د. محمد أكرم الندوي يكتب: لنا أزواج يا تركي!
خرجت اليوم (سادس صفر سنة 1445ه) قبيل المغرب مع صديقنا الشيخ تركي الفضلي، وهو بلبان السؤدد والشرف رضيع، وبيته غصن من دوحة العرب العرباء رفيع، وصلينا المغرب في بعض مساجد بلد الله الحرام، ثم جلسنا في مقهى اسمه (أوان القهوة) مجدِّدَين عهدنا القديم ومتمتِّعَين من مودتنا بالطارف والتليد، وهو مقهى أديرت عليه فيه الكؤوس صحبة الكرام وائل الحنبلي، وأخيه محمد براء الحنبلي، والشيخ ماجد الحكمي.
تحدثنا قليلا وسرعان ما صرف تركي حديثنا إلى الثناء على أهله وما في قلبه من حب لها وتقدير، وما فيها من معنى الصدق والوفاء غير القليل.
اعلمنَّ يا تركي! إن كانت زوجك حبها مقيما في فؤادك، فلنا أزواجنا بذلنا لهن مهجنا، وإن كانت قد حفظت لك عهودا فإننا أيضًا لم نجرب على أزواجنا صدودا، تزعم أن حياتك عن رضاها عبارة، وأنها إن سخطتْ زهدتَ في الدنيا وما فيها، وأن من يُعط في الدنيا قرينة مثلها فذلك في عيش الحياة رشيد، يا تركي! لسنا دونك فيما زعمت، بيد أننا لا نملك ناصية البيان كما ملكت، ولا نتصرف في مناحي الفصاحة مثلك معربين عن مشاعرنا وعواطفنا.
هل سمعتَ يا ابن أم القرى ويا متقلبا في بطحاء مكة! بـ«تاج محل»؟ فاسمعنَّ إن لم يرو لك الرواة خبره، إنه أروع مبنى في العالم وأسمك حسنا وجمالا، شيَّده الإمبراطور المغولي شاهجهان وهو من أقوى ملوك الهند وأغناهم، بناه ضريحا لزوجه «تاج محل» ليكون تذكارا مخلدا اسمها في سجل التاريخ.
فقال شاعر أردي: «استهزأ ملك بحبنا نحن الفقراء لأزواجنا معوِّلا على ثرائه»، أي إننا نحب أزواجنا كما أحب شاهجهان زوجه، إلا أنه بنى هذه العمارة الخلابة الغراء باسمها، ونحن مُعدمون فلم نجسد أهواءنا كما جسد هو هواه.
سلَّمنا لك الفضل يا تركي! إن قرينتك تنتمي إلى آباء ذوي المجد من عدنان، وهي عربية يهتز لين قوامها في نبل وكرم، وأنها كالبدر المنير في الكمال وفي السعد، واصلة حبلها بحبل عبلة بنت مالك، أو عزة كثير، وبثينة جميل، وأنك إذا كنت معها نسيت رسوم هند وسلمى، وأطلال خولة وفاطمة، وأنك تلثم أرضا هي لها واطئة، وأنك إذا قيل لك: أجمع منها سلوة قلت: كيف وهل يسلو اللجوج؟ ألا ترى يا ابن الفضل أن كلماتك على أهوائنا معتديات، ومن جَوانا وصبابتنا ساخرات .
لا تظنن أن نارا من الحسد أمْلَت علي هذا المقال، فدعائي لكما أن يخلد الله بينكما ألفة ووئاما، ويجعلك صاحب صدق في هواها، ومكافئا لها وفاءها، ويديم الود بينكما صافيا، غير راثٍّ من حبل الصفا جديد، ويبارك فيما علقك من شغف بها وغرام، وينمو حبك لها ويزيد.