السؤال:
سألني الباحث القرآني المعروف الأستاذ نعمان علي خان عن قوله تعالى في سورة الأحزاب: “يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا، تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا” 5.-51، ما جدواه؟ وقد جاء بعده مباشرة: “لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا” 52، وما معنى قوله “وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ”؟.
الجواب:
تزوج النبي صلى الله عليه وسلم من زينب بنت جحش سنة خمس من الهجرة، وهي السنة التي وقعت فيها غزوة الأحزاب، وتحدثت سورة الأحزاب عن تلك الغزوة وعن زواج النبي صلى الله عليه وسلم من زينب بنت جحش.
تزوج النبي صلى الله عليه وسلم أولا من خديجة رضي الله عنها، فلما توفيت تزوج من سودة بنت زمعة وعائشة بنت أبي بكر، ثم تزوج من حفصة بنت عمر، ثم من زينب بنت خزيمة وماتت خلال أشهر، ثم تزوج من أم سلمة، فكان تحته أربع نسوة (سودة وعائشة وحفصة وأم سلمة) لما نزل قوله تعالى: “فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ” سورة النساء 3، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن من كان عنده أكثر من العدد المنصوص عليه من النساء يختار أربعا منهن ويسرح سواهن، ولم يكن عند النبي صلى الله عليه وسلم وقت نزول الآية إلا أربع فلم يحتج إلى الاختيار والتسريح.
ونص في سورة الأحزاب على أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم يشاركنه في عمل النبوة حيث قال: “وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ” 34، واقتضى ذلك أن يزيد عدد أزواجه على الأربع، فأباح الله له أكثر من الأربع، وخصص ذلك له ولم يشرك المؤمنين في الحكم لعدم المقتضي، وسأتحدث عن هذا المعنى في مقال مفرد إن شاء الله.
وذكر في الآية 5. من سورة الأحزاب أصناف النساء اللاتي أحلهن له، ومنهن بنات عماته، وزينب بنت جحش ابنة عمة النبي صلى الله عليه وسلم: أميمة بنت عبد المطلب، وزينب هي المرأة الأولى التي زادت على الأربع.
ونص في الآية 52 أي قوله “لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ” على أن التوسعة في أمر الأزواج لا تشمل سوى تلك الأصناف المذكورة، ولا أن يتبدل بهن غيرهن.
فلما نهى الله النبي صلى الله عليه وسلم عن زواجه من غير تلك الأصناف أو التبدل بهن نص على أن هذا النهي قطعي ولا يحل له غيرهن ولو أعجبه حسنهن، لأن التوسعة في الزواج كانت لأمر ديني وهو إشراكهن في التعليم والدعوة، فغيرهن وإن كانت أحسن منهن جمالا أو نسبا أو مالا، لا يحل له الزواج منها.