حرب السعار الناري الجنوني التي لا تزال تشبها وتشنها القوى الصهيونية (توارتية وإنجيلية) على غزة الإباء والفداء منذ ما يقرب من عامين.. تلخص موقف ومسار أشرار الكفار ضد شعوب أمتنا الكبيرة كلها، لا ضد شعب غزة الصغيرة وحدها.. خاصة مع استمرار عجز الأمة أو تعاجزها أمام جبروت أعدائها الذين {لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً} [التوبة/١٠]..
وقد قال الله تعالى عن مجموع الكفرة الفجرة المحادين لهذا الدين: {إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُّبِينًا} [النساء /١٠١] وقال {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً ۖ} [النساء/٨٩] وقال {مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ} [النساء/١٠٥].
ولكل هذا حكم القرآن بأن شر الناس للناس هم هؤلاء ومن يسير على نهجهم في العداء من طوائف الشرك على اختلاف صفوفه وأصنافه، حيث جاء في كتاب الله العزيز: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ أُولَٰئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ} [البينة/٦].
وصحيح أن أهل الكتاب {لَيْسُوا سَوَاءً} ۗ.. ولكن جماهير المسالمين منهم ليسوا أسعد حظا من المسلمين في غلبة الطغاة على أمرهم، ومصادرة الجبابرة لأصواتهم، التي نراها أحيانا في بلادهم، ولكنها تقمع ولا تسمع..
وإذا كانت الآيات المذكورة آنفْا تلخص قضية النفسية العدائية التي يضمرها أو يظهرها المعتدون من الكتابيين في حروبهم ضد المسلمين طوال قرون مضت وحتى اليوم؛ فإن حرب غزة تختصر بسعارها وسعيرها توجهات الحقد الأسود الذي لم يعد دفينا؛ وقد صار يتجسد في وقتنا الراهن بشخصين اثنين، وهما هذا الترامب المتكبر، وذاك النتن المتجبر، حيث أنهما وأشباههما يجسدان الهوية (الصهيوصليبية) ذات العداء الدنيء، دينيا ودنيويا..
والحقيقة التي لا ينبغي التغافل عنها؛ أن وراء كل طاغية من أمثال هؤلاء طوائف دينية مليونية من شياطين الإنس والجن؛ تؤزهم على الشر أزّا، وتدفعهم إليه دفعا، فوراء ترامب في عدائه القائم والقادم طوائف (الصهيونية المسيحية الإنجيلية) من البروتستانت العنصريين البيض، الذين شكلت قاعدتهم الانتخابية حوالي ٨٠ % من الأصوات التي جاءت به في انتخابات مدته الرئاسية السابقة(١٠١٦ – ٢٠٢٠) وهم قد مثلوا مجموع الأصوات التي رجحت كفته في انتخابات مدته الرئاسية الثانية(٢٠٢٥- ٢٠٢٩) ولذلك فهو يدين لهم رغم عدم تدينه، ويطمع في المزيد من ولائهم، حتى صار يطمح في وقوفهم وراء أحلام المهووسة بالزعامة العالمية إذا رشح نفسه لمدة ثالثة رئاسية!
والإنجيليون التدبيريون الذي جاءوا بترامب.. يدعمونه على قدر دعمه لكيان الطغيان الرابض في فلسطين، وذلك تطبيقا لمعتقداتهم الصهيونية المسيحانية التي من ثوابتها أن (إسرائيل القوية) تظل ركنا متينا في تحقيق النبوءات الدينية بالمجيء الثاني لمسيحهم المزعوم، الذي سيهتدي اليهود هذه المرة على يديه -كما يزعمون- وهم يرون أن ترامب المتماهي بطائفته النصرانية مع نبوءات اليهود الخرافية؛ يمثل النموذج المعاصر لــ(قورش الإخميني) أو (ذي القرنين) الذي أعاد اليهود من السبي البابلي، وأعانهم لإعادة بناء هيكلهم الثاني!
و لذلك يظهر من مسارات الأخبار أن الطائفتين الصهيونيتين يسابقان الزمان اليوم لإعادة ذاك الهيكل الثالث بعد حرب إقليمية أو عالمية ثالثة، قد تقودهم أو يقدونها إلى مرحلة تاريخية جديدة، يمشطون بعدها المنطقة عسكريا، ثم يعيدون ترتيبها أو تقسيمها جغرافيا، ليس فقط لزيادة التمكين لليهود ولإعادتهم إلى قبلتهم التي كانوا عليها؛ ولكن أيضا للاستعداد لـ(حرب النهاية) أو (الهرمجدون) ضد محور الشر الشرقي، حيث تنين الصين الزاحف بكل عنفوان – اقتصاديا وتقنيا وعسكريا-، وبمعيته فتى الأحلام النووية بكوريا الشمالية، ومن ورائهما دببة روسيا القطبية الوحشية الجريحة من حرب أوكرانيا، وفرسان فارس المقموعة والمدفوعة رغم شعارات الثارات المهدوية الخرافية، التي ستدفعهم لمعركة فناء تذهب بأحلامهم الإمبراطورية، بل قد لا تبقي لهم حتى مسمى الجمهورية الفارسية!
ولكن.. أين أمة المسلمين أهل السنة من كل هذا؟ إلى أين يسيرون؟ وإلى أين يُسار بهم؟
ومتى وأين وكيف يعودون لربهم فيعود إليهم عزهم ومجدهم؟
للحديث في هذا شجون، فإلى بقية بإذن الله