أقلام حرة

د. علي محمد عودة يكتب: بين بايدن وفردريك بربروسًّا

بعض أوجه تشابه بين الأثنين.

    فردريك بربروسّا امبراطور الماني صليبي متعصب منذ أيام شبابه، فقد شارك سنة ٥٤١ هجرية في الحملة الصليبية الثانية التي قادها عمه الامبراطور كونراد الثالث امبراطور المانيا ولويس السابع ملك فرنسا.

وكان عدد الجيش الألماني نحو مئة ألف مقاتل، وقد عبر مضيق البوسفور إلى آسيا الصغرى، قبل وصول الجيش الفرنسي، حيث كانت تحكم فيها سلطنة سلاجقة الروم، وكان سلطان تلك الدولة المسلمة هو مسعود الأول، الذي استفاد من خطأ تجربة والده قلج أرسلان الأول الذي واجه الصليبيين المتفوقين عليه بأضعاف كثيرة في ميدان مكشوف، فنصب السلطان مسعود كمين محكم للجيش الألماني في ذات المكان الذي أنهزم فيه والده قبل خمسين سنة أمام الحملة الصليبية الاولى، وانقض على الجيش الألماني بهجوم صاعق مباغت، وأباد تسعة أعشار الجيش الألماني، حسب المصادر الغربية وهرب كونراد ومعه ابن اخيه فردريك بربروسّا في فلول قليلة إلى القسطنطينية.

وجو بايدن صهيوني متعصب، أفصح عن صهيونيته منذ أن أصبح عضواً في الكونجرس الأمريكي، وكان من أشهر الداعمين للكيان الصهيوني والدفاع عنه وتزويده بكل الاسلحة الفتاكة وسن التشريعات التي تخدم الكيان الصهيوني.. وظل على تلك الحالة طوال عضويته الطويلة في الكونجرس الأمريكي، وكذلك وهو نائب للرئيس الأسبق أوباما.

وبعد ان أصبح فردريك شيخاً هرِماً نال عرش المانيا (التي كانوا يطلقون عليها اسم الامبراطورية الرومانية المقدسة، وهي ليست رومانية بل جرمانية، وليست مقدسة).

ولما سمع العجوز الهرٍم فردريك بربروسّا بمعركة حطين سنة ٥٨٣ هجرية واسترداد صلاح الدين للقدس وكل فلسطين استشاط غضباً واستجاب لدعوة البابوية بشن حملة صليبية ضد صلاح الدين لاغتصاب القدس مرة اخرى. فنهض بربروسّا بجيش بالغ الضخامة اشترك فيه كل أمراء الإقطاع الألمان. وقد ذكر المؤرخ الألماني أرنولد لوبيك، المرافق للحملة، أنه عند عبور الجيش الألماني لنهر الساف في المانيا جرى إحصاء لعدد الجيش الألماني فكانوا أكثر من خمسين ألف فارس وأكثر من مئة ألف راجل. أي أنه أكثر من جيش صلاح الدين بأربعة أضعاف.

وأرسل رسالة متغطرسة إلى صلاح الدين يأمره بإعادة كل ما استرده من الصليبيين من بلاد وعلى رأسها القدس، وان يُعيد الصليب المقدس (صليب الصلبوت، وهو خشبة مغلفة بالذهب يزعم النصارى أنها الخشبة التي صلب اليهود عليها المسيح «رب النصارى») وقد غنمه المسلمون في معركة حطين، وحذُر بربروسّا صلاح الدين بأنه لن يحاربه في الشام فقط بل وفي عمق مصر.

وكان صلاح الدين قد نجح في استمالة امبراطور الروم اسحاق انجيلوس وتحالف معه ضد الالمان، وأرسل إليه هدايا قيِّمة من غنائم حطين، وضمنها كميات كبيرة من الحبوب السامة، وجرة من الفضة مملؤة بخمر مسموم، وكّلف مخابراته بدس السموم في المؤن والخمور التي باعها الروم للجيش الألماني وهو في طريقه الى الشام عبر بلاد الروم.

واصابت الامراض المهلكة الجيش الألماني، وهلك معظم الألمان كما مات فردريك بربروسّا في شمال الشام – غرِقَ في أحد أنهار قيليقة – وتمزق جيشه شر ممزق ولم يصل منه الى عكا سوى ثلاثة ألاف فقط مات أكثرهم عند أسوار عكا.

أما جو بايدن فقد وصل إلى رئاسة امريكا بعد ان هرِم وطعن في السن وبدأ عليه الخرف. وقد سارع بايدن بتأييد الكيان الصهيوني في حربه الوحشية على غزة وتبنى روايته عن سبب الحرب وردّدها أمام العالم علناً، وأرسل شحنات هائلة من الأسلحة والذخائر الفتاكة للكيان الصهيوني وارسل حاملات الطائرات والأساطيل البحرية وطائرات التجسس لدعم الكيان الصهيوني، كما أرسل القادة والجنود والخبراء العسكريين لتقديم المشورة والنصيحة للعدو الصهيوني، وارسل وزير خارجيته ومبعوثيه إلى المنطقة لشد ازر الكيان الصهيوني وتدعيم موقفه.

وعسى الله يُلْحِق بايدن بفردريك بربروسّا قبل أن تتحقق اهدافه وأهداف الكيان الصهيوني.

د. علي محمد عودة

أستاذ متخصص في تاريخ الحروب الصليبية، وتاريخ العدوان الفكري الغربي على الإسلام

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى