الأحد سبتمبر 8, 2024
مقالات

د. علي محمد عودة يكتب: يجب فهم حقائق التاريخ.. بدون مبالغة

يجب فهم حقائق التاريخ.. بدون مبالغة.. وهنا مثالين بارزين:

لقد بالغ الكثير من الناس في خيانة ابن العلقمي، وكأن خيانته هي السبب الوحيد -ولا شيء غيره- في سقوط بغداد بيد المغول سنة ٦٥٦ هجرية.

فبغداد كانت ستسقط حتماً سواء وُجِدَ الرافضي ابن العلقمي أو لم يوجد. ولو لم يوجد ابن العلقمي لما تأخر سقوط بغداد بيد المغول إلا أيام أو أسابيع قليلة.

فليس بمقدور خليفة لا يملك الا بغداد، ولا يملك الا جيشاً صغيراً الصمود امام جيش هولاكو الهائل الذي يزيد عن مئتي ألف.

حتى ولو كان وزير الخليفة وزير سني وفي كفاءة أبرز وزراء المسلمين في القرون الأولى.

 فليس بمقدوره انقاذ بغداد أو صد المغول في ذلك الظرف الذي كانت فيه بغداد.

كما أن انتصار المماليك بقيادة قطز على المغول في معركة عين جالوت سنة ٦٥٨ هجرية لم يكن على ذلك الجيش الهائل الذي قاده هولاكو وقاده بنفسه، وإنما كان الانتصار على فرقة صغيرة من ذلك الجيش، ذلك أن هولاكو بعد ان اقتحم حلب ونهبها وباع أهلها في أسواق الرقيق، أخذ يتأهب بجيشه الضخم للسير جنوباً في طريقه إلى مصر والمغرب، وفجاءة جاءه الخبر من منغوليا بوفاة أخيه الخان الأكبر منقوقاآن -وهذه من عناية الله تعالى بالمسلمين-،

فقرر هولاكو العودة بجيشه إلى منغوليا للمشاركة في إخماد الخلاف الذي أندلع بين أفراد بيت جنكيز خان، وترتيب البيت المغولي وانتخاب خان أكبر جديد من سلالة جنكيزخان، فتوسل إليه هيثوم ملك «مملكة أرمينية الصغرى» أن يُبْقي جزءاً من جيشه لمساعدة الارمن والفرنج ضد المسلمين،

فأبقى هولاكو عشرة ألآف فارس من جيشه بقيادة قائده كتبغا، وعاد بأكثرية الجيش الى منغوليا، وهذه الفرقة بقيادة كتبغا، ومعها القليل من الارمن والفرنج هي التي سحقها المماليك في عين جالوت حيث كان الجيش المسلم يقارب أربعين ألف مقاتل، أي نحو ثلاث أضعاف جيش كتبغا.

يجب أن نفهم حقائق التاريخ بدون مبالغة.

Please follow and like us:
د. علي محمد عودة
أستاذ متخصص في تاريخ الحروب الصليبية، وتاريخ العدوان الفكري الغربي على الإسلام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قناة جريدة الأمة على يوتيوب