أقلام حرة

د. عبد الغنى الغريب يكتب: شبابنا والبنطلون الممزق

لَبِسَ الشاب البنطلون الجديد الممزق والمقطع إلى أشلاء فوق ركبتيه، وفي الطريق صادفته جارته وقالت له: ما هذا الذي تلبسه يا بني؟ هذا بنطلون قد عفا عليه الزمن، ولم يعد صالحاً للبس من كثرة ما فيه من ترقيع.

ضحك صاحبنا من نية العجوز وبراءتها وقال لها: إنها الموضة يا طنط، إنت مش عايشة والله، فُوقِى مما أنت فيه.

وأنا أقول: ووالله إنه التمزق والخلاعة والميوعة والانحلال، شباب لبسوا السلاسل والذهب، وضعوا على وجوههم الكريمات والمساحيق، وصنعوا بوجوههم ما تصنعه المرأة بنفسها. وظهر سوسو وميمى وميدو، وتوتو، وزيزو، وتناسى الجميع تحت ضغط الاختلاط قول الرسول صلى الله عليه وسلم: لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال.

وحين غابَ دورُ الرقيبِ، وتهدَّمَت قاعدةُ: الدفع أهونُ من الرفعِ؛ تسلَّلت إلى مُجتمعاتنا قُدواتٌ في مُنتهى السوءِ والسقوط، وأمثِلةٌ غايةٌ في الرذالة والانحِطاط والخِسَّةِ والدَّناءَة.

وحين توارَى دورُ الوليِّ الصالح، وضعُف تأثيرُ المُربِّي الناصِح؛ ظهرَت بين شبابنا وفتياتنا سُلوكياتٌ شاذَّة، ومظاهرُ مقيتة، وتصرُّفاتٌ غريبة لم تكن معهودةً ولا موجودةً (حادثة نيرة أشرف بنت المنصورة، وسلمى بنت الزقازيق خير شاهد).

وحين ظهرَت بعض المُترجِّلاتُ من النساء، والمُخنِثين من الرجال في أسواقِ المُسلمين وميادينهم ضاعت كثير من القيم.

بعض شبابنا أُصيبَ بداءِ التأنُّثِ والتخنُّثِ، والتحلِّي، والتميُّعِ، والتعطُّفِ، والتسكُّعِ في الشوارع، والتمايُلِ في مجامعِ النساء. تراه يضعُ (الحلق) في أذنه، والسلسلة في صدره، يُلمِّعُ شفَتَه، ويُلوِّنُ بشرَته، ويُحمِّرُ وجهَه، ويلبسُ ملابِسَ النساء، ويرتدي بنطلونا أخذَت من الأسماء أخسَّها وأخبثَها، وأدلَّها عليها، تحسُر عن عورته، وتكشِفُ عن سوءته.

أقول للأب والأم والمدرس والمربى والموجه والشيخ كلٌّ في جهته، وكلٌّ على قدرِ مرتبته وصلاحيته، خُذوا بأيدي شبابنا وفتياتنا إلى طريق الله ورسوله، وإلى طريق مكارِم الأخلاق، وامنَعوا ضياعَهم، وحاذِروا سُقوطَهم في بئر الفاحِشةِ والرذِيلةِ، والجريمةِ والبلاءِ العظيمِ، والشرِّ المُستطيرِ. (ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين). اللهم ردنا إليك ردا جميلا يا رب العالمين ويا أكرم الأكرمين.

د. عبد الغنى الغريب

رئيس قسم العقيدة بجامعة الأزهر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى