د. عبد الكريم بكار يكتب: غواية قارون
حدثنا الله تعالى عن قارون حيث قال: (فخرج على قومه في زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا ياليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم).
إن نموذج قارون ينتشر اليوم على وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مذهل، هذا النموذج يريد أن يرسل رسالة للناس، كل الناس بالتفوق والحظوة، إن أتباع قارون يريدون التعبير عما ينعمون به من أشياء تجعلهم مختلفين عن باقي عباد الله تعالى: الكرم والغنى والقوة والجمال والذكاء…
هؤلاء الذين يمضون على خطى قارون قد تجاوزوه بمراحل، حيث صار كثير منهم في سبيل إظهار تميزهم يزوّرون الحقائق، ويكشفون عن خصوصياتهم لمن هب ودب، إنهم متميزون حسب الظاهر لكنهم يعانون من فراغ داخلي رهيب، إنهم يستجدون الثناء والإعجاب حتى يقنعوا أنفسهم بالتميز والتفوق على غيرهم، لكنهم في خلواتهم يعانون من شعور قاتل بالفراغ والتفاهة، وهم مصابون بما أسميه (اكتئاب المشاهير)، وفي هؤلاء قال صلى الله عليه وسلم (المتشبع بما لم يعطَ كلابس ثوبي زور).
هذا النمط من الناس همّه في كل ما يفعل هو التصوير، ونشر ما صوّره بقطع النظر عن المعنى والمضمون والسياق والغاية.
إن ما يفعلونه باختصار هو لون من عبادة الذات عوضاً عن التعلم الحقيقي، والارتقاء الشخصي، وفعل الخير، ونفع العباد.
آن الأوان لوقفة مراجعة من أجل العودة إلى الجوهر والمعنى والحقيقة، والخلاص من النفاق والزيف والتجمل المزور.
المؤمن يستر حسناته خشية الرياء، ويعمل على تألق روحه وغنى نفسه؛ واتجاهه معاكس لاتجاه مدرسة الشقي قارون.