هناك سؤال لابد من المصارحة والمطارحة حوله، وهو:
لماذا ننفرد -نحن المسلمين من أهل السُنة- الممثلين للغالبية العظمى من الأمة بأننا وحدنا لا مشروعّ لنا، يسير بنا نحو النهوض والصعود بمنهاج النبوة الذي لن يعود المجد إلا به، ولا النصر والعز إلا عن طريقه؟ وعلى أن يكون هذا المشروع عامًا وعالميًا وجامعًا؟
لم نصل بعد لمجرد الشروع في هذا المشروع، وكل ما هو موجود من مساعينا؛ إما جزئي، أو حزبي، أو قطري، أو رسمي.. وهذه كلها تمثل عقبات ومعرقلات تباعد طريق الوصول، وكثيرا ما تنتهي إلى الإخفاق والأفول..
ومع فقداننا – نحن المسلمين السُنة للمشروع الجامع الشامل؛ نرى أن شتات كيانات اليهود جمعهم مشروع خاص بهم وقائم على خرافاتهم الدينية في منطقتنا العربية، منذ مؤتمر تيودور هرتزل عام ١٨٩٧.
وهو لا يزال يعلو بهم علوًا كبيراً.
وكذلك طوائف النصارى المثلثين بمذاهبهم الثلاثة الشركية.. بدأت مشروعاتهم الصليبية للسيطرة على بلادنا الإسلامية منذ أكثر من مئتي عام، وتضاعف إفسادهم بعد إسقاط الخلافة العثمانية منذ مئة عام..
وقد صار لشيعة الفُرس أعداء السنة ومبغضي الصحابة مشروعات دجل طائفية، تتحرك كحية تسعى للالتفاف حول الشعوب السُنية منذ ما يقرب من خمسين عامًا، يريدون بها تحويل تلك الشعوب إلى النِحلة الشيعية، كما هو الحال في البلدان التي أغاروا عليها ليغيروا بنيتها وهويتها. كالعراق والشام واليمن.. مع سعي حثيث خبيث للنفاذ للقارة الإفريقية.. بعد اتخاذ تونس قاعدة انطلاق ومنصة إطلاق للشعارات الهادفة لاستعادة دولة الدجل والخرافة الفاطمية..
وحتى الهندوس عباد البقر الوثنيون؛ لم تعد تخفى خطورة مشروعاتهم الهمجية ضد المسلمين في القارة الهندية وأرجاء الجزيرة العربية؟!
وأما تنين الصين -كفى الله المسلمين شرَه وشرَهَه- فقد بدأ يزحف نحو المياه الدافئة.. لأهداف لن تكون مفاجِئة..
إن حاجة الأمة في عصرنا إلى مشروع جامع صريح وفق منهاج الاسلام الصحيح.. صار من أوجب واجبات الوقت، بعد أن أظهرت أحداث العقود القليلة الماضية أن أهل السنة -بقدر استمساكهم بالسنة- هم المستهدفون قبل غيرهم بصراع المشاريع حولهم، والدائر على أرضهم، والمتنافس على اغتنام ثرواتهم ومقدراتهم، والساعي إلى تدمير هويتهم ومسخ شخصيتهم..
وبالرغم من أن تلك المشاريع كلها تعمل ضدهم وتتحالف في مواجهتهم؛ فما زالوا يراوحون مكانهم دون مشروع جامع مواجِه، ينقذهم من الهوان والذوبان، مع أن الله تعالى أمرهم (جميعًا).. بأن يعتصموا بحبله (جميعا) فقال تبارك وتعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران/١٠٣]
إن واجب القيام بمشروع الوقت هذا؛ لابد أن يكون من الجميع.. وللجميع، ليشمل خاصة الأمة وعامتها، من علماء ومفكرين، ودعاة ومثقفين، وخبراء ومجربين، رجالًا ونساءً، من كل الكيانات والاتجاهات المندرجة تحت مسمى أهل السنة، بالمعنى الخاص والعام، كلّ في مجال تخصصه وعلى قدر جهده، دون تفردات شخصانية.. ولا نزعات حزبية.. ولا نزغات خلافية.. ولا قيود رسمية.. أو ولاءات قطرية.. فقد كفانا تفرقًا وتشرذمًا وتباعدًا عن أسباب النصر وسبل التمكين.. في الوقت الذي نرى فيه أعداءنا بجميع أصنافهم واختلاف مِلَلِهم ونِحَلهم؛ وتنوع مشاربهم ومشاريعهم.. لا يجمعهم -رغم عمق العداوة بينهم- إلا إرادة الشر بنا؛ والسعي لإبقائنا في ذيل الأمم.. برعاية عالمية من الأمم (المتحدة علينا)، ووصاية جبرية من الأنظمة العلمانية المتوارثة فينا..
فاللهم هيئ للمسلمين من أمرهم رشدًا، وأنزل السكينة عليهم ولا تجعل بأسهم بينهم، واجمع صفهم على عدوك وعدوهم..
وللحديث بقية بإذن الله