أمل ولو ضئيل لوقف المجازر والإبادة الجماعية في القطاع، ولكنه أقرب إلى السراب الذي يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا…والله أعلم.