الأحد أكتوبر 6, 2024
مقالات

د. علي الصلابي يكتب: أنبياء بني إسرائيل في عقيدة المسلمين

مشاركة:

نحن نؤمن بأنبياء بني إسرائيل الذين أخبرنا الله سبحانه وتعالى عنهم، ونحبهم ونصلي عليهم ونقتدي بهم، وننزّههم عن كل نقص وظلم وتشويه، لا فرق عندنا بين أنبياء العرب مثل: هود، وصالح، وشعيب، (عليهم السلام) -كما في الحديث الصحيح- وأنبياء بني إسرائيل مثل:

يعقوب، ويوسف، وموسى، وهارون، وداوود وسليمان، وزكريا، ويحيى، وعيسى (عليهم الصلاة والسلام). ونعتقد أننا أولى بهؤلاء الأنبياء من بني إسرائيل كما علّمنا رسولُ الله ﷺ.

روى مسلم بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بيْنَما يَهُودِيٌّ يَعْرِضُ سِلْعَةً له أُعْطِيَ بهَا شيئًا، كَرِهَهُ أَوْ لَمْ يَرْضَهُ، قالَ: لَا، وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى (عليه السلام) علَى البَشَرِ، قالَ: فَسَمِعَهُ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ فَلَطَمَ وَجْهَهُ، قالَ: تَقُولُ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى (عليه السلام) علَى البَشَرِ وَرَسولُ اللهِ ﷺ بيْنَ أَظْهُرِنَا؟! قالَ: فَذَهَبَ اليَهُودِيُّ إلى رَسولِ اللهِ ﷺ، فَقالَ: يا أَبَا القَاسِمِ، إنَّ لي ذِمَّةً وَعَهْدًا، وَقالَ: فُلَانٌ لَطَمَ وَجْهِي، فَقالَ رَسولُ اللهِ ﷺ: «لِمَ لَطَمْتَ وَجْهَهُ؟» قالَ: قالَ يا رَسولَ اللهِ: [هو قالَ] وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى (عليه السلام) علَى البَشَرِ، وَأَنْتَ بيْنَ أَظْهُرِنَا! قالَ: فَغَضِبَ رَسولُ اللهِ ﷺ حتَّى عُرِفَ الغَضَبُ في وَجْهِهِ، ثُمَّ قالَ: «لا تُفَضِّلُوا بيْنَ أَنْبِيَاءِ اللهِ؛ فإنَّه يُنْفَخُ في الصُّورِ، فَيَصْعَقُ مَن في السَّمَوَاتِ وَمَن في الأرْضِ إلَّا مَن شَاءَ اللَّهُ»، قالَ: «ثُمَّ يُنْفَخُ فيه أُخْرَى، فأكُونُ أَوَّلَ مَن بُعِثَ أَوْ في أَوَّلِ مَن بُعِثَ فَإِذَا مُوسَى (عليه السلام) آخِذٌ بالعَرْشِ، فلا أَدْرِي أَحُوسِبَ بصَعْقَتِهِ يَومَ الطُّورِ، أَوْ بُعِثَ قَبْلِي، وَلَا أَقُولُ: إنَّ أَحَدًا أَفْضَلُ مِن يُونُسَ بنِ مَتَّى (عليه السلام)».

وروى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قَدِمَ النَّبيُّ ﷺ المَدِينَةَ فَرَأَى اليَهُودَ تَصُومُ يَومَ عاشُوراءَ، فَقالَ: «مَا هَذَا؟» قالوا: هذا يَوْمٌ صَالِحٌ؛ هذا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إسْرَائِيلَ مِن عَدُوِّهِمْ، فَصَامَهُ مُوسَى. قالَ: «فأنَا أحَقُّ بمُوسَى مِنكُمْ»، فَصَامَهُ، وأَمَرَ بصِيَامِهِ.

نحن أولى بموسى منهم: شعار دائم وقاعدة عامة يعتقدها المسلمون دائماً، ويعتبرون أنفسهم أولى بأنبياء بني إسرائيل من اليهود أنفسهم، ونعتقد أن كل من أنكر نبوة أحد هؤلاء فقد كفر، وكل من أبغضه أو انتقصه وذمّه فقد كفر. والله عز وجل يقول: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (150) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (151) وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ  وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (152)﴾ [النساء: 150 – 152].

وإن صراعنا اليوم مع اليهود (الصهاينة)، الذين يَدَّعون الانتساب إلى أنبياء بني إسرائيل (عليهم السلام) مخالفين منهجَهم ومعتقداتِهم وقيمهم الروحية والإنسانية، التي حُرفت مع مرور الزمن. وإن المسلمين هم أولى بأنبياء الله تعالى من حيث دقةُ الاتّباع، وهم السائرون على ملّة إبراهيم والأنبياء الذين من ذريته جميعاً (إسماعيل، وإسحاق، ويعقوب، وإلياس، واليسع، ويونس، وداود، وسليمان، ويحيى، وزكريا، وأيوب، وذو الكفل، وموسى، وهارون، وعيسى، ومحمد (عليهم الصلاة والسلام) وغيرهم. قال الحق تبارك وتعالى: ﴿إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [آل عمران: 68].

المراجع:

– علي محمد محمد الصلابي، الأنبياء الملوك، الطبعة الأولى، دار ابن كثير، 2023، ص 27-30.

– علي محمد محمد الصلابي، موسى كليم الله عدو المستكبرين وقائد المستضعفين، دار ابن كثير، ط1، 2021م، ص 57.

Please follow and like us:
د. علي الصلابي
مؤرخ وفقيه ومفكر سياسي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *