في أواخر عام ٢٠٠٠م اتصل بي الحبيب الدكتور فوزي خليل رحمه الله المذيع بإذاعة القرآن الكريم قائلا: هايكلمك أستاذنا الدكتور رفعت العوضي أستاذ الاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر في موضوع مهم وضروري تقابلوا بعض.. وأنا أعطيته رقم بيتك؛ هايتصل بك، وهو جنبك في مدينة نصر.. وهو أعد دراسة لمشروع ضخم في الاقتصاد الإسلامي وقد انتهى من وضع المادة وخطة العمل… وأخذ الدكتور فوزي رحمه الله يكلمني عن المشروع وعن صاحبه.. وقال لي: الدكتور رفعت كان عندنا في إذاعة القرآن الكريم؛ وأول ما كلمني في مشروعه؛ جاء اسمك في بالي وكلمته عنك..
قاطعته قائلًا: اعطني رقم بيت الدكتور رفعت وأنا سأكلمه (ولم تكن الهواتف المحمولة قد انتشرت في مصر).. وقد كان؛ فقد اتصلت بأستاذنا رحمه الله وطلبت منه أن يحدد الموعد المناسب له لزيارته؛ فقال لي بأسلوبه المحبوب وطريقته الجميلة في الكلام: خير البر عاجله يا بشمهندس؛ تعالى شرفني الليلة دي..
ذهبت للرجل وحكى لي جانبًا من سيرته ومسيرته؛ لا سيما تأسيس الجامعة الإسلامية في باكستان، وجهود بعض المشايخ والأسماء الكبيرة في مصر والعالم العربي والإسلامي.
ثم حدثني عن مشروعه واطلعني على ما أعده وكلمني في لقاء امتد لأكثر من ثلاث ساعات؛ منطلقًا فيه بحب ومندفعًا فيه بعمق وحسن تأتّي ومعرفة وشوق وطول عهد ودُربة ومراس..
وعدته بالسعي حثيثًا لتبني المشروع في إحدى شركات البرمجة؛ سواء عندنا في #شركة_حرف أو #صخر أو غيرهما.. وقد كان.. لكن لم يقدر الله له أن يخرج المشروع للنور؛ إذ لم تتبنه أي جهة ولم تهتم به أي مؤسسة..
واستمرت الاتصالات والعلاقة الكريمة المنفوحة بالود الخالص والمحفوفة بالعلم النافع حتى جمع بيننا ندوة علمية في مركز صالح كامل للاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر.. وأثناء حديث للدكتور علي جمعة كانت لي مداخلة؛ وتعرضت فيها لاسم الدكتور رفعت العوضي عرضًا عندما تكلمت عن بعض الجهود الفردية التي تحتاج للدعم من جهات تتبناها وتظهرها للنور.. قاطعني ساعتها الدكتور على جمعة ضاحكًا: انتوا متفقين عليّ الليلة انت وحبيبك اللي جالس وراك.. ولم أكن قد شعرت بأن الدكتور رفعت رحمه الله يجلس خلفي بعد صفين أو ثلاثة..
بعد الندوة أخذ الدكتور رفعت رحمه الله بيدي وقال تعال أعرّف الدكتور علي جمعة عليك. وقد كان.. وقفنا طويلًا على درج السلم، فتعبت ومللت ولم يمل الشيخان من الوقوف الطويل.. ثم عدنا سويًّا مستقلّين سيارة أجرة -فقد كانت سيارتي في التوكيل للإصلاح على إثر حادث- فأصر رحمه الله على شيئين ليلتها؛ أن يدفع هو الأجرة وأن يوصّلني أنا أولا لبيتي قبله..
بعد ذلك بعامين أو ثلاثة كان لنا زميل حبيب يحضر لرسالة التخصص (الماجستير) في الاقتصاد الإسلامي وكان قد تم اعتقاله؛ وتسبب ذلك في أنه أوشك على أن تنتهي المدة المخصصة لنيل الدرجة؛ ولما عرفت أن المشرف على الرسالة هو الدكتور رفعت رحمه الله كلمته في الحال فقال بنبرة أبوية: لا حول ولا قوة إلا بالله.. والله كويس أنك كلمتني؛ أنا زعلان ومش عارف أوصل له ولا عندي خبر.. حاضر حاضر.. وقد سارع رحمه الله بعمل اللازم لهذا الزميل وتم منحه الدرجة بعد أن خرج من اعتقاله.. وكان ما فعله الدكتور رفعت هو ما أنقذ الموقف بحمد الله…
رحم الله الدكتور رفعت العوضي وجزاه خير على ما قدم لدينه وأمته وللعلم ولطلبة العلم ومؤسساته وعلى جهوده الحثيثة وغيرته على دينه وأمته.