د. عبد العزيز كامل يكتب: وعد ترامب.. ووعيد الرب!

د. عبد العزيز كامل.. ‏دكتوراة في أصول الدين‏ في ‏جامعة الأزهر

هل هناك ما يربط بين الهلاك المنتظر لإمبراطورية الشر -رعاة البقر- وبين إسرافهم في الاستهانة بحقوق البشر؟

نعم؛ فكم تسبب هؤلاء في تشريد الملايين من المسلمين وتشتيت شملهم خارج ديارهم، وآخر ذلك ما سمي بـ(وعد ترامب) بتنفيذ المخطط القديم بتهجير المستضعفين الباقين من أهل فلسطين في غزة والقطاع، ليسكن فيها الأغيار الأشرار من عصابات الأمة الملعونة..

إن ذلك التهجير يستوجب جريان سنة قدرية إلهية، تقضي بإهلاك مخرجي المؤمنين من ديارهم؛ بإخراجهم هم وخراب بيوتهم، وقد رأى الأمريكان مؤخرا في ذلك آية ونذيرا، خلال حرائق (لوس أنجلوس) ولكن لا تغني الآيات والنذر عن قوم لا يعقلون..

أما عن هذه السنة الإلهية؛ فقد قال الملك الحق سبحانه: {وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمۡ لَنُخۡرِجَنَّكُم مِّنۡ أَرۡضِنَآ أَوۡ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَاۖ فَأَوۡحَىٰٓ إِلَيۡهِمۡ رَبُّهُمۡ لَنُهۡلِكَنَّ ٱلظَّٰلِمِينَ} [إبراهيم/ ١٣].

قال الفخر الرازي- رحمه الله – في تفسير هذه الآية: «الكفار بالغوا في السفاهة وقالوا: (لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا) والمعنى: ليكونن أحد الأمرين لا محالة: إما إخراجكم وإما عودكم إلى ملتنا، والسبب فيه أن أهل الحق في كل زمان يكونون قليلين، وأهل الباطل يكونون كثيرين، والظلمة والفسقة يكونون متعاونين متعاضدين، فلهذه الأسباب قدروا على هذه السفاهة.. ولعل الخطاب وإن كان في الظاهر مع الرسل إلا أن المقصود بهذا الخطاب أتباعهم وأصحابهم»

ولأن وعيد الله بإهلاك الظالمين المتآمرين على إخراج المستضعفين تجري به السنن الربانية؛ فقد أقسم الله عليه لتلتفت الأنظار إليه: {فَأَوۡحَىٰٓ إِلَيۡهِمۡ رَبُّهُمۡ لَنُهۡلِكَنَّ ٱلظَّٰلِمِينَ}.. ثم أتبع هذا الوعيد الدنيوي للظالمين بوعد للمستضعفين بأن يحدث عكس ما يريد الظالمون، فبدلا من أن يعدم المستضعفون أرضهم.. يورثهم الله أرض الظالمين ويمن عليهم لإيمانهم بالنصر العظيم، كما قال سبحانه: {وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِن بَعْدِهِمْ ۚ ذَٰلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ (١٤)}

قال الطبري: «وعدهم الله النصرَ في الدنيا، والجنَّةَ في الآخرة»

وهذا الوعد جرت به سنة الله في أيام كثيرة من أيام الله، حيث حكى القرآن قصة ذلك عن المؤمنين الأوائل من قوم موسى مع أعدائهم: {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا ۖ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَىٰ عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا ۖ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ} [الأعراف/ ٧١٣].

 وحكاه الكتاب المبين عن المؤمنين الأوائل من هذه الأمة، فبعد إخراجهم وتهجيرهم، أخرج الله أعداءهم من ديارهم وقال لهم: {وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَّمْ تَطَئُوهَا ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا} [الأحزاب/٢٧].

إن ذات الأقدار تجري على كل الكفار المتآمرين على المؤمنين إلى يوم الدين، ففي الأثر عن ثوبان رضي الله عنه: (.. مَا مِنْ جَارٍ يَظْلِمُ جَارَهُ وَيَقْهَرُهُ، حَتَّى يَحْمِلَهُ ذَلِكَ عَلَى أَنْ يَخْرُجَ مِنْ مَنْزِلِهِ، إِلَّا هَلَكَ). (رواه البخاري في الأدب المفرد).

وكل هذا في وعد الدنيا ووعيدها، أما عن وعيد الآخرة للمستكبرين الجبابرة، فلنسمع بقلوبنا بقية الآيات وما فيهامن الوعيد بأشنع العقوبات..

{وَٱسۡتَفۡتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٖ (15)}..

{مِّن وَرَآئِهِۦ جَهَنَّمُ وَيُسۡقَىٰ مِن مَّآءٖ صَدِيدٖ (16)}..

{يَتَجَرَّعُهُۥ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُۥ وَيَأۡتِيهِ ٱلۡمَوۡتُ مِن كُلِّ مَكَانٖ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٖۖ وَمِن وَرَآئِهِۦ عَذَابٌ غَلِيظٞ (17)}.

فلتكن من دعواتنا في صلواتنا بأن تكون محنة فلسطين وغيرها.. بوابة هلاك لأكابر المجرمين في أمريكا وأشياعها؛ وفاتحة تمكين للمسلمين المستضعفين في الأرض كلها.

د. عبد العزيز كامل

‏دكتوراة في أصول الدين‏ في ‏جامعة الأزهر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights