يخرجون بلا هَدفٍ ويواجهون بلا مبدأ ويقتلون بلا ضمير، يتحولون بالأوامر العسكرية إلى ربوتات تتحرك في ظلام الليل، تسرق الأحلام من عيون النيام، وتُعَمِّقُ مرارة الأسى في قلوب الأيتام، ويوم وراء يوم يسير مع القطيع من يسير وفي لحظات تأتي عاصفة السؤال لماذا؟ وما الدافع وراء كُل هذا ، هم يخدعون الناس بأبواقهم، ولكنهم يتحدثون عن الحقيقة المُرة فيما بينهم ، أنهم يفعلون كل ما يفعلون للحفاظ على سُلطة إنسان مهووس يرى أن القتل والدمار هُما طوق النجاة له في البقاء بمنصبه ،لذا فهو يتشبث به ، هو يفعلُ ذلك لمصلحة ، فلماذا يفعلون هُم ذلك، وهم مع هذا الصراع يرون أبطالًا يحملون العقيدة في الصدور، ويواجهون بقوة الإيمان ، فيفعلون بهم الأفاعيل ، ويزداد الضغط على الجنود والخوف فيعتمل الصراع في العقول، ويضغط على النفوس ، تتزايد الأمراض النفسية ، فمنهم مَن يُحمل ليُعالج، ومنهم من يجد السلاح أقرب إلى يده من الإجابة المنطقية فينطلق السلاح ،ومنذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، انتحر سبعة وأربعون جنديًا، وتسارعت الوتيرة في الأيام الأخيرة، وقد كتب الصحفي بن كسبيت في “معاريف”، مقالة مطولة يشرح فيها الوضع القائم في إسرائيل حاليا جاء فيها “النتائج مُنتشرة أمامنا: دمار، خراب، آلاف القبور المفتوحة، عشرات الآلاف من الجرحى، عائلات مُدمرة، مناطق مُغطاة بالسخام في البلاد، اقتصاد مُنهك، مجتمع مُمزق إلى أشلاء. لكنهم لم يرضوا بعد. حتى مع استمرار سقوط المُقاتلين بمعدل مُنذر بالخطر،
لقد تحول الانتحار في صفوف الجيش الإسرائيلي إلى ظاهرة، وصار السبب الثاني لفقدان الحياة أثناء المعركة، في وقت يتعرض فيه جنوده لخسائر فادحة إثر الكمائن والفخاخ التي تنصبها المقاومة الفلسطينية، التي تخوض “حرب عصابات” فعالة ضد قوات الاحتلال. فيما يرفض عدد من الجنود العودة للقتال في غزة، وقد زجّت السلطات ببعضهم في السجن لقاء تمردهم هذا. ويشكو جنود إسرائيليون كثيرون من اعتلال نفسي؛ بسبب خوفهم على حياتهم من جهة، وما ترتكبه أيديهم من قتل ودمار في غزة من جهة أخرى، ما اضطر الجيش الإسرائيلي إلى توفير نحو ثمانمائة أخصائي نفسي لعلاجهم. وتتحدث صحف إسرائيلية عن عجز الحكومة عن الإحاطة بالحالة المعنوية للجنود، وعدم قدرتها على تلبية طلبات كبيرة للدعم النفسي، وهي مسألة لفتت انتباه منظمة “كسر الصمت” للمحاربين القدامى، التي اتهمت الجيش بأنه يتكتّم على التجارب النفسية القاسية للجنود والضباط. فيما اتهمت صحيفة “هآرتس” القيادة العسكرية بأنها سجّلت كثيرًا من المنتحرين على أنهم “مصابو حوادث”، ووصف البعض على مواقع التواصل الاجتماعي في إسرائيل المعتلين نفسيًا من أثر الحرب بأنهم “ضحايا 7 أكتوبر/ تشرين الأول الصامتون”.