الأحد مايو 19, 2024
مقالات

د. زينب عبد العزيز تكتب: اليوم العالمي للتنصير.. تتزايد محاولة التبشير

في شهر مايو 2020، وتحديدا يوم السبت الأخير منه، أي يوم 25، التزم جميع المسيحيين في 193 دولة في العالم بأمر الفاتيكان، عبر «لجنة تنصير الشعوب»، بالتفرغ كلية في ذلك اليوم للتبشير وتوصيل رسالة التسامح والسلام والمحبة الأخوية للعالم أجمع.. وهو تقليد متّبع له عدة أعوام، وكانت تتم ممارسته بهدوء وبلا صخب، خاصة في البلدان الأفريقية الخاضعة للاستعمار المقنّع..

والفكرة ليست بجديدة على الفاتيكان، إذ كان قد قرر أن يجعل من شهر أكتوبر الماضي شهرًا عالميا للتبشير، لكن يبدو أن الظروف لم تسمح بتنفيذ تلك الخطة، التي كان البابا فرنسيس قد أعد لها ترتيبات على مستوي العالم وعروض سماوية بالهولوجرام، لكنها لم تتم لسبب ما.. ونظرا للوباء المخفي تحت عباءة كورونا الفاضلة، تقرر جعل آخر يوم سبت من كل شهر مايو يوما عالميا للتبشير.

لذلك قررت اللجنة المسئولة، التابعة للفاتيكان، تجنيد 100 مليون مسيحي للتوصل إلى تبشير مليار مسلم خلال شهر مايو الحالي، وخاصة آخر يوم سبت فيه. وقد أعدت اللجنة العديد من الأنشطة لهذه المناسبة تعتمد أغلبها على وسائل الاتصال الجماعي المرئية لإعداد فريق المبشرين في هذه «المعركة الروحية»، على حد قول اللجنة، وتخصيص أوقات محددة للصلوات الفردية، لكي يتمكن كل مسيحي أن يتأمل أعماق ذاته بحثا عن وسائل إقناع للمسلمين قبل أن يتفرغ لمشاركة «كلمات الرب».

ومن يود التأكد من البرنامج فهو واضح في الصورة بالأسفل، إذ أنه مكتوب تحت العنوان ثلاث نقاط هي:

* يوم واحد: كل آخر سبت من شهر مايو.

* عالم واحد: 193 دولة.

* رسالة واحدة: يسوع المسيح.

ولو تأملنا المعاني فيوم التبشير العالمي ثابت؛ والعالم لن يكون به سوى الـ 193 دولة مسيحية فالإسلام لا مكان له؛ والرسالة أو الدين واحد: يسوع المسيح.. ولا شك في أن ذلك يدخل ضمن البرنامج العام لقرار مجمع الفاتيكان الثاني الصادر سنة 1965 لتنصير العالم، وأنشأ لجنة خصيصا لتولي مهام تنصير الشعوب، على أنه قرار لا نقاش فيه ولا رجعة فيه.

وتهدف اللجنة الخاصة بهذه العملية التبشيرية أن تسمح لكل مسيحي بالتبشير عبر مواقع الاتصال من أجل بناء مملكة الرب. وهو ما تفرضه الأزمة الحالية الناجمة عن كورونا وحبس المواطنين في منازلهم. وتؤكد اللجنة أن الأتباع المسيحيون مطالبون أكثر من أي وقت مضي بتغيير وجه العالم بأكبر قوة للروح القدس! والغريب أنه لم يتبادر إلى ذهن هذه اللجنة، أو كيف أنها لم تفكر لحظة في موقف ذلك المسيحي الصديق، وهو يخدع صديقه لتغيير دينه المُنَزّل من عند الله، ليقنعه بما هو معروف للغرب قاطبة بأنه «نسيج من الرقع» حتى أنني اتخذته عنوانا لأحد مقالاتي!

في الرابط التالي: https://bit.ly/2ypT0rk

وقد كانت فكرة التبشير بهذا الأسلوب مطروحة منذ عشر سنوات، على أن يتم تكرارها حتى مجيء يسوع المسيح شخصيا.. والبرنامج سيكون باختصار: على كل مسيحي أن يتحدث عن المسيح في ذلك اليوم على الأقل لشخص واحد بأي وسيلة تروق له. وإن لم يكن لديه إنترنت فليقم بزيارة أحد معارفه المسلمين أو بأي وسيلة أخري، المهم أن يقوم بالتعريف بيسوع المسيح.

وأكثر ما اهتمت به هذه اللجنة هو الوصول للبلدان الإفريقية، أينما كانت، حتى وإن كانت نسبة السكان المسلمين فيها 95%. وقد تم إعداد فيلم يقص حياة المسيح بعنوان “يسوع”، تمت ترجمته إلى 1717 لغة، وهو ما يمثل رقما قياسيا، في تاريخ السينما، لترجمة الأفلام في العالم. والمدخل إلى كل القلوب المسلمة ستكون عبارة: «حب قريبك كنفسك».. فالمحبة الإنسانية هي التي ستسمح بعودة يسوع المسيح شخصيا..

تري هل فهم القارئ، أيا كانت ديانته، معني وأهداف وثيقة «الأخوة الإنسانية» أو ما أطلق عليه الوثيقة المشئومة التي تم التوقيع عليها أبو ظبي، في الرابع من فبراير 2019، ولماذا يسعي الفاتيكان حثيثا إلى تنفيذ بنودها، بفضل كل ما تتضمنه من مغالطات وألاعيب سواء في الترجمة أوفي الألفاظ والمطالب؟

أفيقوا أيها المسلمون، فبينما تم إغلاق المساجد ومُنع الأذان، ومر أول يوم في رمضان حزينا مخروص الأصداء، وكان يوم جمعة.. مر شاحبا بلا قرآن وبلا آذان.. حقا باسم كورونا، وبكل ما تحمله كورونا من خبايا، ولكن ذلك لم يمنع أجراس الكنائس من أن تقرع كل صباح..

وكل حجر صحي أو ديني أو حتى بلا مناسبة وأنتم جميعا طيبون.

Please follow and like us:
د. زينب عبد العزيز
أستاذة الأدب الفرنسى وتاريخ الفنون بالجامعات المصرية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة جريدة الأمة على يوتيوب