حمل الدكتور زكرياء نيراز أجواء الإسلاموفوبيا السائدة في فرنسا وأوروبا حاليا مسئولية العنف الشديدة التي شهدته التظاهرات المعترضة علي مقتل الشاب الجزائري نائل علي يد شرطي فرنسي وهي أجواء تفاقمها سيطرة اليمين واليمين المتطرف علي المشهد السياسي الفرنسي وحرصه علي سن قوانين معادية للمسلمين في فرنسا
ومضي قائلا في حوار لجريدة الأمة الإليكترونية للقول: إن التظاهرات الشديدة التي شهدتها عدة مدن فرنسية جاءت كصرخة اعتراض علي محاولات التهميش والتمييز الجارية في فرنسا ضد المهاجرين من أصول عربية وإسلامية فضلا عن أن هذه الاحتجاجات كرست حالة من غياب العدالة الاجتماعية وسياسة الكيل بمكيالين.
سيطرة النزعات اليمينية المتطرفة وراء سن قوانين جائرة ضد التجمعات الإسلامية بفرنسا |
ورحج اكتفاء السلطات الفرنسية باتخاذ إصلاحات جزئية وهامشية ردا علي هذه الاحتجاجات لامتصاص حالة الغضب دون أن تعقبها إصلاحات حقيقية تقتلع أسباب اندلاع تظاهرات ضد التمييز والتهميش والعنصرية ضد المهاجرين من جذورها .
وانتقد بشدة تركيز حكومة ماكرون عبر تبني سياسات شعبوية علي تأمين أصوات ناخبين قطاع ما من الفرنسيين دون أن تعبا بتداعيات هذه الاحتجاجات علي الأمن والسلم الأهلي في فرنسا.
الحوار مع الدكتور زكرياء نيراز تضمن العديدة من القضايا نعرضها بالتفصيل في السطور التالية
• لماذا جاءت الاعتراضات علي مقتل نائل في فرنسا شرسة وعنيفة وشهدت اعتداءات علي رموز للجمهورية الفرنسية الخامسة؟
•• تعاطي الإعلام الفرنسي مع الأحداث الأخيرة كان وفق مسارين الأول كان يصفها بالثورة في حين كان جانب آخر يصفها بالاحتجاجات الشديدة التي سبق لفرنسا أن مرت عبر تاريخها باحتجاجات أكثر عنفا وشدة كما حري في ثورة مايو عام ١٩٦٨.
التظاهرات ضد مقتل نائل كانت صرخة غضب ضد سياسات التمميز والتهميش ضد المسلمين |
وخلال القرن الحالي جرت احتجاجات خلال عام ٢٠٠٤علي قانون التقاعد وضد مجمل سياسات الوزير الأول حينذاك نيكولا ساركوزي.
أما أسباب ارتقاع وتيرة العنف في هذه التظاهرات كونها وقعت في أجواء مشحونة بالاسلاموفوبيا كرستها هيمنة منظومة سياسية يمينية متطرفة من خلال سن قوانين جائرة ضد التجمعات الإسلامية والمسلمين بشكل عام في فرنسا.
• هل عبرت هذه الاحتجاجات الشرسة عن خوف المهاجرين في فرنسا تعبيرًا عن القلق علي الهوية والمستقبل في ظل صعود اليمين والنزعات الشعبوية؟
•• هذه التظاهرات عبرت بشكل واضح عن قلق لدي قطاع واسع من المهاجرين من التمييز والتهميش الجاري بحقهم بشكل ممنهج ضدهم كونهم فرنسيين تعود أصولهم فقط لجنسيات أخرى غير بيضاء أو علي الأخص عربية أو مسلمة متزامنة كما أسلفنا مع موجة عالية جدا من بالاسلاموفوبيا
وكذلك من أبرز ظواهر هذه الأحداث سيل التبرعات التي وصلت إلى الشرطي المتهم بقتل الشاب الجزائري نائل والتي تجاوزت المليون يورو في أيام قليلة.
وقد أعجبتني في هذا السياق مقولة رغم كونها تدمي القلب تقول :اقتل عربيا تصبح مليونيرا ولذا فقد كرست هذه الاحتجاجات حالة من غياب العدالة الاجتماعية وسياسة الكيل بمكيالين.
• ما تداعيات هذه الأحداث العنيفة علي الجالية المسلمة في فرنسا وعلي الامتيازات المالية والاجتماعية الممنوحة لها؟
•• لا اعتقد أن نتائج هذه الاحتجاجات ستكون لها تداعيات قوية علي الأرض خصوصا علي الطبقات الفقيرة والمتوسطة خصوصا في أوساط المهاجرين من أصول عربية.
أجواء الإسلاموفوبيا وراء موجة العنف التي شهدتها التظاهرات الأخيرة في فرنسا |
حيث ستكتفي السلطة بإدخال بعض الإصلاحات المحدودة تتيح لقطاع من المهاجرين بعض الحقوق دون أن تقترب من الأسباب الحقيقية أو أصل المشكلة المتمثل في الشعور بالإقصاء في سوق العمل أو الحرمان من الوصول المناصب رفيعة أو الترقي فيها سواء سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا
ومن ثم فالأمر لن يتجاوز إصلاحات ديكورية لن تفلح في تغيير الأوضاع أو قطع الطريق علي تكرار مقتله.
• كيف تتوقع رد فعل الحكومة الفرنسية تجاه الجالية العربية والمسلمة خصوصا الجزائرية في ضوء تهديد ساسة فرنسا بالانتقام من الجزائر؟
•• الحكومة الفرنسية لم يتغير نهجها في التعامل مع الشارع بسبب ضغوط اليمين واليمين
سياسات الترقيع الفرنسية لن تحل مشاكل المهاجرين المسلمين |
المتطرف فهل تحاول بكل الوسائل التعامل بشكل خشن مع ملف المهاجرين سعيا لجذب مزيد من الأصوات في الاستحقاقات الانتخابية والسير علي النهج الحالي الذي لن يدخل عليه أي تغيير ذا قيمة خصوصا تجاه المهاجرين من أصول عربية وإسلامية.
وسيقتصر الأمر كما قلت علي إجراءات ديكورية لن تقدم أو تؤخر بل ربما تزيد الطين بلة بل كونها ستسير في إطار سياسات بالاسلاموفوبيا التي تكرس الأزمة من المهاجرين من أصول عربية وإسلامية وتهدد السلم الأهلي في المجتمع الفرنسي.
• هل تكرس هذه الأحداث فشل محاولة فرنسا وبلدان أوروبية لدمج الأجيال الجديدة في المجتمعات المستضيفة وتزيد من عزلة هذه الجاليات التي تشكو العنصرية والتمييز؟
•• دمج الأجيال الجديدة من المهاجرين في المجتمع الفرنسي أمر شديد الصعوبة في ظل الخصوصية الشديدة للمجتمع الفرنسي الذي يعد حالة استثنائية في البلدان الأوروبية خصوصا إذا تمت مقارنتها بأوضاع المهاجرين وسبل التعامل معهم في ألمانيا وبريطانيا.
انخراط المسلمين في المشهد السياسي الفرنسي كفيل بإفشال مساعي التمييز والتهميش |
انطلاقا من أن الاندماج في المجتمع الفرنسي يعني الانسلاخ من تقاليدك ودينك وهويتك ففي بريطانيا وألمانيا إذ امتلك المهاجر من أصول عربية أو إسلامية المهارات والقدرات والمؤهلات فيمكن بسهولة أن تصل لأعلي المناصب ولكن في فرنسا لن تستطيع تحقيق ذلك إلا إذ انسلخت عن دينك وهويتك وتقاليدك وهذا هو لب المشكلة
• هل ستجبر هذه الأحداث فرنسا علي إعادة النظر في سبل تعاملها مع المهاجرين وسكان الضواحي أم اليمين المتطرف سيبقي قادرا علي فرض أجندته واستهداف هذه الجاليات؟
•• الحلول هنا تتمثل في زيادة وعي الأجيال الجديدة بخصوص المشاركة في المشهد السياسي والانخراط فيه بقوة باعتبار ذلك وسيلة من وسائل مواجهة التهميش والتمييز والإقصاء.
• هل ستزيد هذه الأحداث من الحملة علي المؤسسات الإسلامية في فرنسا والسعي التضييق عليها وستتبعها بلدان أوروبية في التضييق علي الجاليات المسلمة المنتشر في أوروبا؟
•• لاشك أن الأحداث الأخيرة ستزيد من وعي قطاعات واسعة من المهاجرين الرافضين الإقصاء
شعار المرحلة الحالية:
«اقتل عربيا تصبح مليونيرا» |
والتهميش بل والعمل بقوة علي الانخراط في المشهد السياسي وفي العملية الانتخابية بشكل يضمن له التصدي بقوة لمساعي الإقصاء والتهميش ولعب دور في المجتمع الفرنسي يتناسب مع وزن الجالية المسلمة وقطع الطريق علي مساعي تذويب هويتهم والانفكاك عن وتقاليدهم ودينهم