بحوث ودراسات

د. عبد السلام بسيوني يكتب: السلفية.. خطايا إهمال الأولويات العصرية

خطيئة السلفية المعاصرة في إهمال تجديد وسائل وأساليب الدعوة إلى الله تعالى:

 درج الباحثون في دراسات الدعوة إلى تقسيمها إلى دعوة فردية وأخرى جماعية، ويوردون مزايا كلٍّ، وضوابطها، وثمارها، وآلياتها (انظر كتب الدعوة التي ألفها أصحاب السماحة: أبو زهرة، وعبد البديع صقر، والبيانوني، وإبراهيم زيد الكيلاني.. وغيرهم).

لكنني لم أجد -فيما قرأت في الدراسات الدعوية السلفية، وغيرها؛ إلا لمامًا- من يتحدث عن القسم الثالث الأهم من أقسام الدعوة، الذي هو أساسٌ، وغاية من غايات بعثة محمد صلى الله عليه وسلم، وأعني به الدعوة العالمية!

     وهل بعث محمد صلى الله عليه وسلم للأفراد والجماعات الصغيرة، أم بعث -من أول الأمر- كافة للناس بشيرًا ونذيرًا؟

     ألم يرسِل صلى الله عليه وسلم قبل موته للأمراء والملوك والأكاسرة والقياصرة؟

     ألم يقل بأبي هو وأمي: بعثت للأحمر والأسود؟ مسلم/521!

     ألم يكن حوله في جماعة المؤمنين الأولى: الحبشي، والرومي، والفارسي، والعربي، والمملوك والمرأة والطفل، ثم ينطلق أصحابه -رضي الله عنهم- ليموتوا في أرجاء المعمورة؟

     أليس في بقيع مصر (بالبهنسا) نحو خمسمئة صحابي غير من تناثروا في أرجائها؟

     ألم تُدفن سيدتي أم حرام في قبرص، وسيدي أبو أيوب الأنصاري في استانبول، وآخر الصحابة موتًـا (الحارث الزبيدي) في مصر رضي الله عنهم أجمعين!؟

     ألم يدفن التابعون متناثرين في أرجاء المعمورة آنذاك؟ وينقلوا معهم دعوة عالمية دخلت بها الأمم دين الله تبارك وتعالى؛ راغبة أكثر مما دخلتها راهبة؟

     ألم يحدثنا بأبي هو وأمي، عن الروم، وفتح القسطنطينية، وفتح رومية، وبلوغ الإسلام ما بلغ الليل والنهار؟

     فأين حظنا الآن من الدعوة العالمية، تقعيدًا: وتأصيلًا، وبيانًـا للضوابط والمحاذير؟

أين منا توصيف الآليات، والمناهج، للاستفادة المثلى من الوسائط المعاصرة مثل الفضائيات، والشبكة العنكبوتية، ووسائل التواصل، وإذاعات الإف إم، ومحطات الكيبل، وإمكانات التجسيد، والهولو جرام، والذكاء الصناعي، والثري دي، والسفن دي؟

أين الإسلاميون من إنشاء قنوات فضائية ذات رؤية، ومنهج، وتقنية، وكوادر واعية بصيرة، متمرسة، تحب الله ورسوله؟

قد يقول قائل منهم: ما للدعوة والإعلام؟ وما له ولهذه الوسائط الدنسة؟

–       وأقول إن كل من له أدنى بصر سيعرف أن الإعلام دعوة، والدعوة أم الإعلان! وأنه تستخدمه الكنيسة، والوثنيون، والملاحدة، وعبدة الشيطان، في نشر إفكهم وبهتانهم! وإنها تدْنُس بمحتواها أو تطهر، وتضر أو تنفع، وتبني أو تهدم!

–       وقد يقول قائل منهم: هناك قنوات ومواقع وأشخاص يقدمون برامج إسلامية! أو –على الأقل- هناك مساعٍ!

–       وسأقول له: حرام عليك؟ فين؟ وريني؟

–       أهذه المشروعات التي تموت قبل أن تولد؛ لأننا نعطيها من فضول الأوقات والأموال والهمم؟

–       هل مواقع الإنترنت، أو البرامج (العبيطة) هذه تسمى إعلامًا أو دعوة؟ هل تجذب 1/ 1000 مما

 يجذب موقع مثل X أو نتفلكس/ ياهو أو اسناب زفت مايكروسوفت أو AOL/ ألتا فيستا أو

لايكوس، أو ماشابهها؟

–       وهل طريقتنا في التقديم، ولغتنا إلا لغة كسيحة، يطرحها الإسلاميون للإسلاميين؟

–       أم تقصدون هذه المواد التلفازية الحيية غير الجذابة؛ في مضامينها وديكوراتها وضيوفها ومقدميها؟

واسأل سؤالًا واضحًا:

     ما الذي أجهض الربيع غير جيوش الإعلام، وكتائبه، وترساناته؟

     ما الذي شيطن الإسلام كله غير جيوش الإعلام، وكتائبه، وترساناته؟

     ما الذي يسَّر سَبّ الله تعالى، والقرآن والسنة، والرموز الإسلامية؛ غير جيوش الإعلام، وكتائبه، وترساناته؟

     ما الذي جرأ دود الأرض وهوامه على الله ورسله ورسالاته؛غير جيوش الإعلام، وكتائبه، وترساناته؟

     ما الذي مكن للروافض، والدولة العميقة المضادة للإسلام،غير جيوش الإعلام، وكتائبه، وترساناته؟

     ما الذي يمكن للصهيونية، والشواذ، وأهل الاستباحة، والظلاميين الحقيقيين، الذين يدبرون المؤامرات ضد الشعوب كلها غير جيوش الإعلام، وكتائبه، وترساناته؟

إن المؤمن لا يلدغ من الجحر ذاته مرتين، ونلدغ نحن منه ألف مرة، ونصفع على أقفيتنا (على غفلة) في اليوم عشرة آلاف مرة!

أين هذه السلفية من فطنة عمر، ودعاء عمر، ويقظة معاوية، وهمم العلماء المصلحين والغزاة الفاتحين؟

أين سلفية المجد والغار من سلفيات العُرِّ والعار!؟

–       وعلى افتراض قوة من يقدمون (البرامج الإسلامية) ويعدونها في وسيط كالتلفزيون: أتتاح لهم الفرص لتقديم برامج مميزة لافتة بديكوراتها، وتمويلها ونوعية ضيوفها؟

–       إن ديكور برنامج ترفيهي قد يبلغ في مساحته 20 أو 30 أو 100ضعف ديكور برنامج إسلامي وميزانيته وفنييه والعاملين فيه، ولا ينبئك مثل خبير!

آسف على هذه الاستطرادة، وأنتهزها لأسأل السؤال الذي أردته بهذه السطور:

هل كتب مفكر أو إعلامي إسلامي، أو أكاديمي، أو أستاذ في الدعوة، دراسات مناسبة حول الدعوة العالمية، ووسائلها،ومناهجها، ومزاياها، ومحاذيرها، وخصائص القائمين عليها؟

لقد سألت أكبر رموز الدعوة والإعلام النبيل في القرن العشرين مطلع عام 2000: هل أعد العمل الإسلامي كوادر تصلح لمواجهة تحديات القرن الميلادي الجديد؛ بمصاعبه، ومطباته، فحلف على الفور: لا والله، ولا واحدًا!

       وأكبر التحديات في اعتقادي: هي  المعلوماتية، والغزو الفضائي لأمة الإسلام بإمكاناته الهائلة، ومصيبة الذكاء الصناعي، والتزوير العميق،والدعوة الإلكترونية العالمية، التي تحتاج آليات جبارة، ورؤوس أموال هائلة، وأشخاصًا قديرين متميزين دينيًّا وعقليًّا ودعويًّا واستراتيجيًّا! فهل نقبل التحدي، ونعيد حساباتنا، وننطلق انطلاقة جديدة بصيرة رشيدة، أم نواصل مسلسل (ليس في الإمكان أبدع مما كان) ونقول مثلما قال الأولون: الله يهديه، دا عنده فيديو! ونخذل إسلامنا، وعقيدتنا، وأبناءنا، وأجيالنا؟

وثانية خطايا السلفية المعاصرة في تجاهل استشراف المستقبل

  • وبقدر ما أندهش من واقع المسلمين الأولين، وحرصهم على توقع ما سيكون، وتأمل الأحداث لاستشراف المستقبل، بقدر ما يصيبني الانكسار والإحباط لغياب الدراسات التي تدرس الواقع الحالي، وتوظّف الماضي لتتأمل المستقبل، وتراه بعين العقل الرشيد، والبصيرة المؤمنة،
  • كما يكسرني عكوف فئام من المنتسبين للسلفية على (ما يظنونه) الماضي، و(ما يظنونه) فهم السلف رضوان الله عليهم، ويقرؤون كل شيء قراءة مبتورة منقوصة مجزوءة عوراء؛ بل عمياء!
  • أندهش حين يقول القرآن للمسلمين أول عهدهم المكي، في حرب الروم والفرس: (وهم من بعد غلبهم سيغلبون) ويخبرهم بمساحات من المستقبل!
  • وأندهش حين يقول صلى الله عليه وسلم –وهو مهاجر، ليس معه إلا الله تعالى نصيرًا- لسراقة رضي الله عنه، إنه سيلبس سواري كسرى!
  • وأندهش وهو صلى الله عليه وسلم يبشرهم بفتح خيبر، والشام، والقسطنطينية!
  • وأندهش – جدًّا – لدقة سيدنا عمرو ابن العاص حين يشخص عدوه، بمنتهى الوعي والدراية، بعد أن حدثه أحد الصحابة أنه لا تقوم الساعة إلا والروم أكثر الناس، فيقول رضي الله عنه: أبصر ما تقول! قال: أقول ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم.فقال عمرو رضي الله عنه: لئن قلت ذلك، إن فيهم لخصالًا أربعًا:

o      إنهم لأحلم الناس عند فتنة

o      وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة..

o      وأوشكهم كرةً بعد فرة..

o      وخيرهم لمسكينويتيم وضعيف..

o      وخامسة حسنة وجميلة: وأمنعهم من ظلم الملوك!

أرأيت إلى هذا التشخيص الدقيق العجيب؟

أرأيت إلى هذه الرؤية الثاقبة؟

o      أندهش من إصرار جيوش المسلمين على فتح القسطنطينية –الجيش بعد الجيش– ثقة بوعد رسول الله صلى الله عليه وسلم!

o      لكنني أندهش -حتى الذوبان- حين أقرأ رؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم لواقع الأمة، وعدم استفادتنا من هذه القراءة النبوية الدقيقة، وكأننا لا نسمع ولا نرى ولا نحس!

وكأنه صلى الله عليه وسلم ليس الصادق المصدوق!

     ألم يقل لنا صلى الله عليه وسلم إن الأمة ستفترق؟

     ألم يقل إنه يخشى علينا التنافس على الدنيا؛ فتهلكنا كما أهلكت من قبلنا؟

     ألم يقل لنا إن الأمم ستتداعى علينا، ونحن كثير غثائيون زبَد؟

     ألم يخبرنا أننا سنضرب في مقتل، بمرض خبيث اسمه الوهن: حب الدنيا وكراهية الموت؟

     ألم يقل لنا صلى الله عليه وسلم إن عرى الإسلام ستنقض عروة عروة؟  

هاهو الداء مشخصًا، وها الدواء معروفًا بينًا، فلماذا نستسلم للمرض؟

لماذا الاستسلام للفرقة، والجهل، ونقض عرى الإسلام، والوهن القاتل؟

لماذا ندع الأمم تتداعى علينا؟

     لقد كان فقهاؤنا في غاية التوفيق، حين كانوا يتوقعون، ويتصورون أشياء يمكن أن تحدث –مهما بدت لمن بعدهم غريبة– ليقدموا لها الحلول، ويعرضوها على القواعد، ويحلّوا بها المشكلات، ككيس الفساء الذي يحمله الإنسان –وكم كنا  نسخر من هذا؛ جهلًا واستعجالًا وقلة فهم– ثم رأينا بالفعل في المستشفيات (من يحملون أكياسًا تجمع البول من مرضى الكلى، أو البروستات).

ولقد نجح الآخرون في قراءتنا، وتأملنا، وتوقع ردود أفعالنا، والتيقن من حدود استجاباتنا، وبناء على هذه القراءات خطَّطوا ونفذوا ونجحوا مرات: نجحوا في القراءة، ونجحوا في التوقع، ونجحوا في التنفيذ، ونجحوا في قطف الثمار، واكتفينا بالبكاء على الأطلال، وإطلاق الرثائيات، وذكر الأمجاد، وسب الخصوم بعد أن (أودوا بالإبل).

     لقد صح أن اليهود قرؤوا الدنيا والمنطقة في القرن الفائت، ونفذوا خططهم العشرية، والخمسينية، والمئوية، بشكل باهر ومعجب، منذ اجتمعوا في بازل، سنة 1897:

فقرروا إقامة دولتهم بعد خمسين سنة، وأقاموها (1948)!

وقرروا فرض إرادتهم على الدنيا خلال مائة سنة وفرضوها (1998)!

غير خطتهم العشرية الواضحة جدًّا؛ فقد كانوا كل عشر سنين يخطون خطوة كبيرة في سبيل تحقيق خططهم منذ هذا التاريخ، واقرأ واقع أمتنا سنين: 1907 – 17 – 27 – 37 – 47 – 57 – 67 – 77 – 87- 97، وسترى أن القوم تأملوا وقرؤوا وخططوا ونفذوا، ثم عادوا وجلسوا مرة ثانية -وقد نشرت الصحف ذلك– فخططوا للقرن القادم!

فأين نحن من هذا كله؟

متى نقرأ واقع الإسلام، وأمراض المسلمين، وإمكاناتهم بدقة، ونشخص العلل بدقة، ونخصص قطاعًا من العقلاء لعلاجها، والتصدي لها؟

متى نحسن قراءة الواقع السياسي، والاقتصادي، والمعلوماتي، والثقافي؛ أعني بعين إسلامية وطنية مخلصة، حريصة على صالح الأمة، ودينها، وأجيالها، ومستقبلها القريب والبعيد؟

متى ندرس الإستراتيجية، والاستغراب، واستشراف المستقبل، ونتمكن من المعلوماتية، وتقنيات فرض الذات القوية؛ ومتى نمتلك قرارنا؛ بامتلاك سلاحنا، وصواريخنا، وقنابلنا الذكية، ودفاعنا النووي الاستراتيجي؛ بابًا من امتثال قوله تعالى: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة)!

     نعم؛ هناك مراكز إستراتيجية قليلة، وبعض المحاولات (الصحفية) لكنني أحلم بعيون وعقول وهمم إسلامية، وطنية، رشيدة، عاقلة، موفقة، تمتلك القدرة على مزج الماضي بالحاضر بالمستقبل:

–       لا تدين فقط للماضي، وتتجاهل ما كان وما سيكون!

–       ولا تدين للحاضر على طريقة  (لا تشغل البال بماضي الزمان…ولا بآتي العيش قبل الأوان)!

–       ولا تدين للمستقبل مقطوع الجذور!

بل تعتز بدينها وهويتها ووطنيتها، وتراثها، وتحرص على أن تصوب حاضرها، وتصلح أمر مستقبلها، مستعينة بتوفيق الله، وسنن الله، وما علمها الله، لعلها تجنب هذه الأمة الكسيرة ما يبيت لها من السحق والاستئصال..

وأرجو ألا أكون مغاليًا، فسياسة الأرض المحروقة تتبع بدقة شديدة بعد فلسطين، منذ الثمانينيات: فاستخدمت بتوسع شديد في أفغانستان، وفي البلقان، وفي الشيشان، وفي العراق، وسوريا، وليبيا، واليمن، وخلاصتها: اهدم أكبر مساحة من البنية الأساسية، اقتل أكبر عدد من البشر، هجّر أكثر ما تستطيع من الناس، ولا تخش الرأي العام، ما دام الإعلام بيدك لا بأيديهم!

فمتى نهتم بالمستقبل يا أمة: إذا قامت القيامة، وفي يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع ألا يقوم حتى يغرسها فليغرسها؟!

من صور فجور الخصوم:

رابعًا: والمرأة أيضًا:

ولا أشك أن من الجوانب التي أهملها السلفيون المعاصرون، وغيرهم -تنظيرًا وتأصيلًا ودعوةً واستراتيجيات سباقة- جانب الدعوة النسائية، وآلياتها، ومحاذيرها، ومن يقوم بها!

     فهي -معظمها- لا تزال حلقات قرآن، وتعلمًا للتجويد، وبعض الرقائق، ودورات في الدماء!

     وأكثر من يكتبون منهم عن (نصف الدين) يلوكون الكلام المَلوكَ ذاته، في حالة اجترار غريبة وغبية: المرأة التي أنصفها الإسلام؛ مقارنة بأختها عند الإغريق والرومان والهنود الحمر والأزتك والإنكا وسكان زمبابوي، ونهطاي، وعزبة الصفيح!

     وعن الخلاف في النقاب والحجاب، والإسدال والإسبال، والأسود والملون!

     وعن (آسم أمين -الراجل الوِحِش) الذي لا يعرف كثيرون أنه -لولا الريادة- ولي من أولياء الله الصالحين بجانب الست نوال، وصاحبات العفاف غارة السمان، وعالة سرحان، وإيناس الدغيدي، وفاطمة مرنيسي، ورزان مغربي، وغارة عبرازق، وبقية نسوان الفضائيات، والإف إمات، والسوشيل زفت!في زمن صهينة الفكر، و(لبنـنة الإعلام) و(تونسة) الثقافة الفضائية،

وتعهيرالفن، وتدخين أحذية السلاطين،بكل مقاساتهم وألوانهم!

      كثيرون لا يعرفون أن أمر المرأة لم يعد الحجاب، ولا النقاب، ولا حتى الميدي، بل انتقل إلى الدعوة لتفكيك الأسرة، ولقرى العراة، ونوادي الشواذ، وزواج المرأة من أربعة ذكور، و(لماذا لا يكون الله امرأة) وانتساب الأبناء لأمهم وحدها، كما طالبت نوال بنت زينب؟

      دعوات وقاح بذيئة لا تتوانى عن الاحتماء الخسيس بالسلطات في الداخل الكاره، والخارج المتربص، وبالقوانين التي تكرس الشذوذ، والزنا، والدعارة، وتفكيك الأسرة، والقضاء على النظام الاجتماعي الفطري؛ من خلال الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، وصندوق النقد، البنك الدولي، والصليب الأزرق، وجورج سوروس، وبيل زفت، ومايك قطران، وإيلون نيلة، و…!

–       ألا يستفز هذا الإسلاميين، ليتابعوا، ويتصوروا، ويدعوا الناس (بما يعرفون؛ أتريدون أن يُكذب الله ورسوله)؟!

–       ألا يشحذ هممهمليحدثوا الناس بلسان يعرفونه: (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه؛ ليبين لهم) وألسنة العصر عديدة منوعة تخاطب شرائح البشر، وتنفذ إلى خلاياهم!

     إن الدراسات عن المرأة -في الغالب- ساذجة، وعاطفية! وخطاب إسلامي موجه من إسلاميين لإسلاميين! أما خطاب العامة، والوطن بأطيافه، والعالم بسكانه، والمتابعة، والتأمل، وقراءة الآخر، والكتابة عن دعاة التحليل الجدد، ورصد ما يقال وما يطرح، من خلال الدراما، وأغاني الفيديو كليب، والفضائيات، والتنظير، وجمعيات المرأة، و(الكوانين) الدولية، فهو آخر ما يعني كتّاب آخر الزمان، من فئة الإخوة (المجتـرين) الذين لا يضيفون، ولا يبدعون، ولا ينفعون قدر ما يضرون!

     وفي حدود قراءاتي القليلة لم أجد من اهتم بالدعوة النسائية، ومتابعة الواقع؛ إلا كتابات حيية خفيضة الصوت؛ قَدُمتوطال عليها الأمد حتى بردت، وخرجت من الساحة؛ لأنها كتبت من عدة عقود، لعدد قليل من الأساتذة كالدكتور على عبد الحليم محمود، والدكتور اللويحق، والأستاذ محمد رشيد العويد، وشباب مجلة الأسرة، وشباب فرحة (في إطارها الخاص)، ثم ليس بعدُ إلا التكرار الممل، والتصنيف القاصر المخل! ورحمة الله على سابق زمانه محمد الغزالي، والموسوعي القرضاوي، وعبد الحليم أبو شقة، ومن على شاكلتهم!

أرجوكم، انظروا في الواقع، تابعوا ما يطرح، اكتبوا لنا:

     ما نوعيات النساء اللواتي يحتاجهن سوق التأثير والتغيير والإقلاع الراقي المحسوب؟

     كيف تتحرك المرأة عامة، والداعية خاصة، في ظل التعقيدات الأمنية، والإعلامية، والأسرية، والاجتماعية الداهية؟

     ما إشكاليات عملها؟ ما مزاياه؟ ما محاذيره؟ ما ضوابطه؟ الآليات/ المناهج/ الوسائل!

     هل لها أن تعمل –فعلًا- في الصحافة/ في الأدب/ في الفضائيات/ في الذكاء الصناعي/ في غير ذلك من المجالات؟

     ما مقادير مساهماتها المؤثرة والرشيدة، في الأكاديميا، والدعوة، والإعلام، والفن، والأدب؟

واجهوا ولا تتهربوا، فكروا ولا تجتروا، ارصدوا فأنتم مرصودون!

أخرجوا لنا امرأة مسلمة صلبة داعية مثقفة شرعًا، في قوة نوال السعداوي، وجَلد فاطمة مرنيسي، وأفعوانية غادة السمان، وجرأة إيناس الدغيدي، و(حرفنة) إسعاد يونس!

لكن في الحق، وللحق، وبالحق؟

هل نفعل أم نظل نشعل الخلاف حول مندوبية النقاب وفرضيته؟

أم يخرج متربص يقول إنني أهاجم السنة، وأرفض النقاب، وأسب العلماء، وأحارب الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه؟

والله ممكن، وهذا أثر فأسك!

وماذا بعد؟

      أعتقد أنه يمكن الكتابة على هذا النحو في تناول التفسير، والتعامل مع السنة المشرفة، وغيرها، ويمكن الضغط على جراح عميقة في طريقة تناولنا لعلوم الإسلام، وفنون الدعوة، لكن حسبي وحسبك هذا المقدار من إزعاجك قارئي الكريم، وسامحني إذا قصرت، أو اجترأت، أو أسأت التعبير، وادع لي إن كنتُ قلت شيئًا ذا بال، مع شكري الجم إذا وافقتني أو خالفتني!  

وللحديث بقية!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights