د. عبد العزيز كامل يكتب: كيان العدوان.. وتساقط الجدران!

هناك نبوءة قرآنية.. تحدثت عن طبيعة صراع الأمة الملعونة في القرآن ضد أمة الإسلام، حيث قال الله تعالى:
﴿لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ ۚ بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ۚ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ﴾ [الحشر: 14]
وفي عصرنا هذا.. لا نرى تمثيلا لجدر اليهود أظهر من تلك (الحدود) التي تحمي قراهم (المحصنة) في الأرض المقدسة باتفاقات «السلام» المعلنة وغير المعلنة، مع ما كان يسمى بـ (دول الطوق) أو دول المواجهة، حيث ظلت تلك الحدود «الرسمية» تمثل أرضا فاصلة محمية، لا يسمح للأحرار بتجاوزها لصد هجوم أو رد عدوان، إلا وفق حسابات إقليمية أوتوازنات دولية..
والشام التاريخية التي تشمل اليوم -جغرافيا- بلدان سوريا وفلسطين ولبنان والأردن وشمال غرب السعودية وشمال شرق سيناء وجنوب شرق تركيا.. سنجد بأدنى تأمل أن كل بقاعها موضوعة تحت خطر عدوان صهيوني قائم أو قادم، فالحرب قائمة في فلسطين ولبنان وسوريا، ومهدد بها في الأردن وسيناء.. وهي محتملة حتى تاريخ كتابة هذه السطور (إبريل ٢٠٢٥) في تركيا التي يلوحون بحربها إذا تصدرت للدفاع عن أمنها القومي المعرض للخطر في حال استمرار عدم الاستقرار في سوريا..
ومع ذلك فهناك أمل أكيد بإحباط هذا الكيد ..وإن كان يبدو من بعيد، وهو أن كيان العدوان بدأ بعد طوفان الأقصى يحطم بنفسه جدران الأمان التي شيدتها لحمايته العلمانية العربية، حيث تبدو مقدمات تهاوى الجدر في بقاع الشام الواحدة تلو الأخرى من جراء تداعيات الطوفان الواقعة والمتوقعة، وسيزداد الهوان في كيان العدوان باتساع دوائر الخلاف والشقاق بين قادتهم السياسيين والعسكريين والأمنيين، وهو ما يظنه البعض وهميا ونراه حقيقيا، فحقا{ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ}.. ولأجل هذا وذاك؛ فعاجلا أو آجلا ستشتعل المشاحنات العدائية فيما بينهم، وتعود المعركة إلى حقيقتها على بين أمتنا وعصاباتهم، برفع جند الرحمن رايات القرآن لقهر جند الشيطان.
ومهما كانت المشاهد في بقاع الشام اليوم محزنة ومؤلمة، فإن مجد الإسلام ستسطع شمسه من هناك وفق نصوص الوحي المسلمة، ومنها قول النبي صلى الله عليه وسلم: (عليكم بالشَّامِ، فإنَّها صفوةُ بلادِ اللهِ يُسكِنُها خيرتَه من خلقِه (…) فإنَّ اللهَ تكفَّل لي بالشَّامِ وأهلِه) [رواه أحمد وصححه الالباني في صحيح الترغيب ١٠٣/٤].
وستظل بلاد الشام – كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: “أرض المقدسات والبركات، وهي أرض المحشر والمنشر، والأرض التي حفظ الله بها الدين في الفتن الكبرى، وأبقى فيها الطائفة المنصورة إلى قيام الساعة”
فاللهم احفظ المرابطين في أرجاء أرض المقدسات والبركات، ومد المجاهدين فيها بجنود الأرض والسماوات يا مجيب الدعوات.