بحوث ودراسات

د. صالح الرقب يكتب: أيها المجاهدون في فلسطين

أيها المجاهدون والقاعدون كم خلودكم في الدنيا؟

الحمد لله الذي أعز الأمة بالجهاد، وأمر بإرغام أنوف أهل الكفر والإلحاد، والصلاة والسلام على قائد المجاهدين وسيد العباد، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أيها المجاهدون في فلسطين..

أيها المجاهدون في سبيل الله، ولإعزاز دين الله، اصبروا، وصابروا، واثبتوا، واحتسبوا، ولا يهيلنكم كيد الأعداء، ولا مكر الأقرباء، ولا خذلان الجبناء، ولا عمالة العملاء، ولا تسلط المرتزقة الأذلاء، ولا تحليلات الوراقين والإعلاميين المنافقين السفهاء، فأنتم موصولون بالله، تستمدون النصر منه، فأنتم الأعلون دوماً وأبداً، فلا تهنوا ولا تحزنوا…

وليكن لكم في سلفكم الصالح، وخلفكم الفالح الأسوة الحسنة، والقدوة الطيبة، فأنتم لستم بدعاً منهم:’أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل’.

أيها المجاهدون في فلسطين

لا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين، ونحن نعلم أنهم ما نقموا منكم إلا لجهادكم في سبيل الله ونصرة المستضعفين من المسلمين، قال تعالى (وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ)؟

وقال تعالى:(الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)..

ولقد ظهر حسن ذكركم والثناء عليكم بما قمتم به من إعزاز لدين الله بالجهاد في سبيله، وإرغام أنوف واليهود وأعوانهم، وكتب الله على أيديكم العز لهذا الدين في هذا الوقت، فعن أنس بن مالك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

‘من أثنيتم عليه خيرا وجبت له الجنة، ومن أثنيتم عليه شرا وجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض، أنتم شهداء الله في الأرض، أنتم شهداء الله في الأرض’..

أيها المجاهدون إن كنتم تألمون فإن أعداءكم يألمون كما تألمون، وأكثر مما تألمون، وترجون من الله ما لا يرجون، وما هي والله إلا إحدى الحسنيين، وما بينكم وبين الجنة إن شاء الله إلا القتل في سبيل الله.

أيها المجاهدون في فلسطين:

أيها المجاهدون أذكروا قوله تعالى:

(وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ)

قال ابن كثير في تفسير هذه الآية:لما انهزم من انهزم من المسلمين يوم أحد وقتل من قتل منهم نادى الشيطان: ألا إن محمدا قد قتل، فوقع ذلك في قلوب كثير من الناس فحصل ضعف ووهن وتأخر عن القتال، ففي ذلك أنزل الله تعالى:

(وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ)

قال ابن أبي نجيح عن أبيه: إن رجلا من المهاجرين مرّ على رجل من الأنصار وهو يتشحط في دمه فقال له:يا فلان أشعرت أن محمدا صلى الله عليه وسلم قد قتل، فقال الأنصاري:ن كان محمد قد قتل فقد بلغ فقاتلوا عن دينكم، فنزل:

(وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ).

قال ابن الجوزي رحمة الله: (أيها الناس: لقد دارت رحى الحرب ونادى منادي الجهاد وتفتحت أبواب السماء فإن لم تكونوا من فرسان الحرب فأفسحوا الطريق للنساء يدرنا رحاها واذهبوا وخذوا المجامر والمكاحل يا نساء بعمائم ولحى).

وإلى الإخوة الذين قد يهنون لما أصاب إخوانهم في سبيل الله فنقول لهم: هذا هو السبيل، ولا تلتفتوا لمثل هذه العقبات، ولا تجعلوا ما حل بإخوانكم يفت في عضدكم، ولا تيأسوا من روح الله، وكونوا كعباد الله الذين قال تعالى فيهم:

(فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ)،

وخذوا حذركم كما قال تعالى

(أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً)

النساء:71.

فهذه نصيحة واعية، وهدية غالية، وهمة عالية، وكلمات سامية، خرجت من قلوب ملؤها الإيمان، وغايتها أعلى الجنات ورضي ربها الرحمن..

إن كنتَم تعلمون أنكم على الحق الذي تدعو إليه فامض عليه..وجاهدوا لنصرته، ولا تمكِّنوا يهود من ديننا وأعراضنا وأرضنا، وإن كنتم أردتم الدنيا فبئس العبيد أنتم، أهلكتم أنفسكم ومن معكم، وليس هذا من فعل الأحرار، ولا من فيه خير.

أيها المجاهد كم خلودك في الدنيا؟

والله لضربة في سبيل الله وفي عز الإسلام أحب إليك من العيش في الدنيا في ذل..فامض على بركة الله واستعن بالله..إن يقتلك إيمانك بالحق مُتَّ شهيداً، وإن عشتَ عشتَ حميداً؛ فقوى قلبك.

وإن كنت تحب الله فاصبر على ما أنت فيه، فإنه ما بينك وبين الجنة إلا أن تقتل. فبسم الله أغزوا وعلى ربك توكل.

ما كان في الإسلام عزّ يُجتبـى           إلا وأخـا الصـارم المسلـولا

من بين أمة أحمـد وجميعهـم            أنت الذي شقّ الجهاد سبيـلا

والمجد لو كان ورودا تُجتبـى             لقطفتها فجعلتها إكليـلا

فلسوف يزهو في جبينك عاليا             لا يبتغـي عـن حالـه التبديلا

ولسوف يضحك تائها متبخترا             ولسـوف يرقص بكرة وأصيلا

يا حارسَ الأقصى فديتك،أمّتي             تهــدي إليك الحبّ والتبجيلا

وتحية زهراء تنطق بالوفـا               وتقبّل الرجلينَ منـك طويـلا

فلئن بقيـت لتبقيـَــنّ مباركا           ولئـن رحلـت لتصنعـنّ الجيلا

أيها المجاهدون في فلسطين:

أيها المجاهدون الكبار الكبار، ولو كان بعضكم في العمر صغاراً..أنتم الرمز الحقيقي والمعنوي الأصيل،

ما أعظم جهادكم فهو لله وما أروع تصديكم وأكبر مقاومتكم!..اثبتوا يا أيها المجاهدون.. اثبتوا يا إخواننا على الجهاد..

اثبتوا يا إخواننا فوراء الثبات استعلاء بحق.. وراء الثبات نصر بفضل الله تعالى..

اثبتوا يا إخواننا أيها المؤمنون اثبتوا يا شبابنا اثبتوا يا أبنائنا فالله معكم ونسأل الله أن ينصركم..وهذا النصر الكبير الذي حققتموه هلل له المسلمون وكبروا في كل فلسطين وخارج فلسطين ممن يتابعون أخباركم الطيبة، فلستم أنتم الوحيدون الذين هللوا وكبروا لهذا النصر المبين وفرحوا به.

أيها المجاهدون الأبطال:

دم بدم وهدم بهدم ورعب برعب فلتنطلق كل الأذرع الفاعلة في كل مكان لتضرب في عمق العمق، لتذيق العدو وبال أمره، وليعلموا أن قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار.

وأعلموا شارون اللعين وكل أنجاسه أن أيامه باتت معدودة, وأذيقوهم كأس الذلة والبوار والموت الساحق بإذن الله تعالى..وليكن عهدكم بألا يعرفوا للأمن سبيلا ولتتحول شوارعنا إلى مقابر، ورؤوسهم إلى نثار، وعيونهم بالدم بحارا وبحار..

قولوا لهم نحن نحب الموت في سبيل الله..

ونسعى إليه وأجساد مجاهدينا الطاهرة ستلقن دولة المسخ درسا لن تنساه أبدا.وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

أيها المجاهدون في فلسطين:

 بوركتم جميعاً يا إخوتنا في فلسطين، وإني أقول لكم: توجهوا إلى الله بصدق، وإلى إخوانكم بصدق، وإلى أنفسكم بصدق حتى تكون المقاومة خالصة لوجه الله، وفقكم الله، وأيدكم الله.

وأنت أيتها الصهيونية المجرمة أسأل الله عز وجل أن يُرِيَك يوماً يجتمع فيه المسلمون ليحاسبوك حساباً عادلاً، وأظن أن حسابك العادل هو إخراجك من فلسطين لأن فلسطين ليست أرضك، لأن فلسطين هي أرض العرب والمسلمين، أسأل الله أن يجمع شمل المسلمين على ما يرضيه يا رب العالمين.

أيها المسلمون في فلسطين أيها المجاهدون…

لا تيأسوا، إنّ المستقبل لنا، وسنسترد فلسطين، سنستردها، والله الذي لا إله إلا هو، كما استرددناها من قبل..

وها هي قد صغرت ما يسمونه إسرائيل أكثر لما بدأت هذه (الانتفاضة) مجاهدون بأسلحة متواضعة يقاتلون جيشا يملك أعتى وأقسى ما أوحى به الشيطان إلى أوليائه من وسائل القتل والتدمير والهلاك…

حسبوا الانتفاضة فورة حماسة تستمر ساعات ثم تخمد، فإذا بها تستمر سنوات لا تزداد إلا قوة نحن لا نبغي عدواناً، ولا نطلب باطلاً، إننا نطلب الحق، وسنجاهد إن لم نعط الحق.

نحن نجاهد لا بغياً ولا ظلماً فلا ينصر الله ظالماً، ولكن دفاعاً عن وجودنا فوق أرضنا وعن أنفسنا وأهلنا وعن الحق. 

نحن نجاهد دفاعاً عن عزتنا وكرامتنا وكرامة المسلمين. اعلموا أنّ أجدادكم المسلمين ما فتحوا الدنيا ولا حازوا الأرض بكثرة عددهم ولا بمضاء سلاحهم، فأعداؤهم كانوا أكثر عدداً، وأمضى سلاحاً، بل لأنهم كانوا مع الله فكان الله معهم..

فكونوا مع الله وتوكلوا عليه وحده. وكونوا جميعاً جنود الله في المعركة الحمراء، فهذه بشائر قد بدت لكم، وهذا هو فجر يومكم الجديد قد انبلج فاصبروا فالنصر لكم :

(يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون).. الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. هذا هو هتافنا في حربنا، ونداؤنا لصلاتنا، ودعاؤنا بين يدي ربنا، فكونوا مع الله، ولا تخشوا شيئا، لأنّ (الله أكبر) من اليهود وممن يشد أزرها.

إن كنتم مؤمنين بأنكم تدافعون عن حقكم، فلن يغلبكم أحد…فاصبروا قليلا فالزمن في صالحكم أيها المجاهدون..واخرسوا قليلا أيها المنافقون المخذلون المثبطون القاعدين مع الخوالف.

أيها المجاهدون

إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم ولا نظنكم أبدا من أولياء الشيطان فلن تخافوهم أبدا وحتما أنتم من تخافون الله لأنكم أنتم المؤمنين. نعم أنتم المؤمنون. وغيركم الله أعلم بهم وبأحوالهم. فالثبات الثبات:

(فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ)

محمد:35.

واعلموا أن الله ولن يضيع جهادكم وصبركم إن شاء الله تعالى.

الدعاء.. الدعاء.. الدعاء:

أيها المجاهدون، وأيها القادة..

إذا كنتم أنتم في الميادين والثغور, فالمسلمون في كل مكان معكم في المحاريب والدور, يزودونكم بالدعاء ويقولون:كما قال الله تعالى:

(عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ)

الأعراف:129.

    اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلا أن لا تجعل للكافرين والمنافقين على المجاهدين والمؤمنين سبيلاً…

اللهم إنا نشكو إليك ضعف قوتنا، وقلة حيلتنا، وهواننا على الناس…اللهم ارفع علم الجهاد، واقمع اليهود والصليبيين أهل الكفر والفسق والعناد، وانشر رحمتك على العباد، واجعلها بلاغاً للحاضر والباد….

اللهم لِمَن تترك عبادك المجاهدين في فلسطين؟

إلى عدو خبيث ملكته أمرهم، أم إلى قريب خسيس يتجهمهم ويسخر منهم، اللهم إن لم يكن بك غضب عليهم فلا يبالوا، ولكن رحمتك يرجون، وعافيتك يطلبون، فلك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم…

اللهم انصر المجاهدين في فلسطين وسدد ضرباتهم ومكن رميتهم من رقاب يهود..وثبت أقدامهم وأنزل السكينة على قلوبهم..

اللهم أيدهم بجنود من عندك..اللهم مكنهم من قتل جند يهود..وتدمير سلاح يهود..وأسر جند يهود..اللهم دمر اليهود تدميرا

اللهم شل أطرافهم وجمد الدماء في عروقهم..اللهم اهزمهم شر هزيمة..الله أكبر والنصر للإسلام..والحمد لله رب العالمين.

د. صالح الرقب

أستاذ العقيدة، بالجامعة الإسلامية، فلسطين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى