د. محمد الموسوي يكتب: أفاعي السوء وباعة الكذب في مهب الريح (44)
الإسلام دين التوحيد والتسامح والمحبة، ومع الزمن تطورت مفاهيم الدين وعلومه ومنها علوم الفقه الإسلامي، واليوم كواقع حال بعيد عن الخوض في تفاصيل التاريخ الذي هو بحاجة إلى مراجعة واسعة أيضا لاسترداد الحقائق المفقودة وتصحيح المسارات الخاطئة والتخلص من الدسائس والأكاذيب والشبهات.. المسلمون اليوم كواقع حال هم طائفتين لكل منهما بعض الخصائص التي ينفرد بها مع الثبات على بعض الثوابت المشركة في العقيدة كالتوحيد والشهادة والحج والصوم الزكاة والاحتكام إلى القرآن والسنة المحمدية والانضباط بتعاليم وقيم وأخلاق الإسلام، وفي كل طائفة من الطائفتين عدة مذاهب فقهية أي رؤى فقهية تختلف في الرأي لكنها لا تتقاطع ولا تتعارض مع القرآن والسُنة، وما يتعلق بمقالنا هذا هو حال الشيعة وغالبية الشيعة هم من الشيعة الجعفرية الإمامية الإثنى عشرية المتواجدين في إيران والعراق ولبنان وسوريا والجزيرة العربية وأفغانستان وباكستان والهند وأذربيجان وأماكن أخرى.
الشيعة مفردة في اللغة تعني أنصار أو موالين، والشيعة المسلمون المقصود بهم ما يُفترض أنهم موالون لله ودينه وكتابه، و لـ آل بيت رسول الله ﷺ الذين كانوا أفضل من أخلص لله ودينه وسنة رسوله، لكن الحقيقة القائمة اليوم بفضل عبث كهنة ولاية الفقيه في إيران ليست كذلك حيث اعتمد هؤلاء الكهنة خطاباً تخديرياً مُضلاً لبسطاء الناس مستغليهم مشاعرهم ومحبتهم لآل بيت النبوة وبدأوا بنسج أساطير وتعاليم متضاربة مخلة وخارجة عن اللياقة ومنطق العقل ونزاهة التاريخ ولصق كل ذلك بالإسلام وبآل بيت رسول الله (ص) بالباطل، والمؤسف أنهم تمكنوا في بادئ الأمر من التأثير على الكثير من الناس واللعب على مشاعرهم بالخداع والاحتيال وقد كلف ذلك عموم المسلمين قرابة أربعة عقود ونصف من المعاناة والدمار ولم يقتصر ذلك على الشيعة فحسب بل مس جميع المسلمين في صلب عقائدهم وكرامتهم.
نهج الخداع والأباطيل نهجٌ اتبعه كهنة ولاية الفقيه منذ عشرات العقود عندما كان هؤلاء الكهنة وعاظاً للسلاطين وعوناً لهم فأسسوا منهجاً ألصقوه بالدين يتفق مع رغبات السلاطين ويتعارض تماماً مع ثوابت وحقائق الدين ووفقاً لهذا المنهج ومع مرور الأيام والسنين خاصة بعد اعتلاء الكهنة عرش السلاطين وباتوا حكاماً تحول هذا الباطل إلى أمر واقع يسري في حياتنا اليوم وينساق له القطيع ولا يسلم منه سوى القلة المحصنة فكرياً، وساء حال الشيعة في جميع البلدان التي ذكرناها طيلة الـ 45 سنة التي حكم فيها الكهنة إيران وذاك حال عموم أبناء الشعب الإيراني لا يسر عدواً ولا صديق، أما العراق بلد المحور الشيعي وأكداس الأموال سواء أموال النفط أو الأموال الشرعية والناس تتضور جوعا وقد نكل بها الفقر فقد أصبح بأسوأ الأحوال إذ تحول هو وشعبه وخاصة الشيعة منهم إلى فريسة لهؤلاء الكهنة، وبات ما يسمونهم بـ مراجع الدين يسعون إلى إرضاء المخلوق بمعصية الخالق وتلبية الشهوات والنزوات وبات الشيعة في العراق شيعاً وأمست الفرقة فيهم مرعبة، ولم يعد هناك مجال لأهل الحق والحقيقة، وأصبح المساس بالدين وارتكاب المحرمات وفعل الموبقات باسم الدين أمراً مشروعاً إما بفتوى وتوجيهات من الكهنة أو بصمتهم عنه إرضاءً لمشاعر سفهاء القطيع؛ وأما لبنان فقد ضيق أتباع الكهنة الخناق على الشيعة اللبنانيين الحقيقيين الوطنيين وكذلك الحال لشيعة سوريا، وأما شيعة الجزيرة العربية في معرض الفتن ويعيشون في حالة من العزلة والتشكيك وعدم التصالح مع الغير والذات.
الحديث عن كهنة ولاية الفقيه وحقيقة أحوال الشيعة بالمنطقة في إيران والعراق والخليج والجزيرة ولبنان وسوريا والدول المجاورة لإيران يطول ويتشعب، ولكن كما يُقال رُب ضارةٌ نافعة.. فحقبة الأربعة عقود ونصف من حكم الكهنة في إيران والتبعية لهم لبنان ثم الحكم في العراق بنسخة منهجهم على مدار العقدين المنصرمين كانت حقبة ضارة نظراً لما أوقعته وأحدثته، ونافعة كونها كشفت النقاب عن ثقافة الكهنة ونهجهم المخادع وبدأ مرحلة من الوعي باهظة الكلفة والثمن.. الوعي الذي لا مناص عنه وسيكون نتيجته الحتمية التي لا مفر منها شنق أخر كاهن بعمامته عمامة الباطل قبل حرقها
.. وللحديث بقية.. وإلى عالم أفضل.