د. علي محمد عودة يكتب: روبرت أوف كيتون
تعود جذور الحقد الإنجليزي والأمريكي على الإسلام الى أول من ترجم القرآن ترجمة خاطئة مغرضة محرفة، وهو الإنجليزي روبرت أوف كيتون سنة 537 هجرية. وكان الإنجليزي روبرت اوف كيتون يشتغل بترجمة علوم المسلمين في الهندسة والفلك والرياضيات في الاندلس الى اللغة اللاتينية ويعرف بلقب المهندس وفي سنة 536 ذهب بطرس رئيس دير كلوني الى شمال الاندلس لزيارة الاديرة الكلونية وعرف الرسالة المنسوبة للكندي التي تشوه صورة الإسلام الى أبعد حد وكان بطرس الكلوني يعتقد – زورا وبهتانا – ان الإسلام هرطقة كبرى تهدد النصرانية فأراد أن يفند الإسلام فقرر ترجمة رسالة الكندي الى اللاتينية.
وقرر بطرس الكلوني ان يترجم معها خمسة كتب. أحدها القرآن الكريم. واستأجر لذلك خمسة مترجمين أحدهم الإنجليزي روبرت أوف كيتون الذي شوه بترجمته المغرضة معاني القران. فقد قام روبرت اوف كيتون بترجمة محرفة خاطئة لمعاني القرآن الكريم كان لها تأثير سيء في صياغة العقيدة الغربية الحاقدة تجاه الإسلام ونبيه عليه الصلاة والسلام.
ويتضح تعمد روبرت الإنجليزي تشويه معاني القران في المقدمة التي كتبها لترجمته حيث قال فيها: تمهيد عن الخرافة الإسلامية المسماة بالقران).
كما وصف روبرت الإسلام بـ (الهرطقة الكبرى التي ظلت تصعد الى حد مفرط جدا لمدة خمسمائة وسبع وثلاثين سنة، لأنها مهلكة وضارة). كذب عدو الله فقد بغى وطغى. كما قال: (ان الزهرة من تلك العقيدة المتعصبة الفاسدة مجرد غطاء فوق عقرب تحول دون ان تلفت الانتباه اليه، وتحطم بالخداع قانون الدين المسيحي).
ثم يقول روبرت مخاطبا بطرس الكلوني صاحب مشروع الترجمة (لذلك قمت بالعمل معك لما علمت أنك تتوق الى ردم المستنقع غير الخصب للعقيدة الإسلامية).
وخاطب بطرس أيضا فقال:(انا احضرت الخشب ومواد العمارة اللازمة لعمارتك الجميلة…انا كشفت الغطاء عن دخان محمد الذي يجب ان يخمد بمنفاخك). ان يقولون الا كذبا. وقام روبرت في ترجمته بإعادة ترتيب سور القران والاختصار والتشويه المتعمد والحذف والاضافة وإضفاء الطابع اللاتيني على المعاني واصبحت بشعة جداً.
ومن أمثلة الفساد التي اقترفها في الترجمة: أنه أعطى معنىً غامضاً لعبارة:(يا اهل الكتاب) في القرآن الكريم وجعله يبدو وكأنه موجه إلى المسلمين.
كما أضفي على الآيات المتعلقة بأحكام الزواج والطلاق معاني جنسية داعرة بحيث تبدو للقارئ الغربي، لا سيما الرهبان، مثيرة للا اشمئزاز والنفور. مثل:(فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره). فجعلها: لا تحل له حتى يطأها رجل غيره.
ومثل (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنىّ شئتم). فجعل المعنى فأتوهن في ادبارهن!!!
والآية 220 من سورة البقرة المتعلقة باليتامى (وإن تخالطوهم فإخوانكم). جعل المعنى «تمارسون معهم اللواط!»
وصوّر النساء اللائي خرج عليهن يوسف وكأنهن وقعن في موجة من الهياج الجنسي!!!!
والأمثلة كثيرة لا يتسع المجال هنا للمزيد منها.
وهذه الترجمة التي قام بها روبرت أوف كيتون لحساب بطرس رئيس دير كلوني سنة 537 هجرية / 1143م. هي أول ترجمة عرفتها أوربا في تاريخها، وأحدثت تأثيراً واسعاً على الفهم الأوربي المشوه للإسلام حتى القرن الثامن عشر الميلادي. ولم نسمع البتة طوال تلك القرون أن أوربياً واحداً قد اعتنق الإسلام بعد قراءة تلك الترجمة المحرفة، بعكس الترجمات الحديثة التي قام بها مسلمون الى اللغات الأوربية، فلا يمكن إحصاء عدد من أسلم من الغربيين بعد قراءتها.
وقد قام عالمان سويسريان بطباعة ترجمة كيتون في بازل سنة 953 هجرية / 1543 م. وعن هذه الترجمة اللاتينية قام الإيطالي أريفابيني بترجمتها الى الإيطالية سنة 953 هجرية / 1547م. وعن هذه الترجمة الإيطالية قام سالمون أشفجر بترجمتها إلى الألمانية سنة 1025 هجرية / 1661م. وعن هذه الترجمة الألمانية ترجمت إلى الهولندية سنة 1051 هجرية / 1641م.
ومن هنا يتبين لنا الأثر السيء الذي تركته هذه الترجمة على صورة الإسلام في الغرب، إذ قامت عليها الكثير من دراسات المستشرقين عن الإسلام.