قصف المفاعل الإيراني.. أربعة وأربعون عاما ما بين يونيو 1981م ويونيو 2025م
كان كل شيء يبدو طبيعيا في منطقة الشرق الأوسط صباح السابع من شهر يونيو (حزيران) من العام 1981م، باستثناء اخبار المعارك الطاحنة التي كانت تدور بين العراق وإيران والتي كانت اخبارها تأتي تباعا من الضفة الشرقية للخليج العربي. غير ان مساء ذاك اليوم لم يكن كصباحه. فقد شنت ثمان طائرات حربية إسرائيلية من طراز اف16،
رافقتها ست مقاتلات من طراز اف 15 لتأمين التغطية الجوية، شنت غارت مفاجئة استهدفت (المفاعل النووي العراقي) الذي كان قيد الانشاء بمساعدة (فرنسا) ويبعد عن بغداد حوالي 17 كيلو متر،
ومع مغيب شمس يوم السابع من يونيو 1981م تم تدمير مفاعل تموز العراقي، وقد اُطلق حينها على هذه العملية اسم عملية (أوبرا) وعُرفت كذلك باسم عملية (بابل).
لاقت إسرائيل بعد هذه العملية ادانة دولية واسعة، واجتمع مجلس الامن وادان كل أعضائه هذه العملية، بما فيها أمريكا التي صوتت لصالح قرار الإدانة، الا انها عارضت فرض أي عقوبات على إسرائيل.
رئيس وزراء الكيان حينها (مناحيم بيغن) أعلن صراحة أن الهجمة ليست حالة شاذة، وإنما (سابقة لكل حكومة مقبلة في إسرائيل). وان هذه العملية ستساعد على ترسيخ الامن والاستقرار في المنطقة، ووصف صدام حسين بالديكتاتور الذي لا يجب ان يمتلك مثل هذه السلاح،
الحكومة العراقية اتهمت طهران التي كانت في حرب معها، بانها قدمت لإسرائيل معلومات خطيرة عن المفاعل النووي العراقي، وايدت ذلك الاتهام بعض الصحف الغربية الشهيرة، بينما نفت طهران ذلك الاتهام، وان كان الاعلام الإيراني لم يخفي سعادته بتدمير المفاعل النووي العراقي، الجدير بالذكر ان ايران نفسها وقبل عام من هذه العملية، كانت قد حاولت تدمير المفاعل العراقي من خلال عملية فاشلة اطلقت عليها (عملية السيف المحروق)، نتج عنها إصابة المفاعل بأضرار طفيفة، وأصلح فنيون فرنسيون بعد ذلك تلك الاضرار.. دار الزمان دورته، وأعاد التاريخ دروسه، فبعد أربعة وأربعين عاما على تلك العملية تم قصف المنشآت النووية الإيرانية في نفس شهر (يونيو) ولكن من العام 2025م وتحت نفس المبرر، علما ان بداية المفاعل النووي الإيراني كان نتيجة تعاون امريكي مع شاه إيران السابق.
شهر يونيو في التاريخ الإسرائيلي
1- في شهر يونيو من العام 1967م، قامت إسرائيل بمهاجمة مصر فيما عرف بحرب (حزيران) فاستولت على شبه جزيرة سيناء، وعلى الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية والمسجد الأقصى، وقطاع غزة، كما استولت على مرتفعات الجولان السورية،
2- شهر يونيو من العام 1981م قامت إسرائيل بقصف المفاعل النووي العراقي.
3- شهر يونيو من العام 1982م قامت إسرائيل باجتياح لبنان والوصول الى العاصمة بيروت.
4- شهر يونيو من العام 2025م قامت إسرائيل بالاعتداء على ايران. وبالتعاون مع أمريكا تم قصف المنشآت النووية الإيرانية.
لا ادري هل يوجد في تراثهم الديني ما يشير الى هذا الشهر؟
على العموم (إسرائيل) إذا اقتضى الامر من وجهة نظرها. لا تفرق في عدوانها بين شيعي وسني ولا بين عربي وعجمي، فقط عندها أولويات.
لولا الدعم والحماية الامريكية ما حققت (إسرائيل) أي نجاح، وها هي منذ ما يقرب من عامين بسلاحها الجوي والبري والبحري واسلحتها الفتاكة والدعم الغربي لها واستخباراتها التي تخوف العالم بها، غارقة في قطعة ارض مساحتها تزيد قليلا عن ثلاثمائة كيلومتر مربع (قطاع غزة)، ورغم كل الخراب والدمار والقتل والتشريد هناك لم تستطيع الوصول الى اسراها، فهناك رجال مسلحين بالعقيدة، يحبون الموت كما يحب خصومهم الحياة، لا جواسيس بينهم ولا عملا، وكل ما قال خصومهم من العرب والعجم انهم قد انتهوا! قالوا لهم نحن هنا. انهم احفاد (أبو بكر وعمر وعثمان وعلي)..
العربدة الامريكية في هذا الكوكب لن تستمر، فسنن الله تقول ذلك، وسوف يهيئ الله الأسباب للتدافع.
العالم العربي شعاره (ما بدا بدينا عليه) فلا تخطيط ولا دراسة ولا اعداد للمستقبل، فكل التخطيط والدراسة محصورة في كيفية محافظة الحاكم على كرسي الحكم، و باي ثمن ولو ببيع القرار، بل ولو اقتضى الامر بيع الوطن.