د. سعد فياض يكتب: وقفة مع تاريخ البشرية
في كل فترة انحدرت فيها البشرية إلى القاع كانت رسالة السماء حبل نجاة لهم ..
موسى عليه السلام أُرسل في بني إسرائيل وقد تسلط عليهم مجنونٌ سادي يحسب نفسه إله ويستعبد بني إسرائيل لمهارتهم وحذقهم في الصناعات والبناء ثم يقتل أولادهم حتى نبهه الملأ لأمر لا يحتاج عاقل للتذكير به وهو أن استمرار استعباد قوم لن يمكن مع قتل كل الذكور!
فكانت رسالة موسى عليه السلام نجاةً للبشرية من هذا المجنون السادي، ثم هي جاءت وقد أثمرت العبودية المتتابعة لأجيال أمراضا وآفات في التكوين الإنساني فقدمت العلاج لها وعندما تباينت الاستجابة مات في التيه الجيل الأول لينهض الجيل الذي نشأ على تعاليم السماء فيهدم أسطورة أخرى من الجبابرة استوطنوا الأرض المقدسة
هذا الإنجاز عاد على البشرية جمعاء بالخير في تاريخها البشري بأكمله وكان المحرك الأساسي له الرسالة السماوية التي أُنزلت على موسى عليه السلام
ورسالة المسيح عليه السلام جاءت وبنو إسرائيل قد ارتموا في أحضان الملوك يضفون عليهم قداسة الحكم وينهلون منهم ما لذ وطاب من الذهب والفضة والنفوذ والجاه، وفوق ذلك يصوغون من الأحكام العجيبة ما يسيطرون به على أخص متعلقات الحياة البشرية من طعام وزواج وغيره
فجاء عيسى عليه السلام فهدم هذا التزواج الملكي الكهنوتي وأحل للناس بعض ما حُرِّم عليهم بحق أو بغير حق وبث في الناس معاني التسامح والعفو والصدق
ولكن هذ التزاوج سرعان ما عاد مع ردة فعل من المتمسكين برسالة السماء متمثلة في الرهبانية فحصل انحراف أشد
حتى جاء محمد صلى الله عليه وسلم والبشر في ردغة الخبال عنصريةً وانحطاطا جمع كل الموبقات فصنع جيلا لم يشهد له تاريخ البشر مثيلا وأتم مكارم الأخلاق وجمع فيها بين اللين والقوة والزهد في الدنيا وعمارة الأرض فعاشت البشرية فترة من الزمن وقد ترسخت قيم السماء فيها
والبشرية الْيَوْمَ بينما يعلو فيها مزمار الشيطان وصوته تعيش في حقبة سوداء في تاريخها حيث يتغنى من يملك من فائض قوته أن يطعم جوعى العالم بالإنسانية لأنه يحترف تزييف الصورة
قمة الانحطاط الخلقي والمعاييري يعيشه العالم الْيَوْمَ ثم تخرج أصوات قد استحوذ عليها الشيطان كفحيح الأعين أن الأديان هي سبب مأساة العالم وأن الموبقات الكبرى في التاريخ باسم الدين، بينما الدين هو من حارب هذه الموبقات وتصدى لها
إن أي قراءة للتاريخ البشري لا يمكنها وصف فترات خفوت صوت الدين بأوصاف غير الانحطاط والظلم والدم
ولكنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور