د. صالح الرقب يكتب: الجمعيات النسوية ودورها في إثارة مفاهيم الجندرة والشذوذ
واقع مؤسف نبهنا عليه مرارًا.. الجمعيات النسائية ودورها في إثارة مفاهيم الجندرة والشذوذ واستهداف الأسرة المسلمة والفطرة، والسعي لإعادة صياغة مفهوم الأسرة بعيدا عن القيم الإسلامية..
والترويج لذلك في وسائل الإعلام وغيرها.. ومحاولة إقحام تلك المفاهيم الليبرالية الهجينة في المناهج الدراسية.
قال تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}
إن القانون الإلهي المحكَم في التنزيل العزيز يقول: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا} النساء: 27.
واقع الأسرة في الغرب:
ذكرَت مجلة (أوبزر فاتور) الفرنسية أن نسَبَ العزوف عن الزواج بلغَت 85%، ونسْبَة الطلاق فيها أكثر من 50%!!
* ثلث أطفال أمريكا يولدون خارج إطار الزواج، و(75%) من الأمريكيات يشعرن بالقلق لانهيار القيم والتفسخ العائلي.
* عدد العائلات التي ترأسها أمهاتٌ غيرُ متزوجات ولديهن أطفال وصل في الإحصاء السكاني الأمريكي لعام 2000م إلى سبعة ملايين ونصف مليون أسرة، في حين وصل عددُ الآباء غير المتزوجين الذين يربُّون أطفالهم وحدهم إلى مليونين.
50% من المواليد في بريطانيا غير شرعيين، وفي روسيا ربع الأطفال غير شرعيين.
وفي دراسة خاصة أجرتها جمعية رعاية المسجونين تبيَّن أن 48% من الأحداث الذكور و64% من الأحداث الإناث يعانون من تفكك الأسرة، و70% من كبار السن يعيشون بمفردهم.
مفهوم الجندر:
هو وسيلة لإلغاء الفروق البيولوجية، ورفض الاختلاف بين الذكر والأنثى رغم أن هذا هو الأصل لقوله تعالى: {وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى من نطفة إذا تمنى} النجم: 45– 46.
ويستخدم هذا المفهوم أداة في تقارير مؤتمرات الأمم المتحدة للمرأة ليس لتحسين دورها في التنمية، ولكن لفرض فكرة حق الإنسان في تغيير هويته والأدوار المترتبة عليها والاعتراف بالشذوذ الجنسي وفتح الباب على إدراج حقوق الشواذ من زواج المثليين، وتكوين أسر (غير نمطية) كما يقولون أي الحصول على أبناء بالتبني، مما يؤدي إلى إضعاف الأسر الشرعية التي هي لبنة بناء المجتمع السليم المترابط، كما ويستخدم هذا المفهوم لإذكاء روح العداء بين الجنسين وكأنهما متناقضان ومتنافران،
من أهداف الجندرة:
– فرض المفاهيم المنافية للإسلام باسم حقوق الإنسان. واستغلال شعارات «المساواة بين المرأة والرجل» وحرية المرأة وتحررها” ومنها:
أـ حق الإباحية والشذوذ الجنسي..
ب ـ حق التثقيف الجنسي للأطفال والدعوة إلى الحرية الجنسية والإباحية للمراهقين، وحق الأبناء في رفض سلطة الآباء عليهم.
وفرض الزوجة كشريك مماثل للزوج في التأثيث والإنفاق.. وفرض الزوج كشريك مماثل للزوجة في الأمومة والحضانة.
ج- استهداف العلاقات الأسرية: وذلك من خلال:
– فرض الإباحية على أفراد الأسرة.. ومطالبة الأبوين بالتغاضي عن النشاط الجنسي لأبنائهما قبل الزواج، ومعاقبتهما حال منعهم من الممارسة الجنسية عن غير طريق الزواج.
– استهداف الأمومة ودورها.. عبر الضغط على الأم للعمل خارج المنزل تحت مبدأ «إدماج الزوجة في التنمية».
– تشجيع الزوجة على رفض أعمال المنزل الزوجي بحجة أنها ليست ذات أجرٍ مادي.
– تشريع «مبدأ حرية المرأة بالتحكم في جسدها»، مع ما يرتبه ذلك من مفاسد على العلاقة الزوجية وعلى اختلاط النسل عبر الإنجاب غير الشرعي.
– تشريع ما سمي بجرم «الاغتصاب الزوجي» وفرض العقوبات على الزوج, اذا ما ادعت زوجته في المحاكم القضائية
– إفراغ الأسرة من وظائفها الأساسية. عبر الطعن في مبدأ “قوامة الرجل، وفرض التعامل القانوني بين أفراد الأسرة بعيداً من روحية المودة والرحمة والسكنِ فيما بينهم.
والإطاحة بالدور الرعائي للأب.. وانتزاع الصلاحيات التأديبية منه والتحكم التدريجي في عدد أفراد الأسرة وفق برامج واتفاقيات تنظيم الأسرة وتحديد النسل
اتفاقات دولية لهدم الأسرة:
عقدت مؤتمرات متنوعة واتفاقات دولية لاستهداف الأسرة ومنها:
اتفاقيةُ «سيداو» لمناهضة كافة أشكال التمييز ضد المرأة..
تدعو في المادةِ السادسةِ عشرَ منها لمفرداتٍ تجتمعُ مع بعضها لنقض عرى الزوجية: فالقوامةُ مشتركة، ولا ولاية للأبِ على بناته، والإرثُ بالتساوي، ولا تُكَلِّفُ زوجاً بالنفقة على زوجته، ولا تتركُ له أمراً في سفَرها ولا حضَرها، ولا سكَنها معه في البيت أو في غيره إن شاءت..!!
ومؤتمر «بكّين» للمرأة والسكان يُشيع أنواع أسَرٍ جديدة؛ مُسَاكنةً أو شذوذاً أو علاقةً غير شرعية، ويدعو إلى الفوضى الجنسية بشكل أو بآخر،.
الأسرة في ميزان الإسلام:
لقد قرَّر الإسلام أنَّ أصل المرأة والرجل في الخلق واحد؛ ولهذا فالنساء يُماثِلن الرجال في القَدْر والمكانة، ولا ينقصنَ عنهم لمجرد كونهنَّ نساء، فقد قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً..} النساء:1.
وقد جعل الله الزواج آية من آياته، وأحد تجليات النظام البديع، والبناء الرفيع، والخلق الموزون، فقال عز وجل: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} الروم: 21،
ويقول ابن عاشور صاحب التحرير والتنوير:
«هذه آية ثانية فيها عظة وتذكير بنظام الناس العام، وهو نظام الازدواج، وكينونة العائلة، وأساس التناسل، وهو نظام عجيب جعله الله مرتكزًا في الجِبِلَّة، لا يشذ عنه إلا الشُذَّاذ.
وهي آية تنطوي على عدة آيات منها: أن جُعل للإنسان ناموس التناسل، وأن جُعل تناسله بالتزاوج».
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ النِّسَاءَ شَقَائِقُ الرِّجَالِ»، أي: نظراؤهم وأمثالهم، وهم جميعاً في الإنسانيَّة سَوَاء.وقد عاب الإسلام كل سلوك يميز بين المرأة والرجل من الناحية الإنسانية: ومن أمثلة ذلك: أن القرآن الكريم حدثنا عن الجاهليِّين والمشركين أنهم في مناسبات الولادة يميزون بين الذكر والأنثى بطقوسهم وردود أفعالهم، فقال تعالى: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} النحل: 58-59. حكمٌ جاهلي، وسلوك جاهلي، ومحاكمة جاهلية، نفاها جملةً قولُ الله تعالى: {أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ}.
كفى عبثًا بقِيمنا وأحكام شريعتنا الإسلامية…
مرة جديدة تبادر بعض الجهات المشبوهة من جمعيات نسائية وغيرها غربية الفكر والمصدر والتمويل إلى الترويج لمشروع قانون موحد للأحوال الشخصية في غزة والضفة رافعة شعار المساواة والعدالة والدفاع عن حقوق المرأة لتمرير مشروعها المشبوه عبر دس السم في العسل، منتهكةً خصوصية الشعب الفلسطيني في معتقداته وشريعته الإسلامية
* إن هذا المشروع الهجين سينتج مزيدًا من الفتن في المجتمع وإحداث الشرخ العائلي.
* إن الجهات المروجة للمشروع توهم الرأي العام أن مشروعها يمثل حبل نجاة لمشكلات الأسرة وينهي حالات العنف الأسري، ويقضي على حالات التحرش الجنسي والاغتصاب، وينصف المرأة ويحفظ الأسرة، وكلها مجرد أوهام وأضغاث أحلام، لأن هذه المشكلات لا تحلها القوانين الهجينة المستوردة، التي تتصادم مع الشرائع الدينية، لا سيما وأن ما لدينا من تشريعات وأحكام دينية إسلامية بهذا الخصوص يغنينا عن ذلك كله.
* مفاهيم الجندرة والشذوذ الجاري التسويق لها في غزة والضفة الغربية ومحاولات إقحامها ضمن مناهج التعليم إنما تستهدف الأسرة المسلمة وتعمل على تفكيكها وضرب هذا الحصن من حصون أمننا الاجتماعي والثقافي والديني والأسري مما يستدعي تضافر جهود شعبنا كافة على تنوع مشاربهم للتصدي لكل ما يستهدف الأسرة الفلسطينية.
ومما يؤسف له وجود جمعيات نسوية ومؤسسات تزعم أنها تقدم استشارات قانونية لها ارتباط بمؤسسات تابعة للأمم المتحدة تنشط في قطاع غزة والضفة الغربية لتنفيذ المخططات الغربية باسم النوع الاجتماعي وحماية المرأة والطفل..
ويطالبن بإصدار قوانين مستوحاة من اتفاقية سيدوا المشئومة.. ومن عجب استطاعت بعض هذه المؤسسات غزو جهات حكومية وغيرها للترويج لأفكارها السوداء. وإحدى هذه المؤسسات هاجمت زعيمتها مجلس القضاء الشرعي بغزة لأنه أصدر قرارًا لا يعجب هذه الزعيمة وابنتها أيضا هاجمت مجلس القضاء الشرعي بكلمات قاسية ونشرت هذا في صفحتها على الفيسبوك.