د. عبد العزيز كامل يكتب: نظرات في واقع الجماعات (٣)
نحو طرق ستة، لتجاوز العقبات الستة:
ابتداء.. ليس هناك «حل سحري» للتحديات والعقبات التي تواجه الكيانات الإسلامية في أزماتها المزمنة، لكن لا بد من وضع أطر عامة وخطوط عريضة قبل الشروع في تفاصيل أي مشروع للحل، الذي لا يمكن لشخص مهما كانت قدراته ولا لكيان مهما كانت إمكاناته أن يدعي معرفة تامة بسبل الوصول لتلك لحلول .
ومع ذلك فلا مفر من حوارات وسجالات تتجاوز النقاشات المغلقة في أطرها الضيقة، ولا بأس أيضا من تقديم اجتهادات ومبادرات قد تضيف معطيات جديدة، من شأنها أن تفتح أبوابا كانت مؤصدة مسدودة ، خاصة عندما تتشارك بشأنها الآراء وتتلاقح فيها العقول .
وعند التأمل في آمال الخروج من أنفاق الاستضعاف والافتراق الستة؛ سنجد أن تجاوز كل واحدة منها يستدعي عودة في عكس الطريق المسلوك، فالجهل لا يعالج إلا بالعلم، الاختلاف لا يرفعه إلا السعي للائتلاف، والفرقة لا تزول إلا بالاجتماع والاعتصام, وهكذا..
وهناك ستة طرق وسبل لابد أن يحسم العاملون لنصرة الدين خيارهم لعبورها، ولو تجشموا الصعاب في تجاوزها..
وهي على الأوجه التالية:
السبيل الأول:
وهو المتعلق بمشكلة الاختلافات الفكرية والمنهجية بين التيارات والجماعات.
وتتمثل إحدى أهم الحلول بشأنها في بذل سعي جماعي جاد من العلماء الأحرار وطلاب العلم الكبار ذوي الاستقامة المنهجية والسلوكية؛ لأجل تقريب وتقليل تلك الخلافات، من خلال صيغة عملية لتقديم أجوبة مجردة ومحايدة لأبرز المسائل والتساؤلات المتعلقة بتلك الخلافات، خاصة وأن أكثرها تتوارثه الأجيال وتضيع فيه الجهود والأعمار.
وأمثلة تلك الخلافات كثيرة ومشهورة عند المهتمين بأمر المسلمين.
والشروع في ذلك الحل مشروع قائم بذاته، يحتاج إلى جهود إضافية من المؤسسات والهيئات العلمية المستقلة -وهي موجودة ومتوافرة بحمد الله- ولكن ربما تشغلها أو بعضها الجزيئات والفرعيات عن مظان الأخطار من القضايا الكبار .
والمطلوب رصد أهم مسائل الخلافات لوضع إجابات ومقاربات شافية بشأنها، ولو جمعت تلك الإجابات بصورة مؤصلة ومفصلة من جهة أو جهات علمية مأمونة ومضمونة، ثم اختصرت وجرى تعميمها؛ فستنشئ بإذن الله وسطا وسطيا، بعيدا عن الغلو أو التفريط.
وفي كل الأحوال فإن الله تعالي كلف غير العالمين بسؤال العلماء العاملين عند كل خلاف علمي ينبني عليه اختلاف عملي، فقال سبحانه: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (النحل/ ٤٣).
قال الشيخ السعدي في تفسيرها: «وعموم هذه الآية فيها مدح أهل العلم، وأن أعلى أنواعه العلم بكتاب الله المنزل، فإن الله أمر من لا يعلم بالرجوع إليهم في جميع الحوادث».
وللحديث بقية، بإذن الله