د. عبد العزيز كامل يكتب: تباشير طوفان الشام.. ومحاذيره (2)
ما ذكرته وذكره غيري من تباشير ثورة سوريا قليل من كثير، وبشرياتها هي وانتفاضة الأعزة من أهل غزة يتغير بها بإذن الله وجه الدنيا، وذلك كلما زاد أخذ المجاهدين الدين بقوة، وساروا في طريق إقامته بحكمة، فالله تعالى يقول:
{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ..
كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ..
وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ..
وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ..
يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ
وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ
وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ
وَآتُوا الزَّكَاةَ
وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (55- 56)} [من سورة النور]..
وبقدر ما للثورة السورية من آثار كبرى واقعة ومتوقعة تبشر بخير على المستويات القطرية والإقليمية والعالمية؛ وأيضا على مستوي الأفراد والشخصيات؛ فإنها في المقابل تواجه محاذير وتحديات على ذات المستويات، وكل ذلك محكوم بسنن إلهية تسير وفق قول الله عز وجل: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن/29] وقد فسرها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: (مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَغْفِرَ ذَنْبًا، وَيُفَرِّجَ كَرْبًا، وَيَرْفَعَ قَوْمًا، وَيَخْفِضَ آخَرِينَ).[صحيح ابن ماجة/١٦٨]..
ولعلي أبدأ بالمحاذير المتعلقة بالأفراد والشخصيات، وبخاصة القادة العلنيين الذين يتحركون وكأنهم آمنين من تربص الكفرة الفجرة القتلة، فرغم أن التوكل على رب العالمين هو دأب أهل اليقين؛ إلا أن الله تعالى قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ} [النساء/٧١].. وما نراه في وسائل الإعلام والتواصل مما ينافي الحذر لا يحتمل التغافل..
فتداعيات الأحداث منذ عدة عقود تثبت أن كيانات العدوان تنتهج سياسات التصفية البدنية لكل من تبرز له قيادة فاعلة أو قابلة للتفعيل خارج مسارات مصالحهم، ولو رحنا نحصي أعداد من قتلوا غيلة طوال العقود الأربعة الماضية من كل الاتجاهات الإسلامية أو شبه الإسلامية في العالم لاحتجنا إلى ملفات وسجلات..
بالطبع لا مجال للمزايدة على من يبذلون كل غال ونفيس لنصرة الدين، ولكن الدين النصيحة، ولو كان من كلمة لرجال الساعة في سورية في هذه الظروف البالغة الخطر؛ لكن الحذر في مقدمة الأولويات، والرأي أن يعجل أبرز القادة العلنيين المعنيين بالتواري عن الأنظار والاكتفاء بالرمزية المعنوية، مع إسدال الستار على مشهد العز والفخار الذي أكرمهم الله به في إنجاح الثورة.. فاستمرار نجاحها -بعد توفيق الله- موقوف على بقاء قادتها الفاعلين بعيدا عن أيدي المجرمين.. الذين لن يرضوا لهم بديلا عن اثنتين؛ الاغتيال أو الإفشال..
حفظ الله الثورة السورية وقادتها وحاضنتها الشعبية، فشأن الشام كلما اقترب الزمان يتعاظم بالجهاد والإيمان، وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم رؤيا – ورؤيا الأنبياء حق – قال فيها: (رَأيتُ كأنَّ عَمودَ الكِتابِ انتُزِعَ مِن تَحتِ وِسادتي، فأَتبَعْتُه بَصري، فإذا هوَ نورٌ ساطِعٌ، عُمِدَ به إلى الشَّامِ، ألَا وإنَّ الإيمانَ إذا وَقَعَتِ الفِتنُ بِالشَّامِ.)
أخرجه الإمام أحمد. ١٧٧٧٥، وصححه الألباني في صحيح الترغيب ٣٠٩٢
وللحديث بقية إن شاء الله