مقالات

د. سعد مصلوح يكتب: من الحقيبة (14).. عن القارئ المبدع الشيخ راغب مصطفى غلوش

في مثل هذا اليوم منذ ثمانية أعوام قضيت جمهرة اليوم مستمعا إلى تسجيلات شجية للشيخ راغب وقد اعتادني شعور بالأسى عندما سمعت نعي هذا القارئ العظيم ذي الإمكانات الأدائية العالية، وعادت بي الذكرى إلى عام١٩٦١ إن صدقتني الذاكرة؛ إذ كنت طالبا بالفرقة الثانية في دار العلوم،وقيضت لي الأقدار لقاء وإياه على يد زميل عزيز لي في الدار أنستني الأيام اسمه.

دعاني هذا الزميل الفاضل للغداء في شقته، وكانت في حارة الويشي المتفرعة من شارع الربيع الجيزي قرب محطة الجيزة.

هناك رأيت شابا في عشرينيات العمر،ذَا نصيب موفور من الوسامة في زي أزهري أنيق وعمامة ملفوفة بإتقان وحرفية عالية.

قال لي يومها زميلي: هذا هو الشيخ راغب «بلدياتي» نزل عندي ضيفا، وهو قارئ جميل الصوت، وقد أتى ليمثل أمام لجنة الاستماع في الإذاعة طلبا لاعتماده قارئا للقرآن فيها. سعدت جدا بلقاء الشيخ راغب وتناولنا الغداء معا. وبعده طلب إليه مضيفنا أن يسمعنا آيات يختارها.

أذكر أنه تلا علينا يومها خواتيم سورة إبراهيم،لاوأن نشوة روحية غامرة عمرت قلوبنا وأسماعنا بصوته، وقد بدا يومها وكأن قدوته من القرّاء في بواكير اشتغاله بالتلاوة كان صناجة القراء الشيخ مصطفى إسماعيل رحمه الله.

لقد أبدع وأبدع حتى كأنه هو، وبَشَّرْتُه بأن الطريق أمامه ممهود إلى الشهرة،وأنه يحوز أسبابها إتقانا وأداء.

ولم يمض الكثير حتى كان له بين القرّاء المكان الأمكن، وقد لحظت أن خواتيم إبراهيم في كثير من المناسبات كان لها من إجادته النصيب الأوفى. رحمه الله ورضي عنه.

د. سعد مصلوح

أستاذ في اللسانيات والنقد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى