انتهت -إلى حين- المواجهة بين قوى الشر الشرقية والغربية وذيولها، بنوع من التعادل المحسوب بينها.. فما حدث خلال حرب الأسبوعين؛ كان جولة في معركة.. أو معركة في حرب.. أو حربا زمنية وقتية، ضمن صراع مصيري مزمن، بين مشاريع معادية لنا ومتداعية علينا، وإلا.. فإن غالب أسباب صدام تلك المشروعات القادمة لا تزال قائمة..
لم ينتصر كيان العدوان، ولم تنهزم إيران، وإنما أنهك الله كلا منهما بالآخر إلى حين.. ولايزال كل منهما يتربص بالآخر.. أيهما يقتنص أكثر من فرائسنا.. ويحوز النصيب الأكبر من قصعتنا.. قبل أن يقدم تنين الصين فيطرد الفريقين..
فالتربص سيد الموقف، وكأن الأمريكان كانوا يختبرون مسرح الأحداث الصغرى، لأحداث قادمة كبرى!
ولأن الصراع سيمتد ويطول بين أجنحة الشر في المشروعات المعادية شرقية كانت أو وغربية؛ فلا ينبغي أن تظل مواقف أمة الإسلام تجاهها متمادية في السلبية، فذاك الصراع بين الشركاء المتشاكسين عرفته أمتنا في الماضي، وعاشته أجيال منها في الحاضر، وستحيا أجيال معه في المستقبل غير البعيد، ولذا لا يليق بخير أمة أن تظل وحدها واقفة في موقع المتفرجين على عراك المعادين المتعادين على أرضها، طمعا في إذلالها واستغلال خيراتها..
لابد أن تكون أمتنا طرفا في إدارة صراع المشاريع حولها.. بمشروع يخصها وحدها، ضد خصومها الذين يخصونها بخطط عداء قريبة ومتوسطة وبعيدة، تستهدف هويتها وعقيدتها وشريعتها وحضارتها وأصل وجودها..
وإن تكتل الأعداء رغم عداوتهم لنا.. ليستدعي ويستوجب -وفق الشرع والعقل- أن نصحح وجهتنا المنهجية، ونوحد مرجعيتنا العلمية، ونرتب صفوفنا وفق فقه الوفاق الذي كاد غيابه يغيبنا عن النظر في حاضرنا ومستقبل أجيالنا..
والله تعالى يقول: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} (الأنفال/٧٣)
إن هذا لهو جوهر الصراع القادم تجاههنا من المشاريع المتصارعة حولنا، حيث إننا -أهل السنة – وحدنا دون غيرنا؛ لا مشروع لنا جامع منذ إسقاط كياننا الجامع، قبل مائة عام!
وحول هذا المشروع المرجو.. سيكون لنا لقاء تلو لقاء.. ان شاء الله..
فإلى لقاء آخر.. بإذن الله.