الأثنين مايو 20, 2024
مقالات

د. ربيع عبد الرؤوف الزواوي يكتب: أخطاء قراء المآتم والإذاعة والتليفزيون

عض قراء المآتم والسرادقات الذين اعتُمدوا في الإذاعة والتليفزيون بمصر في الفترة الأخيرة لا يحفظون من القرآن إلا مواضع بعينها يكررونها في المناسبات! ولا يتعاهدون القرآن ولا يراجعونه كما ينبغي وكما كان عليه القراء الأوَّلون.

والدليل أن المصحف الشريف يكون مفتوحًا أمام القارئ الذي يقرأ قبل صلاة الفجر بإذاعة القرآن الكريم المصرية، ويكون الموضع الذي سيقرؤه معروفا لديه سلفًا؛ ومع ذلك يخطئ بعضهم ويأتي بالعجب!

ولقد كان لهذه القراءة في هذا الوقت بإذاعة القرآن الكريم على مر الزمان حلاوة وعليها طلاوة ولها في قلوبنا ونفوسنا ذكريات وحكايات؛ فمن سمع تلاوات الشيخ الصياد والشيخ البنا والشيخ غلوش والشيخ شبيب وغيرهم عليهم جميعا رحمة الله لا ينساها أبدًا.

لا بد لقارئ القرآن أن يتعهد المصحف ويديم النظر والمراجعة وتأكيد الحفظ والتصحيح والقراءة على غيره لضبط القراءة وتصحيح التلاوة وترسيخ الكلمات والمخارج.. إلى آخر ذلك.

لقد كان الشيخ أحمد عامر رحمه الله والشيخ عبد العاطي ناصف رحمه الله يختمون القرآن في تلاواتهم سواء كان بالإذاعة أو في الصلاة أو في المناسبات، وكانا دائما مستعدين للقراءة في أي وقت من المكان الذي وصلا إليه في المصحف، وهكذا.. وكانا رحمهما الله مثالين يحتذى بهما في هذا الشأن.

وقد سمعت بنفسي من القارئ الطبيب أحمد نعينع -وهو حي يرزق- أنه يراجع كل يوم ٦ أجزاء من القرآن، وكان هذا شأن غالب القراء المتقنين، فمن من هؤلاء اليوم يفعل ذلك؟

يبدو أن إتقان الحفظ لم يعد شرطًا عند لجنة اعتماد القراء بالإذاعة، أو أن هناك شروطًا أخرى حلّت مكانها.

لقد حدثني الشيخ جلال حمام رحمه الله -وكان عضوًا في لجنة اعتماد القراء وقد شرفت بالقراء عليه رحمه الله- عن بعض الشروط الدقيقة والاهتمامات الشديدة والمطلوبة.. إلى آخر ذلك من شروط.. فلا أدري ما الذي حدث بعد ذلك.

وكان الشيخ عبد الصبور شاهين رحمه الله متخصصّا في الصوتيات وطبقات الصوت ودرّسنا في معهد الدراسات الإسلامية وقد وضع كتابًا ومنهجًا رائعا من تأليفه في ذلك وهو في مكتبتي لليوم منذ أكثر من ثلاثين عامًا، وكان رحمه الله عضوًا في هذه اللجنة.

وكان أعضاء لجنة اعتماد القراء بالإذاعة يتشددون في طريقة القراءة والمخارج ونغمات الصوت ودرجاته وطريقة ومنهج القراء بالإذاعة.. إلى آخر ذلك وليس الحفظ فحسب؛ لدرجة أن ثلاثة من أجمل الأصوات في تاريخ الإذاعة؛ وهم الشيخ النقشبندي والشيخ طوبار والشيخ عمران لم يعتمدوا قراءً بها ولكن تم اعتمادهم مبتهلين؛ بسبب أن طريقتهم في القراءة ليست متوافقة مع الطريقة المصرية!

واليوم يا ترى.. ما الذي نحن إليه سائرون، ونحوه منحدرون؟ لقد سمعت اليوم بأذني خطأً لا يصدر عن أي واحد يستطيع القراءة مهما كان ضعيفًا فيها، فليست كلمة (إصرهم) التي في سورة الأعراف ككلمة (إسرارهم) التي في سورة محمد صلى الله عليه وسلم! فضلا عن الخطأ في المنصوب والمجرور! فإلى الله المشتكى وإنّا لله وإنّا إليه راجعون.

ولهذا النوع من الأخطاء -من وجهة نظري- سببان واضحان؛ هما عدم تعهد القرآن والعناية به وكثرة المراجعة من القارئ، وعدم الأمانة والشهادة بالحق لمن شهدوا له باعتماده قارئًا بالإذاعة والتليفزيون. فللّه الأمر من قبل ومن بعد.

Please follow and like us:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة جريدة الأمة على يوتيوب