د. ليلى حمدان تكتب: الشام اليوم!
كحال أسير مفجوع، خرج للتو من قبو موحش مظلم!
قد توزعت على جسده ندوب عتيدة، وسرت بين ثناياه قشعريرة!
تتجلى عليه آثار التعذيب والكدمات.. وفي عينيه العتب والأنّات.. وعلى محياه حفر الظلم أخاديد حزن أليمة!
الشام اليوم كجسد منهك يجر بخطوات بطيئة سلاسل كيد كُسر! تسمع دقات قلبه المتسارعة! تتوق لعصر جديد، لا يكتم أنينها سكير عربيد، ولا يسلبها عمرها طاغوت متجبر نكرة! ولا يحرمها العزة عبد محور، ذليل مأفون!
لا تكاد تصدق!
هل هو حلم أم حقيقة! هل زالت حقبة فساد وطغيان وتبددت أرتال الجلاد المسخ!
الشام اليوم، كنبيل عزيز نفس، استرجع فجأة كرامته، بعد أن سلبت منه مهانا، فنزلت دموعه حارة تنهمر، تتوعد وتحلم من جديد! برجفة خوف!
بدأ الجسد بالتعافي الآن، بعد أن تفرق كيانه في زوايا الأرض، للتو يستشعر دفء ضمادة الجرح وأمان جبيرة الكسر! قد أبصر ضوء الحياة!
فرفقا بشام خرجت بكدمات أشد من كدمات الجسد، إنها كدمات الروح وتداعيات الأسر المضنية!
الشام اليوم بحاجة لأن تتعافى من تداعيات وأد النفس العزيزة الكريمة. ولا يعيدها سيرتها البهية وقوتها المهيبة، إلا الطبيب الجراح الحاذق، الذي يحسن التعامل مع الجروح النازفة، والأمراض المثخنة واضطرابات النفس المقهورة!
يتقن لمّ شتات الذات، وشعث القلب، وتعزيز انبعاث الشهم البطل!
الشام اليوم أمانة! فأحيوها بنور الإيمان والسنة، تستقوي وتزدهر وتصنع أملا ووعدا حقا، بعد أن خرجت من حكم الباطنية النجسة!
أحيوها بالإسلام فتحيا بها أمة أسيرة تترقب بأكباد متقرحة!
أحيوها يا أهل العلم والجهاد، أحيوها بصدق وإخلاص، فهي عقر دار المؤمنين أكيدا!
فاللهم لطفك بأمة الإسلام، وكفالتك للشام، قد طال ليل الظالمين وتاقت النفوس وتصدعت شغفا.