وأنا اتابع هذه الأيام قنوات (الشيعة الإمامية) وهي تعج بالبكاء واللطم وشج الرؤوس، بمناسبة ذكرى استشهاد الحسين بن علي رضي الله عنه، وكان ذلك في معركة الطف بأرض كربلاء في العاشر من شهر محرم سنة 61 للهجرة، وقد وجدت والله العجب وأنا أتابعهم! وجدتهم يلطمون الخدود ويشقون الجيوب على استشهاد (عبد الله الأصغر) بن علي بن أبي طالب في كربلاء، ولكنهم لا يفعلون ذلك ولا يذكرون شقيقه (أبا بكر) بن علي وقد استشهد معه في نفس اليوم ونفس المعركة وأمهما الاثنان هي (ليلى بنت مسعود الدرامية).
وجدتهم ينوحون في مجالسهم على استشهاد (العباس) بن علي بن أبي طالب وشقيقه (جعفر) بن عليّ، ولكنهم لا يتطرقون إلى اسم شقيقهما الثالث (عثمان) بن علي بن أبي طالب والذي استشهد معهم في نفس المعركة، مع أن أمهم الثلاثة هي (أم البنين بنت حزام الكلابية).
أين النواح والبكاء على عثمان بن علي وقد سقط شهيدا إلى جانب أخويه في كربلاء؟ أين العدل في اللطم وشج الرؤوس وشق الجيوب؟
وجدتهم لا يبكون ولا ينوحون على (عمر الأصغر) بن علي بن أبي طالب بل ولا يذكرون اسمه وهو الذي استشهد في كربلاء وأمه هي (الصهباء التغلبية).
وجدتهم لا يولولون ولا يذكرون كذلك اسم (أبي بكر) بن الحسن بن علي بن أبي طالب الذي استشهد إلى جانب عمه الحسين في كربلاء وأمه هي (رملة بنت إسحاق)،
هذه الأسماء مذكورة ومثبته في كتب (الشيعة الإمامية) كما هو الحال في كتب السنة، فلماذا لا يذكرها من يحيون ذكرى عاشوراء في مجالسهم البكائية؟ هل سقطت سهوا؟
الجواب (لا) لم تسقط سهوا بل سقطت عمدا، والسبب من وجهة نظري، هو أنه قد تم تعبئة العقل الشيعي الإمامي على وجه الخصوص على مدى قرون أن أبا بكر وعمر وعثمان وهم الخلفاء الثلاثة كانوا أعداء لعلي بن أبي طالب! وأنهم قد فعلوا وفعلوا، وبالتالي لو تم التطرق إلى ذكر تلك الشخصيات التي تحمل نفس الأسماء من الذين استشهدوا مع الحسين في كربلاء، حينها سيتساءل العامة من الشيعة وهم الذين يعتمدون في أخذ المعلومة على ما يقوله دعاة الشيعة في الحوزات ومجالس العزاء وغيرها لا على ما تقوله كتبهم القديمة، سيتساءلون ويقولون كيف للإمام عليّ ان يسمي أبنائه بأسماء اعدائه كما صورهم لنا مرجعياتنا ودعاتنا؟ ومن المعلوم ان الآباء في الغالب تختار أسماء شخصيات محببة اليها ومعجبة بها لأي سبب كان فتسمي بها أبنائها.
لقد وجدت أن الشيعة الإمامية في كل مناسبتهم (الحزينة) لا يتطرقون أبدا لذكر الإمام (زيد) بن علي بن الحسين بن أبي طالب -رضي الله عنهم جميعا- الذي استشهد في عهد الخليفة هشام بن عبد الملك بن مروان، فهو أخو محمد (الباقر) الذي يعتبر الإمام الخامس عند الشيعة الاثنا عشرية.
ولقد كان من ضمن إخوة زيد بن علي: (عمر وعائشة). فقد كانت شخصية الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- شخصية محببة عند البيت الهاشمي، وهذا ما جعل الخليفة علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- يسمي اثنين من أبنائه باسم (عمر). (عمر الأكبر وعمر الأصغر). وجعل كذلك حفيده علي بن الحسين (زين العابدين) يسمي أحد أبنائه (عمر). ومن عجائب الشيعة الامامية انهم نفوا الامامة عن (زيد بن علي) بينما اثبتوها لإمامهم (الغائب) الذي قالوا إنه في (السرداب).. الخلاصة التي نقولها في هذه المناسبة هي:
(قاتل الله قاتل الحسين ومن رضي بقتله، وقاتل الله من يستثمر مقتل الحسين لشق وتفريق امة محمد صل الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم)