الأحد مايو 19, 2024
مقالات

صراع ممتد.. لأطماع بلا حد!

د. عبد العزيز كامل يكتب: جدلية العلاقة بين إيران والغرب (٢)

كثر الجدل مؤخرا بعد الهجوم الإيراني المحسوب؛ ردا على الهجوم الإسرائيلي المقصود، وسيزداد الجدل بعد الرد الإسرائيلي الحتمي المنتظر، والذي لن يضيع ” النتن” فرصته، لتقويض طموحات إيران الإقليمية وتعطيل نواياها النووية، بتأييد من الداعم الغربي والمتفرج العربي. وهو ما قد يوسع الدائرة المكانية والزمانية لتداعيات طوفان الأقصى؛ كما توقعت ذلك مكتوبا منذ الساعات الأولى لذلك الطوفان..

نحن أمام صراع مشاريع كبرى في المنطقة، وأكثرها ارتباطا بالأحداث الحالية ثلاثة مشاريع: المشروع اليهودي العالمي بقيادة إسرائيل، والمشروع الصليبي الغربي بقيادة أمريكا، والمشروع الشيعي بقيادة إيران.

 والثلاثة يستهدفون عموم الأمة من أهل السنة، في مقدراتهم ومقدساتهم ومستقبل أجيالهم.

المشروع اليهودي العالمي يدور حول حتمية بقاء القدس عاصمة موحدة أبدية للدولة اليهودية، وأصحابه في العالم يسعون لتثبيت احتلال المدينة المقدسة والتوسع حولها لاستكمال مملكة داوود التاريخية الممتدة من النيل إلى الفرات، والتي أسموها سابقا (إسرائيل الكبرى) ثم طوروها لاحقا إلى (الولايات المتحدة الإبراهيمية) ساعين لاستكمال معالمها باستعادة قبلة اليهود بإعادة بناء هيكلهم الثالث فوق ركام مسجدنا الأقصى..

 ذلك بعد ذبحهم (البقرة الحمراء العاشرة) التي أعلنوا منذ عامين أنهم عثروا على خمسة «نسخ» منها، وهم بانتظار بلوغها ثلاث سنين ليذبحوا إحداها ثم يحرقوها ليتطهر برمادها المخلوط بالماء شعبهم النجس الملعون على ألسنة النبيين، وكي يتهيأ بمائها حاخامتهم بعد التطهر المزعوم لدخول «قدس الأقداس» بهيكل سليمان الذي اكتملت خططهم الهندسية لبنائه؛ منتظرين عهد استقبال مسيحهم الموعود، الذي يعدونه آخر أنبياء اليهود

ومشروع الصليبيين الغربيين لا يختلف كثيرا من الناحية الدينية عن مشروع الصهيونية، غير أنه من زواياه المادية يعد بلادنا العربية -بعد إسقاط الخلافة- مناطق نفوذ، لا يمكن السماح بمنافسين فيها على الهيمنة، من داخلها أو خارجها، سواء في الحاضر؛ لاعتبارات جشع مادية ونزعات كبر حضارية. أو المستقبل؛ لنبوءات أوهام إنجيلية، تتعلق بقدسية القدس، التي يجمع النصارى على الاعتقاد بقرب عودة مسيحهم الخاص بهم إليها ليقود منها العالم النصراني أو (المليار الذهبي) الذي يتبقى من سكان الأرض بعد أسطورة (هرمجدون) وبعد سلاسل من الفوضى والأوبئة والمجاعات، كما جاء في الإنجيل المحرف.

 أما مشروع دولة الفرس الشيعية؛ فيقوم دنيويا على مخطط الهيمنة على ما يعده الإيرانيون حقوقا تاريخية في البلاد المحيطة بإيران والتي كان لها ارتباط قديم بالحضارة الفارسية، أو تلك العربية التي كانت تخضع للإمبراطورية الكسروية، وذلك ضمن ما يعرف بـ(إيران الكبرى) التي تشمل اليوم بنظرهم غالبية بلاد القوقاز والعراق وأفغانستان وباكستان وآسيا الوسطى، وغرب الهند.

 لذلك فالفرس اليوم احتلوا أربع عواصم عربية؛ ويطمحون للسيطرة على بقية جزيرة العرب كلها لإخضاعها، ثم السيطرة بعدها على الحرمين الشريفين.. هادفين بذلك في النهاية للتمهيد لخروج مهديهم المكذوب بعد مزيد من الفتن والملاحم والحروب، التي يهلك فيها ثلثا سكان العالم، بحسب مراجعهم الأصلية المذهبية، ومرجعياتهم الطائفية!

وبكل أسف فإن هذه الخرافات والأساطير؛ هي التي تحفز الجيوش وتحرك الأساطيل، عند أصحاب المشروعات الثلاثة، التي تصارعت وتتصارع وستظل تتصارع حولنا وعلى أرضنا، نحن أهل السنة والجماعة، ما دمنا وحدنا، الذين لا يجمعنا مشروع ناهض مواجه، ولا كيان رائد قائد موجه..

غير أن أملنا في الله أن يتيقظ المسلمون على وقع الأحداث القائمة والقادمة، وأن يمن – سبحانه – على الذين استضعفوا في الأرض ويجعلهم أئمة ويجعلهم الوارثين ويمكن لهم في الأرض، ويحبط مكر كل الماكرين بهم، كما رد كيد الكائدين قبلهم، فهو القائل سبحانه:

 ﴿قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ﴾ [النحل: 26]

Please follow and like us:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة جريدة الأمة على يوتيوب