الأمة الثقافية
د. دعاء البالكي: “ثلاثية أرض زيكولا”تتميز بربط الأزمنة المتعددة بأماكن مختلفة
الأمة: تقول د. دعاء البالكي مدرس الأدب والنقد العربي الحديث، بجامعة عين شمس في نقدها لـ رواية “ثلاثية أرض زيكولا ” لمؤلفها عمرو عبد الحميد : راقني ما أبدعه مؤلف الثلاثية، ولا أتحدث هنا عن الفنتازيا أو الخيال الذي جاء به؛ بل سرده البديع.
فقد راقني أنه يقوم على التشرذم والتلاقي في الآن ذاته، وتميز بتعدد الأصوات الساردة التي أضافت للعمل إبداعًا من نوع خاص؛ من خلال زوايا التبئير ” والتي لم تقتصر على التعدد فحسب حتى تنقل لنا الحادثة من عدة زوايا فتتضح الصورة؛
بل كذلك في تشرذم الزمن، إذ ربط أزمنة متعددة بأماكن مختلفة، وزوايا تبئر مختلفة في سرد متناغم سلس وهنا يكمن الإبداع؛ إذ تجد نفسك تارة في زمن بعيد، منذ حوالي ١٩٢١م، وتارة أخرى في زمننا المعاصر، وتارة في عوالم أخرى،
ما بين بشرية واقعية وأخرى فانتازية وهو ما أعجبني في سرده، فضلًا عن العجائبية الملحوظة والتي يقوم عليها السرد.
وأفاد كذلك من طبيعة السرد الإطاري؛ فهو يقوم على زوايا تبئير متعددة في أزمنة متعددة، وأماكن مختلفة وبداخل الزاوية الواحدة قد تنحدر قصة أخرى تكمل الثغرة الموجودة في زاوية تبئير على لسان شخصية أخرى.
لتتضافر كل تلك الخيوط في ذهن المتلقي، وهو فَرِح بكشف المزيد من الأحداث مع ربط الخيوط بسهولة؛ لذلك رأيت أن الجزء الثالث “وادي الذئاب المنسية” يعبر عن نضج المؤلف ووعيه بتقنيات السرد التي تجلت في هذا الجزء بخاصة.
ففي الأجزاء الأولى كان سردًا عاديًا متكئًا على تعدد الأصوات والعجائبية فحسب؛لكن قمة النضج قد تبلورت في الأخير، وإن كنت قد شككت للحظات عند انتهاء “أماريتا” أأكمل السلسة أما لا؛ لكن من الجيد أنني أكملتها حتى أستمتع بما أبدعه.
فكما ذكرت فالإبداع لا يكمن في متن القصة التي قد تتشابه مع غيرها من القصص؛ وإنما في طبيعة السرد.
فضلًا عن أنني شعرت لوهلة خلال الأحداث بتأثر السارد في بعض الأحيان بما ورد عن يأجوج ومأجوج وكأنهم عائدون للانتقام من البشر والقضاء على الأخضر واليابس،
فضلًا عن تأثره بقصص الجن والعفاربت التي وردت في بعض الأحيان في ألف ليلة وليلة وسادت في الثقافة المصرية.
وأخيرًا أتوق إلى قراءة المزيد من إبداعه؛ متساءلة هل سيستطيع جذب انتباهي وإعجابي مرة أخرى أم لا ؟
———————
يذكر أن مصطلح ” التبئير” عند نقاد السرد المعاصرين يعد بديلاً عن المصطلح المعروف بـ(وجهة النظر)، أو الرؤية، أو الصيغة السردية, والتي لم تقتصر على التعدد فحسب حتى تنقل لنا الحادثة من عدة زوايا فتتضح الصورة؛
